يمثل الشباب الركيزة الأساسية في بناء مستقبل الأردن، وهم الطاقة التي يعوّل عليها الوطن في مسيرته التنموية والسياسية والاجتماعية، ومن هذا المنطلق، تأتي مبادرات القيادة الهاشمية وفي مقدمتها سمو ولي العهد الأمير الحسين بن عبد الله الثاني، لتعكس رؤية واضحة في تأهيل الشباب وصقل شخصياتهم وتعزيز دورهم الوطني، وإطلاق سموه خدمة العلم الإلزامية أمام الشباب في محافظة إربد يشكّل خطوة استراتيجية تعيد الاعتبار إلى مفهوم الانضباط العسكري والالتزام الوطني، وتفتح المجال أمام جيل جديد أكثر وعيًا وقدرة على خدمة وطنه.

إن إطلاق خدمة العلم الإلزامية من سمو ولي العهد يأتي انسجامًا مع رؤية جلالة الملك عبد الله الثاني، الذي أكد مرارًا أن الشباب هم عماد المستقبل وسند الوطن، ويعتبر الملك أن هذه الخدمة ليست مجرد التزام وطني، بل استثمار في الطاقات الشبابية وتوجيهها نحو الانتماء الفاعل والعمل الجاد، وقد شدّد جلالته في أكثر من مناسبة على أن خدمة العلم تعزز الهوية الوطنية، وتبني جيلاً قادرًا على تحمّل المسؤولية وحماية الأردن من التحديات، بما ينسجم مع رسالته الدائمة في إعداد الإنسان الأردني ليكون الدرع الأول للوطن.

خدمة العلم الإلزامية تعد مدرسة وطنية تزرع في نفوس الشباب قيم الانتماء والولاء، وتمنحهم فرصة فريدة لتعلم الانضباط وتحمل المسؤولية، وهي قيم يحتاجها كل مواطن ليكون عنصرًا فاعلًا في المجتمع، كما تسهم هذه الخدمة في بناء جيل متماسك قادر على مواجهة التحديات الداخلية والخارجية، بما يتوافق مع تطلعات الدولة الأردنية في تعزيز أمنها واستقرارها.

إن الخدمة العسكرية ليست مجرد تدريب جسدي، بل هي منظومة متكاملة لصناعة الإنسان القادر على الانخراط في المجتمع بإيجابية، فهي تعلّم الشباب النظام، الالتزام بالمواعيد، احترام القانون، والعمل بروح الفريق، كذلك، فإنها تمنحهم مهارات حياتية ومهنية يمكن الاستفادة منها في حياتهم العملية لاحقًا، سواء في القطاع العام أو الخاص، ومن خلال هذه التجربة، يتحول الشباب إلى أفراد أكثر نضجًا وإدراكًا لأهمية دورهم الوطني.

انعكاسات خدمة العلم تتجاوز الفرد إلى المجتمع ككل؛ إذ تسهم في تعزيز روح التضامن والتعاون بين الشباب من مختلف المحافظات والخلفيات الاجتماعية، ما يعمق مفهوم الوحدة الوطنية، كما تعمل على الحد من ظواهر سلبية مثل الفراغ والبطالة، عبر توجيه الشباب نحو أنشطة منتجة ومهارات عملية، وبذلك، تصبح الخدمة الإلزامية أداة فاعلة لبناء مجتمع أكثر تماسكًا واستقرارًا.

إطلاق سمو ولي العهد لخدمة العلم الإلزامية في إربد ليس مجرد حدث محلي، بل هو رسالة وطنية شاملة تعكس حرص القيادة على بناء جيل واعٍ ومؤهل وقادر على حماية الوطن والمشاركة في نهضته، إنها خطوة تؤكد أن الأردن يراهن على شبابه، ويمنحهم الفرصة ليكونوا جنودًا في خدمة الوطن، ليس فقط في الميدان العسكري، بل في كل مجالات الحياة.