بين الدخان الأبيض في الفاتيكان والدخان الرمادي في العبدلي
د. معن متروك العواملة
23-08-2025 11:52 AM
حين ينتظر العالم اختيار بابا جديد في الفاتيكان، تتجه الأنظار إلى المدخنة الشهيرة المنصوبة على سقف كنيسة سيستينا. فهناك، يترقب المؤمنون ظهور “الدخان الأبيض” الذي يعلن اتفاق الكرادلة على خليفة بطرس، أو “الدخان الأسود” الذي يعني أن الخلافات لا تزال مستمرة، مشهد رمزي يختصر لحظة قرار مصيري لمؤسسة دينية كبيرة.
في الأردن، ينتظر الكثير من المهتمين كل دورة عادية جديدة لمجلس النواب لمعرفة من سيكون “رئيس مجلس النواب” المعروف مسبقا، لكننا – مع احترام المقام – لا نرى مدخنة ولا ألوان دخان ومع ذلك، نشهد أجواء مشابهة صمت ترقب تكهنات تحليلات وتسريبات عن التوافقات واجتماعات البيوت والأحزاب خلف الأبواب المغلقة.
في الفاتيكان يختلف الكرادلة ثم يخرج الدخان اما ابيض او اسود في عمّان يختلف النواب او يتفقون النتيجة خروج دخان رمادي من احدى ضواحي عمان لا هو أبيض ولا أسود… لونه رمادي ويسير الجميع خلفه الراضي والزعلان، وهو ما يختصر حالة الأردنيين لا فرح كامل ولا خيبة مطلقة، بل تعايش مع النتيجة
لحظة خروج الدخان الرمادي في مجلس النواب الأردني، يعني بداية موسم جديد من الخطابات تحت القبة، وعودة الوجوه ذاتها إلى مقاعدها المحجوزة باسمها، مع تغييرات طفيفة لا تغيّر الجوهر.
لان الدخان الرمادي… يعني رئيس بالتزكية ولكن عبر التصويت، وبقية المقاعد بالترضية.
في النهاية، يبقى الفارق الجوهري أن المهتمين يترقبون دخان الفاتيكان باحترام ووقار، لأنه يعبر عن آلية انتخاب واتفاق دقيقة ومنظمة يدخل أصحاب الشأن في خلوتهم ولا أحد معهم ويخرجون بعد الدخان الأبيض متفقين، بينما الأردنيون يتابعون دخان المجلس بابتسامة ساخرة مليئة بالتعليقات على منصات التواصل الاجتماعي لأنهم يعرفون النتيجة حتى قبل اشعال حطب المدخنة.