facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




الأثر الاقتصادي للمغتربين الأردنيين نبض للوطن (2-2)


فارس متروك شديفات
19-08-2025 01:44 AM

المغتربون الأردنيون ليسوا مجرد أرقام في سجلات المغادرين أو القادمين، بل هم نبضٌ حيٌّ للوطن، يحملون في قلوبهم شعلة الانتماء، ويترجمون هذا الحب إلى عطاءٍ لا ينضب يرفد الاقتصاد الوطني ويُشكل حصنًا اجتماعيًا لأسرهم. إنهم سفراء الأردن في كل مكان، يسطّرون بجهدهم وكفاحهم أروع قصص التضحية والعطاء.

تُعد تحويلات المغتربين الأردنيين إحدى الركائز الأساسية ورافدًا حيويًا للاقتصاد الوطني، فهي ليست مجرد أموال، بل هي شريان حياة يضخ العملة الصعبة في شرايين الاقتصاد، ويعزز استقراره المالي في وجه التحديات. هذه التحويلات تساهم بشكل مباشر في دعم الاقتصاد الوطني.

تجدر الإشارة إلى أن البيانات الصادرة عن البنك المركزي الأردني ، تُظهر تزايدًا مستمرًا في حجم هذه التحويلات على مر السنوات، وتشير البيانات الأولية إلى استمرار الاتجاه التصاعدي ونمو حوالات المغتربين الأردنيين خلال الأشهر الأولى من عام 2025، وهو ما يعكس الدور الحيوي لهذه الحوالات التي تساهم في زيادة احتياطيات البنك المركزي من العملات الأجنبية، وتدعم استقرار الاقتصاد الأردني، وتنشط العديد من القطاعات الاقتصادية ، بالإضافة إلى دورها في تحسين مستويات المعيشة للعديد من الأسر، ويتوقع البنك المركزي الأردني للعام 2025 أن ترتفع تحويلات الأردنيين العاملين في الخارج إلى 3.7 مليار دولار، مقارنة بـ 3.6 مليار دولار في عام 2024، بنمو يقارب 2.8 عن العام 2024.

من المناسب التذكير ان مساهمة المغتربين تتجاوز مجرد التحويلات النقدية، لتشمل دورًا محوريًا في دعم الاستثمار والناتج المحلي الإجمالي، مما يعزز الاستقرار الاقتصادي الكلي، فالعملة الصعبة التي يرسلونها تسهم في دعم قيمة الدينار الأردني، وتنشيط الحركة التجارية، وتغذية احتياطيات البنوك المحلية. كما أن هذه التحويلات تحفز الطلب الكلي في السوق المحلي، مما يؤدي إلى تنشيط مختلف القطاعات الاقتصادية، ويدعم الإيرادات العامة للدولة من خلال ضريبة المبيعات والرسوم المختلفة، وتشير بعض المصادر إلى أن تحويلات المغتربين تبلغ مساهمتها نحو 10 % من الناتج المحلي الإجمالي، وهي نسبة كبيرة نسبيًا.

وبالتأكيد ان هذا التدفق المستمر للعملة الأجنبية يؤثر بشكل مباشر على استقرار العملة الوطنية وقدرة البنك المركزي على إدارة السياسة النقدية، مما يعزز بدوره ثقة المستثمرين ويدعم إيرادات الحكومة ، وهذا يشير إلى دور حاسم، يكاد يكون تأسيسيًا، في مرونة الاقتصاد الأردني، خاصة بالنظر إلى محدودية موارده.

على الرغم من أن جزءًا كبيرًا من هذه التحويلات يتجه حاليًا نحو الاستهلاك الأسري وشراء العقارات وتنشيط الحركة التجارية، إلا أن هناك إمكانات هائلة لتوظيفها في مشاريع استراتيجية وطنية، عبر توجيه التحويلات من الاستهلاك إلى الاستثمار المنتج خاصة في قطاعات حيوية مثل المياه والطاقة والنقل والبنى التحتية.

إن النمط الحالي، الذي يميل نحو الاستهلاك، يؤدي إلى زيادة الواردات ويجعل الأردن "مستهلكًا أكثر منه منتجًا"، مما يشير إلى فرصة ضائعة لتكوين رأس المال وتنويع الاقتصاد؛ هذا يعني ضرورة وجود تدخلات مستهدفة لتوجيه هذه الأموال إلى قطاعات منتجة، وبالتالي تحويل التدفق القائم على الاستهلاك إلى محرك قائم على الاستثمار من أجل التنمية المستدامة وخلق فرص العمل.

ونكرر القول انه لا بد من لمسة إنسانية تُلامس قلوب المغتربين، وتُعبر عن امتنان الوطن لهم، وتُعزز ارتباطهم الوجداني ببلادهم، ببناء علاقة أعمق، أكثر عاطفية وسياسية، هو أمر بالغ الأهمية للمشاركة طويلة الأجل والاستفادة من إمكاناتهم الكاملة، من خلال تطوير آليات التواصل بين المغتربين والوطن، وتحسين جودة الخدمات القنصلية، وتوفير ميزات تجارية وضريبية واستثمارية لهم خلال توقيع اتفاقيات التعاون مع دول العالم.

ونقترح اعداد برامج ثقافية ووطنية للأجيال الشابة من المغتربين، وإطلاق مبادرات لتعزيز ارتباط الأجيال الجديدة بالهوية الأردنية واللغة العربية، وتنظيم فعاليات ثقافية ووطنية في دول الاغتراب، كذلك توسيع مظلة الضمان الاجتماعي، والشراكات مع البنوك والسفارات لتسهيل إجراءات الاشتراك، مما يوفر لهم مظلة حماية وأمان واستقرار للرواتب التقاعدية.

من المهم والضروري مراجعة التشريعات الأردنية، التي لا تمنح المغتربين حق التصويت في الانتخابات البرلمانية خارج الأردن، فهذا التعديل سيعزز شعورهم بالمواطنة الكاملة والمشاركة في صناعة القرار الوطني، ويصحح تشوهًا ونقصًا في القانون وخللاً في التمثيل، فحرمانهم من حقوق التصويت، على الرغم من مساهمتهم الاقتصادية الهائلة، يخلق شعورًا بالحرمان والتهميش، ويتناقض مع نوايا التقدير، فمعالجة هذا الاستبعاد السياسي هي "لمسة إنسانية" قوية من شأنها أن تدل على اعتراف حقيقي ومواطنة كاملة.

للأخوة والاهل المغتربين نقول إن الوطن الذي احتضن أحلامكم، يمد لكم اليوم يد العرفان، ويدعوكم لمزيد من الشراكة في بناء مستقبله المشرق، فلتتضافر الجهود لتقدير دورهم، ولتُترجم الكلمات إلى أفعال، لضمان أن يبقى جسر التواصل قويًا، وأن يستمر هذا العطاء المبارك.

*مدرب التمكين السياسي وقضايا التنمية/ أ. فارس متروك شديفات.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :