في عالمٍ باتت فيه الألعاب الإلكترونية مثل PUBG وFortnite ليست مجرد تسلية، بل مختبرًا لقدرات التفكير الاستراتيجي والعمل الجماعي، يبرز الأردن كقصة مختلفة. لم يختر الطريق الأسهل ولا الأكثر تقليدية، بل اتخذ قرارًا حاسمًا: الاستثمار في شبابه ليكونوا صانعي المستقبل لا مجرد متلقين له.

هذا التوجه لم يأتِ من فراغ، بل من رؤية يقودها سمو ولي العهد الأمير الحسين بن عبدالله الثاني، وبدعوة شقيقه سمو ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان لحضور الحفل الختامي لكأس العالم للرياضات الإلكترونية .
هذه الزيارة اتت لرؤية تتجاوز التفكير التقليدي بل لتؤسس لفلسفة جديدة، تجعل من العقل الأردني نقطة الانطلاق نحو التميز.

الهدف لم يعد حشو العقول بالمعلومات، بل صقل طريقة التفكير. تحويل التعليم من "حفظ وتلقين" إلى "إبداع وتحليل وابتكار". هذه النقلة النوعية تجعل الشاب الأردني قادرًا على المنافسة عالميًا، وتفتح أمامه أبواب المستقبل في قطاعات تُعيد تشكيل العالم: الذكاء الاصطناعي، علوم الفضاء، وصناعة الألعاب التفاعلية.

ولعل قصة "جواكر" خير مثال حي: فكرة وُلدت في ذهن شباب أردني، تحولت إلى لعبة عالمية واستثمار ضخم. القصة ليست عن الربح فقط، بل عن إثبات أن البيئة الأردنية قادرة على تحويل الحلم إلى إنجاز عالمي.

ما يمنح هذه الجهود قوة أكبر هو الرعاية الملكية المباشرة. فحين يؤكد جلالة الملك عبدالله الثاني، ويترجم ولي العهد هذا التوجه إلى برامج عملية، يصبح الابتكار أولوية وطنية لا مجرد مبادرة شبابية. إنها رسالة واضحة أن الأردن، رغم محدودية الموارد، يضع شبابه في قلب مشروع المستقبل.

أما الذكاء الاصطناعي، فهو ليس مجرد تقنية في هذه الرؤية، بل أداة لإعادة تشكيل وعي الشباب، وتحويلهم من مستهلكين للتكنولوجيا إلى قادة لها. وهنا يبرز دور سمو ولي العهد كجسر يربط بين طموحات الجيل الأردني ومتطلبات القرن الحادي والعشرين.

أن الأردن لا يركض خلف ركب التحولات الرقمية، بل يختار أن يقودها من خلال الاستثمار في الإنسان. طريق يرسمه ولي العهد مع جيل واعٍ وطموح، ليؤكد أن المستقبل لا يُنتظر، بل يُصنع.