حزب المحافظين الأردني: صوت جديد في زمن التحولات
د. بركات النمر العبادي
21-08-2025 11:17 AM
في زمنٍ تتكسر فيه خرائط السياسة وتتصدّع فيه الأطر التقليدية للأحزاب ، يطلّ على المشهد الأردني مشروع وطني ناشئ ، يحمل اسمًا عميق الدلالة: حزب المحافظين الأردني ، ليس مجرد حزب تحت التأسيس ، بل محاولة واعية لإعادة رسم معالم الفعل السياسي بوجه مدني، قومي، مؤسساتي، يعيد الاعتبار لقيم السيادة والهوية والدستور، بعيدًا عن الاصطفافات الطائفية والولاءات العابرة للحدود.
هوية جامعة ورؤية مستقلة
يقوم الحزب على قاعدة صلبة من المبادئ الوطنية:
• الهوية الأردنية مرجعية جامعة لا تُختزل في طائفة أو عشيرة أو جهة.
• الالتزام بالدستور والملكية الدستورية ضمانة للاستقرار والمشروعية السياسية.
• رفض التمويل الخارجي تأكيد على استقلال القرار الوطني ونزاهة الممارسة السياسية.
• التعددية المسؤولة التي تفتح أبواب المشاركة دون أن تسقط في فوضى أو صخب عدمي.
هذه الأسس لا تُقدَّم كشعارات ، بل كعقد وطني جديد يُعيد للمواطن ثقته بالسياسة ، ويؤسس لحياة حزبية ناضجة تليق بالأردنيين.
خصوصية على الخارطة العربية
ما يميّز حزب المحافظين الأردني أنه لا يستنسخ تجارب الآخرين:
• لا ينتمي إلى تيار الإسلام السياسي ولا إلى السلفيات الرافضة للدولة الحديثة.
• لا يتبنى يسارًا راديكاليًا ولا قومية صاخبة تستعيد الماضي أكثر مما تصنع المستقبل.
• بل يقف في منطقة وسطى: محافظة وطنية عقلانية ، قوامها الدستور، السيادة ، والعمل المؤسسي.
إنه أقرب إلى التجارب المحافظة في العالم من حيث احترام المؤسسات والهوية، لكنه يحتفظ بخصوصيته العربية والأردنية، بعيدًا عن الليبرالية الاقتصادية المتوحشة أو العلمانية الصلبة، إنه يمين وطني معتدل، يؤمن بالاستقرار لكنه لا يهادن على حساب الكرامة والسيادة.
توقيت دقيق ورسالة واضحة
ليس ظهور الحزب صدفة، بل انعكاس لحاجات موضوعية:
• فراغ سياسي تركه تراجع الإسلاميين واليسار التقليدي.
• تصاعد وعي شعبي يطالب بمأسسة السياسة بدل الارتهان للشخصانية أو الفزعات المؤقتة.
• استجابة لتحديات قانون الأحزاب لعام 2022، الذي يسعى إلى تشكيل أحزاب وطنية واسعة وقابلة للحياة.
في هذا السياق، يأتي حزب المحافظين الأردني كجسر بين الدولة والمجتمع ، وكمنصة تحتضن النخب من مختلف الحقول : الأكاديميون ، المهنيون ، الشباب ، النساء ، والطبقات التي بقيت طويلًا خارج دائرة التأثير.
حزب للكل لا للنخبة وحدها
إن القيمة الأسمى للحزب تكمن في طموحه إلى أن يكون حزب الشعب، لا حزب النخبة وحدها. أن يحتضن الفئات المهمشة، وأن يمنح الأغلبية الصامتة صوتًا مسموعًا داخل المؤسسات، بدل أن تبقى حبيسة الغضب أو اللامبالاة.
هنا تتجلى رسالة الحزب : أن السياسة ليست حكرًا على أصحاب النفوذ ، بل حق وواجب لكل مواطن ، وأن الأردن يستحق أحزابًا حقيقية تعكس تعددية المجتمع ، لا أن تكون مجرد لافتات موسمية.
وفي الختام إن حزب المحافظين الأردني ليس مجرد إطار تنظيمي ناشئ ، بل هو دعوة إلى مصالحة كبرى بين الأردني ونفسه ، بين الدولة ومجتمعها ، بين الحاضر وتاريخ طويل من الصبر والتضحيات ، هو وعد بأن تتحول الأغلبية الصامتة إلى قوة ناطقة ، وأن تجد الفئات المهمشة مكانها في الصفوف الأولى.
فإذا ما حمل الأردنيون هذا المشروع بقلوبهم وعقولهم ، فسوف يكتبون فصلًا جديدًا في كتاب الوطن : فصلًا يجمع بين الأصالة والمعاصرة ، بين الثبات والتجدد ، بين المحافظة والنهضة ، إنه نداء للأمة الأردنية لتنهض ، لا لتقف على الأطلال ، بل لتبني على إرثها صرحًا جديدًا من المشاركة والسيادة.
حمى الله الأردن، وطنًا يجمعنا ، وقيادةً تسير بنا على دروب الكرامة ، وشعبًا يصوغ بوعيه فجر السياسة القادمة.