لا أريد التحدث عن البرامج الكوميدية التي يقدمها التلفزيون الأردني في شهر رمضان المبارك فانا احد المشاركين في هذه البرامج ومن غير المعقول أن أقدم رأيي..

لكنني سأتحدث عن الكوميديا الحقيقية التي تدور في أروقة ومكاتب المؤسسة التي نكن لها كل الحب والاحترام..

عندما تقدمنا لمؤسسة الإذاعة والتلفزيون بطلب انتاج المسلسل الكوميدي الجماهيري دبابيس زعل وخضرة الجزء السادس, اشترطت علينا توفير راعٍ من احدى الشركات والمؤسسات الخاصة كونه لم يتم ترشيحنا من نقابة الفنانين كم تم ترشيح البعض, فكان العقاب.

بدأنا رحلة البحث عن راعٍ حيث وفرنا راعياً من احدى الشركات المعروفة على مستوى الشرق الأوسط, وكان ذلك في شهر نيسان من هذا العام لكن التلفزيون الأردني لم يعط الراعي أي اهتمام واخبرهم بان الوقت ما زال مبكرا جدا للحديث عن برامج رمضان في نفس الوقت الذي كانت الأعمال العربية جاهزة للبث حتى في سوريا غير المستقرة سياسيا وفنيا..

بعد انتظار طرقنا الأبواب مرة اخرى وكانت الإجابات دائماً (بكير .. أو.. لم تتشكل لجنة الشراء بعد ..أو لم يتشكل مجلس للتلفزيون بعد.. وغيرها)... حتى منتصف شهر تموز من هذا العام عندها استيقظ التلفزيون من سباته قبل شهر رمضان بعشرة ايام واستجاب لمطلبنا بضرورة انتاج الجزء السادس بناء على رغبة الجماهير الأردنية المتعطشة لكوميديا تحاكي همومهم واشترط أن يكون هنالك أحد الرعاة للعمل، ولكن الراعي رحل دون رجعة بعد هذه المعاناة الطويلة.. عندها قمنا بتوفير راعٍ بمبلغ صغير رغم ان هذه ليست وظيفتنا.

الظالم بالموضوع ان دبابيس زعل وخضرة هو البرنامج الوحيد الذي طلب من أبطاله تأمين أحد الرعاة وكأن الإدارة الجديدة تضع حجر العثرة لتكميم الأفواه.

وبالمحصلة وافق التلفزيون على انتاج سبع حلقات في رمضان فقط واعادة بث ثماني حلقات قديمة تم انتاجها في عام 2010 كي تصبح 15 حلقة.. وبسرعة الضوء قمنا بتصوير سبع حلقات كان قد جهز لها منذ أشهر, وسلمت حسب الموعد المحدد بالعقد, ولكن المفاجأة الكبرى أن مدير قسم التنسيق الأكرم في التلفزيون الأردني بعد مشاهدته حلقات المسلسل وخوفا من الحلقات السبع أمر ببث الحلقات في وقت لا يشاهده أحد, حتى ان ذكاءه الخارق قاده الى بث المسلسل يوم الجمعة الساعة التاسعة صباحا والناس نيام وكأنه يريد القول (ممنوع مشاهدة هذا المسلسل الأردني الجماهيري) يأتي هذا في الوقت الذي يبث فيه التلفزيون في الفترات الرئيسية برامج لا أستطيع ان أقول سوى الله يجبر عليكم.

لا أريد الأطالة ولكن الكثير من المواطنين أوقفوني وسألوني عن سبب بث المسلسل في هذا الوقت وعن سبب هدر المال العام اذا كانوا لا يريدونه!

حاولت جاهداً الاتصال بالمسؤولين في مؤسسة الاذاعة والتلفزيون ولكن لم يردوا على اتصالاتي الكثيرة لكثرة اجتماعاتهم التي لم تسفر وللأسف الشديد الا العدم وقتل ما تبقى من مشاهدين للتلفزيون الأردني واجبارهم على الذهاب لمشاهدة محطات عربية تحترمهم كمشاهدين وما زالت سياسة الأبواب المقفلة وعدم الاجابة على الاتصالات الهاتفية هي الطريقة الوحيدة للخروج من المواجهة أو حتى الاجابة على استفسارات مئات الآلاف من جمهورنا الحبيب.

كذلك نقابة الفنانين بيتنا لم نتلق منها الدعم والمساندة بل دعمت اعمالاً اخرى وكأنها تصفية حسابات عن الانتخابات الماضية ولأننا لم نشارك في مسيرة دفن الفنان الأردني في وقت كان الأردن وطننا الحبيب ليس بحاجة الى هذا النوع من المسيرات في هذه الأوقات العصيبة فالفتنة أشد من القتل.

هل هذا هو جزاء الفنان الأردني الذي نحت الصخر كي يقدم نفسه؟.. وهل هذا جزاء الفنان الأردني الذي قدم المواضيع التي تلامس هم المواطن الأردني على المسرح والتلفزيون ومارس حقه بالتعبير عن رأيه؟.. وهل هذا هو جزاء الفنان الأردني الذي ذكره جلالة الملك المفدى هذا العام, وأمر بدعمه ومساندته وعدم تقليص سقف الحريات واعطائه الحرية الكافية كي يقدم رسائله للناس دون شرط أو قيد ودون محسوبية.

حسن سبايلة

hasabaileh@yahoo.com