ولي العهد .. الإعداد بالعلم والبناء بالقوة
د. بركات النمر العبادي
24-08-2025 10:56 AM
في عالم تتشابك فيه التحديات وتتداخل فيه الصراعات ، لا مكان للدول التي تكتفي بالمشاهدة أو تكتفي بالحياد البارد ، فالمكانة تُصنع بالإرادة ، والقوة تُبنى بالإعداد ، والإعداد الحقّ لا يقوم إلا على ركيزتين أساسيتين: العلم والقوة ، هنا يبرز الأمير الحسين بن عبد الله الثاني ، ولي العهد الأردني ، ليعيد صياغة مفهوم الإعداد بما يتجاوز الفهم التقليدي ، فيضعه في إطار وطني شامل ، حيث تصبح المعرفة سلاحًا أوليًا ، والوعي الشعبي رصيدًا دائمًا ، والالتفاف حول العرش الهاشمي ضمانة للاستمرار والرسوخ.
حديث ولي العهد عن الإعداد ليس مجرد خطاب بروتوكولي ، بل هو إعلان رؤية ، رؤية تنطلق من قناعة أن الدفاع عن السيادة لا يُبنى على السلاح وحده ، بل على عقول مُهيّأة ، وطاقات شابة مدرّبة ، وبنية علمية قادرة على إنتاج المعرفة وتوظيفها ، من هنا جاءت مبادراته في دعم التعليم المهني والتقني ، ومشاريعه في رعاية الابتكار وريادة الأعمال ، وتأكيده الدائم على دور الشباب باعتبارهم الثروة الكبرى للأردن ، فالإعداد يبدأ من مقاعد الجامعة ، ويمتد إلى ساحات العمل ، ويتوّج بجيش عقائدي محترف يحمل همّ الوطن ويحرس حدوده.
وعلى الصعيد السياسي ، فإن إشارات ولي العهد تحمل رسائل صريحة للمحيط الإقليمي والدولي : أن الأردن ليس الحلقة الأضعف ، وأن تهديدات ضم الأراضي الأردنية إلى الكيان الصهيوني ليست إلا أضغاث أوهام ، تصطدم بجدار من الوعي الوطني والصلابة الهاشمي ، فالأردن ، عبر تاريخه ، كان وما زال سدًّا منيعًا ، وحائط صدٍّ يحول دون مشاريع التوسع والهيمنة.
إن قوة الأردن تكمن في وحدة مكوناته ، وفي التحام الشعب بقيادته الهاشمية ، حيث لا ينفصل الولاء عن الانتماء ، ولا تنفصل الهوية الوطنية عن الرسالة التاريخية للعرش ، وولي العهد هنا ليس مجرد وريث للحكم ، بل وريث لقيم التضحية ، ورسالة النهضة العربية الكبرى، ورمز لاستمرار المشروع الهاشمي الذي يقوم على حماية الأرض ، وصون الهوية ، وبناء المستقبل.
وفي ظلّ هذا المشهد المضطرب ، يبقى الإعداد الذي يتحدث عنه ولي العهد بمثابة خطة خلاص للأردن ، وركيزة لنهضة تمتد أفقًا أوسع من الجغرافيا ، نحو معركة البقاء والكرامة ، فالأردن الذي أرسى دعائمه الملوك الهاشميون ، يتعزز اليوم بقيادة شابة واعية ، تعرف أن القوة لا تُستجدى بل تُصنع ، وأن السيادة لا تُصان بالشعارات بل بالعمل والعلم والإرادة.
إن الأمير الحسين بن عبد الله الثاني هو رمز لهذا الوعي الجديد ؛ وعيٌ يربط بين أصالة التاريخ وقوة المستقبل ، بين سيف العقيدة وقلم الباحث ، بين درع الجيش وكتاب الجامعة ، وحين يلتف الأردنيون حول عرشهم الهاشمي ، فإنهم لا يعلنون الولاء لشخص ، بل لعهدٍ من الصلابة ، ولسيادة لا مساومة عليها ، ولمستقبلٍ لا مكان فيه للضعف أو الارتهان. كما وانه يقف على عتبة المستقبل كوارثٍ للعرش فحسب ، بل كصوت يختزل معنى القوة الأردنية الحديثة: قوة متسلحة بالعلم ، مشبعة بالانتماء ، محصّنة بالإرادة الشعبية ، وحين يلتف الأردنيون حول ولي عهدهم ، فإنهم يلتفون حول مشروع وطنٍ لا يرضى الهوان ، وحول رايةٍ هاشميةٍ رفرفت على تلال الكرامة ، وستظل ترفرف ما دام في الأمة قلبٌ ينبض بالعزة والكرامة .
وهكذا يبقى الأردن ، بقيادته وشعبه ، شامخًا في وجه التهديدات ، ثابتًا في زمن التحولات ، وماضياً في طريق الإعداد حيث العلم هو القوة ، والقوة هي الحياة ، وهكذا، يبقى الإعداد في فكر ولي العهد ليس مجرد استعداد، بل عقيدة وطنية، تضمن أن يبقى الأردن واقفًا في زمن الانحناء، ثابتًا في زمن الاضطراب، قويًّا في زمن التفكك، وشامخًا ما دام على أرضه عرشٌ هاشمي وشعبٌ لا يعرف الانكسار. والإرادة الهاشمية هي الضمانة الكبرى لمسيرة الوطن.
حمى الله الأردن، وطنًا يجمعنا ، وقيادةً تسير بنا على دروب الكرامة ، وشعبًا يصوغ بوعيه فجر السياسة القادمة.