facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




صعود اليمين الديني السياسي وتراجع الوسط واليسار عالميًا: الأسباب والدوافع


د. راكان أبو طرية
27-08-2025 08:42 PM

شهد العالم خلال العقدين الأخيرين تحولات جذرية في الخريطة السياسية، أبرزها تنامي قوة التيارات اليمينية ذات الطابع القومي أو الديني، مقابل تراجع التيارات اليسارية والوسطية التي طالما شكّلت ركيزة للتوازن السياسي والاجتماعي. هذه الظاهرة لم تعد مقتصرة على دول بعينها، بل باتت سمة عالمية تتجلى في أوروبا، والولايات المتحدة، وأميركا اللاتينية، والشرق الأوسط، بما في ذلك كيان الاحتلال.

أولاً: السياق العالمي لصعود اليمين

الأزمات الاقتصادية والاجتماعية: الأزمات المالية العالمية، وتفاقم البطالة، واتساع الفجوة الطبقية، أدت إلى اهتزاز الثقة بالأنظمة الليبرالية والاشتراكية التقليدية، مما فتح الباب أمام خطاب يميني يَعِد بالحسم والعودة إلى "الأصول".

الهجرة والهوية: تنامي موجات الهجرة واللجوء في أوروبا وأميركا خلق حالة من الخوف لدى شرائح شعبية، استثمرتها الأحزاب اليمينية عبر شعارات "حماية الهوية" و"الأمن الثقافي".

الإرهاب والحروب: العمليات الإرهابية والصراعات المسلحة دفعت المجتمعات نحو خيارات سياسية متشددة ترى في القوة الأمنية والدينية وسيلة للردع والاستقرار.

تراجع الثقة باليسار: فشل أحزاب يسارية في تقديم بدائل واقعية، خصوصاً بعد تجارب اقتصادية غير ناجحة، جعلها تفقد بريقها أمام شعارات اليمين.

ثانياً: اليمين الديني في كيان الاحتلال

في الكيان الاحتلال، تُجسد الحكومة الحالية بقيادة بنيامين نتنياهو وتحالفه مع أحزاب دينية وقومية متطرفة نموذجاً صارخاً لصعود اليمين الديني.

غياب اليسار: حزب العمل، الذي أسس الدولة العبرية وقادها عقوداً، تراجع إلى الهامش السياسي بسبب عجزه عن تقديم مشروع مقنع للجيل الجديد.

انقسام الوسط: الأحزاب الوسطية مثل "أزرق أبيض" أو "يش عتيد" فشلت في تشكيل كتلة صلبة قادرة على مواجهة تحالف اليمين – الديني، بسبب الانقسامات الشخصية والبرامج غير المتماسكة.

الخوف الأمني والهوية الدينية: تزايد الصراع مع الفلسطينيين، وغياب أفق الحل السياسي، جعل المجتمع الإسرائيلي ينزاح نحو خيارات يمينية ترى في الدين والتشدد القومي ضماناً للبقاء.

دعم القاعدة الاجتماعية: شرائح واسعة من المستوطنين والحريديم تمنح اليمين الديني قاعدة انتخابية صلبة، يصعب اختراقها من قبل أحزاب وسطية أو يسارية.

ثالثاً: الدوافع الأعمق للظاهرة

الأزمة البنيوية للديمقراطية: النظام الديمقراطي التقليدي يعاني من تراجع الثقة والتمثيل، حيث يرى الناخب أن السياسيين الوسطيين عاجزون عن إحداث التغيير.

عودة "السياسة الهوياتية": بدلاً من النقاشات الاقتصادية والاجتماعية، أصبح التركيز على الهوية والدين والقومية، ما يمنح اليمين مساحة أوسع للتأثير.

الإعلام ووسائل التواصل: المنصات الرقمية ضاعفت من تأثير الخطاب الشعبوي المبسط، وهو ما يخدم التيارات اليمينية أكثر من الأحزاب التقليدية.

خلاصة القول إن صعود اليمين السياسي الديني في العالم يعكس أزمة عميقة في النظم السياسية والاقتصادية والاجتماعية، حيث يعبر عن بحث المجتمعات عن "اليقين" في زمن التحولات. إلا أن هذا الصعود يحمل في طياته مخاطر كبيرة: تكريس الانقسام، إضعاف الديمقراطية، وتعميق الصراعات الداخلية والخارجية. وما نشهده في كيان الاحتلال اليوم ليس سوى صورة مكثفة لهذه الظاهرة العالمية، حيث تلاشى اليسار والوسط، واحتكر اليمين المتشدد المشهد السياسي، بما يحمله من تداعيات على مستقبل المنطقة بأسرها.

* الدكتور راكان أبو طرية/ أستاذ العلوم السياسية.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :