عمّان التاريخية .. تنقل قلب العاصمة إلى الحياة
المهندس مازن الفرا
27-08-2025 01:54 AM
وسط البلد في عمّان ليس مجرد سوق شعبي أو شوارع مكتظة بالسيارات، بل هو ذاكرة وطنية ومتحف حيّ يحكي قصة الأردن عبر أجياله. من المسجد الحسيني الكبير إلى المدرج الروماني، ومن أسواق “البالة” إلى مقاهي المثقفين، ظلّ هذا المكان مركزًا نابضًا للعاصمة لعقود طويلة، ويستحق أن يكون في مصاف العواصم العالمية.
لقد آن الأوان أن نعيد الاعتبار لهذا القلب، وأن نطلق عليه الاسم الذي يليق به: “عمّان التاريخية”.
دروس من العالم: إسطنبول، برشلونة، القاهرة، جدة
مدن عديدة حول العالم أعادت إحياء مراكزها التاريخية عبر تحويلها إلى مناطق مشاة فقط:
• إسطنبول القديمة حيث البازارات والمساجد والمتاحف أصبحت مقصدًا عالميًا.
• برشلونة التي جعلت شوارعها التراثية مركزًا للفن والسياحة.
• القاهرة الفاطمية التي تحولت إلى وجهة سياحية وثقافية.
• وأخيرًا جدة التاريخية التي أُدرجت على قائمة التراث العالمي لليونسكو بعد مشروع تطوير شامل أعاد إليها الحياة.
عمّان التاريخية… منطقة مشاة فقط
الفكرة واضحة وبسيطة:
• إغلاق الشوارع أمام السيارات وتحويلها إلى مسارات مشاة.
• إنشاء مواقف سيارات خارجية واسعة عند مداخل المنطقة (رأس العين، جسر العبدلي، المحطة).
• تشغيل عربات كهربائية صغيرة (غولف كار) تنقل الزوار من المواقف إلى قلب “عمّان التاريخية”.
• رصف الشوارع ببلاط تراثي، وزراعة أشجار، ووضع مقاعد عامة، وإنارة كلاسيكية حديثة.
من الباعة المتجولين إلى الأكشاك التراثية
الهدف ليس إلغاء الباعة المتجولين، بل تنظيمهم:
• توفير أكشاك موحدة التصميم ونظيفة برسوم رمزية.
• تحويلهم إلى جزء من المشهد السياحي بدل أن يكونوا عنوانًا للفوضى.
• عرض مأكولات وحرف يدوية محلية تضيف أصالة وجاذبية.
مطاعم أيقونية وهوية غذائية
وسط البلد ارتبط في وجدان الأردنيين والزوار مع:
• الكنافة النابلسية التي صارت رمزًا شعبيًا يتذوقه السائح قبل المغادرة.
• مطعم هاشم الذي جمع على موائده الملوك والسياح والأردنيين من كل الطبقات.
هذه المعالم يجب أن تكون في قلب الخطة، وأن تُسوّق عالميًا كجزء من تجربة “عمّان التاريخية”.
الفوائد المتوقعة
• سياحية: جعل عمّان محطة رئيسية على خريطة السياحة العالمية إلى جانب البترا والبحر الميت.
• اقتصادية: زيادة الحركة التجارية، ورفع قيمة الاستثمار العقاري والتجاري في المنطقة.
• اجتماعية: خلق فرص عمل جديدة (سائقو العربات الكهربائية، أصحاب الأكشاك، مرشدون سياحيون).
• بيئية: تخفيف التلوث والازدحام وتحسين جودة الحياة في العاصمة.
الخلاصة
كما نجحت جدة التاريخية في أن تتحول من منطقة قديمة مهمَلة إلى أيقونة سياحية عالمية، وكما فعلت إسطنبول القديمة وبرشلونة والقاهرة الفاطمية، فإن عمّان التاريخية قادرة على أن تكون الحكاية القادمة.
المطلوب فقط: قرار جريء، إرادة حقيقية، ورؤية وطنية ترى أن قلب العاصمة يستحق أن يعود نابضًا بالحياة.
وللحديث بقية...
farramazen@hotmail.com