الفجوة بين المشروع التوسعي الإسرائيلي والرد العربي الرسمي!
صدام حسين مقابلة
17-08-2025 03:52 PM
تُظهر تصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو حول “إسرائيل الكبرى” بوضوح أن الرؤية التوسعية ليست مجرد خطاب سياسي عابر، وإنما تمثّل امتدادًا لمسار تاريخي قائم على فرض الوقائع الميدانية تدريجيًا منذ عقود. فقد اعتمدت إسرائيل استراتيجية “التدرج الزاحف”، عبر الاستيطان في الضفة الغربية، وتهويد القدس، والسيطرة على الموارد الحيوية، بما يحوّل الحلم الأيديولوجي إلى واقع جغرافي وسياسي ملموس.
في المقابل، يلاحظ المتابع أن الردود العربية، وإن اتسمت أحيانًا بالحدة اللفظية، ما زالت محصورة في دائرة “الإدانة والاستنكار”، دون أن تتحول إلى سياسات عملية أو أدوات ضغط دبلوماسي واقتصادي قادرة على تعطيل المشروع الإسرائيلي أو حتى كبحه. إن هذا النمط من الاستجابات يعكس حالة من العجز البنيوي في النظام السياسي العربي، الناجم عن الانقسامات الداخلية، وتناقض الأولويات، وتزايد مسارات التطبيع التي تمنح إسرائيل هامشًا أوسع للتحرك بأمان استراتيجي.
وتُبرز هذه المفارقة أن الموقف العربي الرسمي لم ينتقل بعد من مستوى الخطاب التفاعلي إلى مستوى الفعل الاستراتيجي. فالبيانات المشتركة والقمم الدورية لم تنجح في إنتاج آليات إلزامية، سواء عبر المؤسسات الإقليمية كجامعة الدول العربية أو من خلال أدوات القانون الدولي. الأمر الذي يجعل المشروع الإسرائيلي في نظر كثيرين ليس مجرّد طموح، بل واقعًا يتبلور على مرأى ومسمع الجميع، بينما تُختزل الردود العربية في لغة ديبلوماسية إنشائية فقدت فعاليتها مع مرور الزمن.
وعليه، فإن التحدي الجوهري أمام النظام العربي لا يكمن في صياغة بيانات جديدة، بل في القدرة على تحويل الموقف من دائرة الخطاب إلى استراتيجية مقاومة سياسية وقانونية واقتصادية، تعيد التوازن إلى المعادلة، وتمنع تحويل “إسرائيل الكبرى” من تصور أيديولوجي إلى واقع نهائي مفروض على المنطقة.