*من مجد الهيكل إلى نار الشتات
مثّل سقوط القدس عام 70 ميلادية على يد الإمبراطورية الرومانية نهاية الحقبة السياسية لليهود في فلسطين، وبداية مرحلة الشتات الديني والثقافي ، و لم يكن الحدث مفاجئًا ، بل نتيجة تراكمات سياسية ودينية ، وثورات فاشلة ، وانقسامات داخلية ، وهذا المقال يلخص أهم المراحل، ويوثقها بمصادر تاريخية ودينية معتمدة.
جذور الكيان اليهودية في فلسطين
• تعود أولى مظاهر الوجود اليهودي السياسي في فلسطين إلى عهد النبي الملك داود وسليمان (نحو 1000 ق.م) ، حين تأسست مملكة موحدة عاصمتها القدس.
• وفق العهد القديم (سفر الملوك) ، امتدت المملكة على أجزاء من يهودا والسامرة، ولم تشمل كل أرض فلسطين.
• بعد الانقسام بين مملكتي إسرائيل (الشمال) ويهودا (الجنوب) ، سقطت الأولى عام 722 ق.م على يد الآشوريين ، والثانية عام 586 ق.م على يد نبوخذ نصر البابلي ، الذي سبى سكانها ودمر الهيكل الأول.
العودة وبناء الهيكل الثاني
• بعد قرار كورش الفارسي (538 ق.م) ، عاد بعض اليهود من السبي وبنوا الهيكل الثاني.
• خلال الحقبة الفارسية ثم الهلنستية ، بقيت السيطرة اليهودية محدودة ، إلى أن ظهرت ثورة المكابيين (164 ق.م) ، التي أعادت حكمًا ذاتيًا لفترة قصيرة (مملكة الحشمونيين).
الحقبة الرومانية والثورة الكبرى
• في عام 63 ق.م، دخلت روما القدس بقيادة "بومبي"، وفرضت سيطرتها.
• في عهد الإمبراطور "نيرون" ، اندلعت الثورة اليهودية الكبرى (66–70 م) نتيجة الضرائب الثقيلة والإهانة الدينية.
• وفقًا للمؤرخ يوسيفوس فلافيوس (The Jewish War)، فقد كانت القدس قبل السقوط تعج بالصراعات بين فصائل يهودية مسلحة ، ما أدى لإضعاف المقاومة ضد الرومان.
سقوط القدس وتدمير الهيكل
• في أغسطس 70 م، قاد تيتوس الروماني حصارًا خانقًا على المدينة دام 5 أشهر.
• قُتل ما بين 60–100 ألف يهودي، ودُمّر الهيكل الثاني، وسُبِي الآلاف.
• تم نقل أدوات المعبد إلى روما ، ونقشها على قوس تيتوس الذي لا يزال قائمًا حتى اليوم.
• يقول كاسيوس ديو إن الرومان غيّروا اسم المدينة لاحقًا إلى إيليا كابيتولينا ، ومنعوا اليهود من دخولها.
بعد السقوط : ثورة بار كوخبا والشتات
• في 132 عام ، قاد شمعون بار كوخبا ثورة ثانية ، انتهت بكارثة.
• وفقًا لكاسيوس ديو، قُتل أكثر من 580 ألف يهودي ، ودُمرت مئات القرى ، وتم طرد اليهود من القدس نهائيًا.
• غُيّر اسم المقاطعة إلى سوريا فلسطين (Syria Palaestina)، لتقويض أي صلة يهودية بها.
ومن المهم ان نسأل، هل استقر اليهود في كل فلسطين؟
• أظهرت الحفريات والدراسات الأثرية أن الوجود اليهودي كان متركزًا في مناطق يهودا والجليل والقدس، مع وجود محدود في السامرة والساحل.
• لم تكن هناك مملكة يهودية تغطي كامل فلسطين تاريخيًا ، بل امتدادات محدودة بحسب الظروف السياسية ، ان سقوط القدس لم يكن مجرد هزيمة عسكرية ، بل تحوّلًا
جذريًا في تاريخ اليهودية من مملكة محدودة النفوذ، إلى مجتمع متفرق في الشتات ، ومن معبد مركزي إلى ديانة تقوم على التفسير والتقاليد الشفوية . فكل المزاعم اليهودية بحقهم التاريخي بفلسطين ما هو الا ضرب من الادعاء العبثي ، ينقصة الدليل ، وهذا يبين زيف السرديات الاسرائلية بشأن القدس و فلسطين .
حمى اللة الاردن و سدد على طريق الحق خطى قيادته الرشيدة وشعبه المعطاء .
*أهم المراجع:
•يوسيفوس فلافيوس، The Jewish War و Antiquities of the Jews.
•كاسيوس ديو، Roman History.
•العهد القديم (سفر الملوك، عزرا، نحميا).
•Finkelstein & Silberman, The Bible Unearthed.
•Martin Goodman, Rome and Jerusalem.
•Jewish Virtual Library, Wikipedia (Demographic history of Palestine).