facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




"الزمن الإسرائيلي" العابر


جمال القيسي
20-08-2025 09:49 AM

رغم ما تبديه إسرائيل من غطرسة عسكرية وتفوق تكنولوجي وما تتمتع به من دعم دولي غير مسبوق، فإنها ليست استثناءً في حركة التاريخ. إنها فصل طارئ في كتاب امتلأ بصفحات لقوى احتلال اعتقدت أن زمنها أبدي، فإذا بها تتهاوى بفعل تناقضاتها الداخلية وصعود قوى مقاومة غير قابلة للكسر.

القراءة السياسية للتاريخ تكشف أن القوة العسكرية_ مهما بلغت_ لا تمنح الخلود. الإمبراطورية الإسبانية رفعت راية الكاثوليكية ومحاكم التفتيش، لكنها انهارت مع صعود قوى بحرية وتجارية ديناميكية. الممالك الصليبية في المشرق، التي حكمت قرنين تحت غطاء القداسة، اختفت تحت ضغط المقاومة. الدولة العثمانية التي توسعت باسم الدين والخلافة تفككت بفعل قومياتها المتناحرة. أما الإمبراطورية البريطانية، التي وصفت بأنها "لا تغيب عنها الشمس"، فقد تفككت خلال عقود قليلة رغم سيطرتها على قارات العالم.

دولة الاحتلال الإسرائيلي، أضعف من هذه الكيانات؛ فهي بلا عمق جغرافي، ومحاطة بمجتمعات رافضة لوجودها، وتقوم على ركيزتين هشتين: الدعم الأميركي المطلق، الذي لم يعد مضمونا في ظل تحولات الداخل الأميركي وصعود تيارات مختلفة؛ والتوظيف السياسي للدين، وهو ما أثبت التاريخ أنه يتحول سريعا إلى عبء وجودي. كل الكيانات التي بنت شرعيتها على الدين السياسي انتهت إلى التفكك!

إلى جانب ذلك، تواجه إسرائيل أزمات داخلية بنيوية: انقسام حاد بين تياراتها الدينية والعلمانية، وأزمة ديمغرافية مع نمو السكان الفلسطينيين داخل الخط الأخضر، وانهيار صورتها عالميا كدولة ديمقراطية، وانكشافها أمام حركات مقاومة محاصرة في غزة أو مطاردة في الضفة. هذه المقاومة، برغم الحصار والاختلال الفادح في موازين القوة، أثبتت قدرتها على إهانة وتعطيل آلة الحرب الإسرائيلية ومنعها من تحقيق نصر حاسم.

لقد أظهرت التجربة الفلسطينية أن الاحتلال لا يُهزم عبر الاتفاقات أو مشاريع التسوية، التي لم تنتج سوى توسع الاستيطان وتعميق نظام الفصل العنصري؛ بل عبر المقاومة التي تمثل فعلا شعبيا ومتجذرا وممتدا عبر الأجيال. ها هي إسرائيل التي حسمت حروبا خاطفة أمام جيوش رسمية، تفشل اليوم في إخضاع مقاومين محدودي الإمكانات، وهذه المفارقة وحدها تكشف أن زمن الاحتلال يتآكل من الداخل.

إن "الزمن الإسرائيلي"، مهما بدا طويلا، هو زمن عابر. ما عجزت القوة العسكرية والاتفاقيات عن حسمه، ستحسمه دائما المقاومة التي تُعيد صياغة المستقبل، وتكتب الصفحة الأخيرة في قصة استعمار وُلد عابرا وسيبقى بغيضا حتى يزول!





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :