أبو السمن ينعى صديقه إبراهيم أبو منيفي
28-08-2025 11:24 PM
عمون - ينعى بلال أبو السمن وفاة صديقه إبراهيم مصطفى أبو منيفي، الذي إرتقى شهيدا مع عدد من أقربائه بتاريخ 16 تموز 2025 بعد قصف اسرائيلي بالقرب من جامع مالك بن أنس في شارع ابو عريف في مدينة دير البلح بقطاع غزة.
وقال أبو السمن في نعيه لصديقه إبراهيم :
سلامٌ على إبراهيم
لم أدرِ أن ١٥-٧ كان اليوم الأخير يا إبراهيم..
عهدت الدنيا تتمهل أكثر من ذلك..
كنت في كل مرة أتواصل معك أو تتواصل معي أريح قلقي، وأزيح عني عناء التفكير في أن تُفقد..
فتحت التلغرام اليوم، بعد غياب نشاطك فيه، وأرسلت رسالة إليك رسالة الاطمئنان، وانتبهت إلى أن التلغرام يؤكد أنك غائب منذ أكثر من شهر..أفزعتني قليلا، فذهبت إلى الواتساب، فأفزعني أكثر..ربما الانترنت...
فعلت ما كنت أخشاه..بحثت عن اسمك عكسيا، فأكدت كل عملية بحث في الفيسبوك، قنوات التلغرام، هكذا بلا مقدمات: أنك ارتقيت شهيدًا بعد محادثتنا بيوم واحدٍ فقط
إلى الآن لا أدري كيف ولماذا.. غير أني أعرف القاتل
إبراهيم..صاحب قديم لبحر غزة وشاطئه، وخريج الترجمة من الأزهر، ورفيقي في عالم طويل من الألعاب الإلكترونية والتقنية.. عرفته صدفةً محضة في إحدى الفضاءات الالكترونية..قبل عام ٢٠١٩.
لم تمنع المسافة والحواجز بيننا، أن يكون صديقا مفضلا على الدوام، ولم تمنع انقطاعات الكهرباء أن نتحين الأوقات لنتواصل ونمضي الوقت في العالم الرقمي..
كان إبراهيم مهووسًا بالتقنية، قبل ثلاثة أعوام تقريبًا فاجئني بدخوله عالم العملات الرقمية، واستطاع بفترة وجيزة أن يخوض غمار هذا العالم، وكان يلحُّ عليّ أن يعلمني مبادئ التداول، وكنت أستجيب أحيانا على مضض أن يشاركني شاشته ويشرح لي الشمعات وتفاصيلها..
كان محبًا للأدب واللغة، في بداية معرفتنا، كنت مولعًا بالشعر الجاهليّ، وكنت كما أصبح يعلّمني التداول، أقرأ له معلقة عنترة بن شداد وأشرحها له، أو يشرحها لي، نتنازع في المعرفة... كان العالم أيّامها غير هذا العالم، كان هادئا وواعدًا..
كان إبراهيم مذ عرفته، حزينًا، حالَ أيّ شابٍ يقاوم ثقل الحياة في غزّة، غير أنه كان قويًا وعنيدًا، سعيهُ لا يهدأ، ومعارفه تتوسع يومًا فيومًا...حتى قبل استشهاده بيوم لما تواصل معي، كان يسعى ويسأل ويبحث..
كانت تجمعني مع إبراهيم لغةٌ عالية، وتعابير قوية، ومناقشات تطول، كان الفجر أحيانا يطويها مؤذنًا بقرب انقطاع الكهرباء، كان يحكي لي عن غزّة، بحرها، جمال رحلات الشاطئ، عن بدو غزّة، تعابيرهم، دحيّاتهم الجميلة..كان الصديق الذي لا يُملّ، وكان الصديق الذي مهما طال الانقطاع، لا يتغيّر صفوه .
كان إبراهيم وكان..
كان ذلك الشابّ العربيّ المعتزّ بهويته العربيّة الإسلاميّة بأشد ما يكون من الاعتزاز..
كان أبيًّا إلى ما لا يوصف من إباءٍ وشموخ ..
لن أنسى تغيّر وجهه وجسمه في ظل التجويع القاسي الذي شهده ويشهده القطاع، غير أنه لم يأبه بجوعٍ وتعبٍ وظل مقاومًا وصامدًا، وأيام الهدنة كان يروي لي أن القادم غير مبشّر، وأنها أيام مقتطعة وستمضي..
مضى إبراهيم، كنت أناديه، برهوم، ومرت فترة من زمن انقضى أستفزه ممازحا بإبراهام ..
مضى، ولست أجد اللغة التي وسعت أحاديثنا تتسع الآن أن أرثيه..
أرثيه بكل ما في قلبي من فجع وصدمة
أرثيك يا إبراهيم بحجم صبري على انتهاء الحرب عاقدًا الأمل أن تعود أيامنا الخوالي
أرثيك بقدر سعيك وحزنك وصبرك وإبائك
سلامٌ عليكَ يا إبراهيم..
شهيدًا
رضيًّا
حزينًا
قويًا
أبيّا