فضل شاكر هو فضل من الله على الغناء العربي. فالغناء كلام مُنَغَّم، بعضه له وقع السحر على النفس البشرية والغناء لغة تخاطب في علم الجمال والثقافة. أشكال غنائية تعبر عن الفرح والحمد، وبعضها عن الألم والرجاء، مما جعلها مصدر إلهام للتلاوة، الترتيل كمزامير داوود والتي سمعنا تشبيها لها في باحات المسجد الاقصى قبل أيام من قبل المُحتل.. كمختص متذوق تفاجأت بهجوم ناعم على الساحة الغنائية العربية؛ من قِبَل الفنان العربي الاسطورة فضل شاكر وبثلاثة أغاني (كسّروا الدنيا)على رأي البلاغة الشعبية المصريّة...اغنية (كيفك ع فراقي) من الحان الجهبذ الفنان النشمي وائل الشرقاوي الذي استقى من نبع والده المرحوم بإذن الله الفنان الاردني غازي الشرقاوي؛ والذي كان مدرسة موسيقة اردنية عربية نهل منها الشبل وائل الموهوب بأمر الله والذي أثرى، بإبداعاته الفطرية المصقولة، النغم الاردني..أطرب فضل شاكر ملايين البشر من المحيط الى الخليج بكبسة زر ابداعية وانتج اغنية في غرفة يكاد زيتها يضيء وعلى ضوء مسحور لاتستطيع ان تفك لغزه، كسلاح الجنوب… كيفك ع فراقي لحن اردني، وكلمات اردنية نحتتها سحر الهنيدي هذه النشمية المبدعة التي حلمت بالحياة وحققت حلمها بعد ١٣ عام بأن تكتب كلمات اغنية لساحر النغم وكان لها ذلك…

اهم ميزة جاذبة في صوت الفنان فضل شاكر، هو صوته الغنّاء، مجروح بخامة دافئة لاتجيد الصراخ، والتي تشعرك بحزن دفين ورثه عن اجداده الفنيقيين القدماء في بيبلوس و أرواد وعكا وحيفا.. وأما الميزة الثانية فهي طابع الحانه العربية العربية التطريبيّة الراقصة، وتخميره لربع التون في جُل اغانيه التي تأخذ الطابع (الشاكريّ) بما فيه من تشابه وتشابك لحني فإذا احببت أغنية وجب عليك حسيا ان تحب الأخرى، لانها نابعة من نفس الروح وعلى نفس النسق. كما ان استخدامه لربع التون،الذي اسقطه الغناء العربي المعاصر، والذي يعتبر ميزة دامغة في الموروث الغنائي العربي ولا يحلوا التطريب الا به.

اما قصة هذه المقالة فهي اغنيتة الاخيرة (صحاك الشوق من نومك وبقلبي تع كفي نومك)… فضل شاكر فنان تختبيء بين احرف نَطْقِهِ اسرار النغم فهو في مخاض فنّي يفاجأنا بين كل ليلة وضحاها بأغنية سرعان ما تنتشر كأنها تذروها الرياح…

شعرت بنشوة جامحة عند سماعي مطلع الاغنية القريب الى طفولتي لاجد ان مطلع هذه الاغنية مقتبس، بغير قصد، من مطلع الاغنية الاردنية (ياهلا بالضيف ضيف الله) هذه الاغنية التي أدتها اللبنانية سميرة توفيق في ثمانينات القرن المنصرم، الاغنية التي عبّر الشاعر من خلال كلماتها عن كرم الاردنيين وحسن ضيافتهم وحسن الملقى ودفء الوداع… اغنية (صحّاك الشوق) حصدت حب الملايين من خلال منصات التواصل الاجتماعي وخلال سويعات أصبحت تريند على لسان كل عاشق. هذا هو السلاح الناعم، سلاح النغم والذي لايمكن فصله عن سلاح السلطة الرابعة.. الحان فضل فيها من العشق والجمال ما يبعث الطمأنينة في نفس المتلقي وتروي تعطّش الانسان العربي، الذي مزقت احلامه طبول الحروب، لمتنفس يشتَمّ من خلاله رائحة الحرية والامل بغد أفضل يحمل في طياته المحبة والسلام ويبحر بسفينة قبطانُها عَشِق التوهان.