facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




ما بين الجامعة والميدان… هكذا فتح سعد السيلاوي الطريق


نادر المناصير
31-08-2025 06:55 PM

قبل أيام، نظمت جامعة البترا لقاءً لخريجيها القدامى من قسم الصحافة والإعلام. كنت من بين الحضور، جالسا إلى جانب زملاء شاركوني ذات مرة نفس الفصول الدراسية في الجامعة… اليوم هم أصدقاء، وصحفيون مرموقون وأصحاب مسيرة مهنية مميزة. ‏

دار الحديث خلال اللقاء إلى مخرجات كليات الإعلام، وإلى سؤال مألوف ومستمر: هل يجد الطلاب حقا فرصتهم بعد التخرج؟ كما تطرقنا إلى مخاوف العديد من الطلاب الحاليين، وخاصة أولئك في السنة الدراسية الأخيرة، والذين غالبا ما اشتكى كثير منهم من قلة الاهتمام بهم خلال تدريبهم في وسائل الإعلام معينة.

اتفق الكثيرون على حقيقة بسيطة، عندما يدخل الطالب غرفة الأخبار لأول مرة، غالبا ما يجدها أشبه بخلية نحل، الجميع تحت ضغط، ومواعيد نهائية تلوح في الأفق، ومكالمات هاتفية هنا وهناك، وأخبار عاجلة تتكشف وتتطور. في بيئة كهذه، لا أحد يملك رفاهية متابعة المتدرب خطوة بخطوة. يُفرط الصحفيون في التركيز على نقل الخبر بدقة، لأن الخطأ لا يغتفر لانه قد يُلحق الضرر ليس فقط بمصداقية الصحفي لدى الجمهور، بل بسمعة المؤسسة بأكملها.

ومع ذلك، يتوقع بعض الطلبة المتدربين أن يكونوا محور الاهتمام، وأن تُقدم لهم المعرفة على طبق من ذهب، وأن يُمنحوا التقدير فورا، ما يغفلونه هو أن الصحافة لا تعني منح الفرص، بل هي استقطابها. غرفة الأخبار لا تُبطئ من وتيرة المتدرب، بل المتدرب هو من يجب عليه مواكبة الوتيرة، والمراقبة الدقيقة، واغتنام كل فرصة للتعلم. الصبر والتواضع والمثابرة ما يفتح الأبواب في النهاية.

لقد تعلمتُ هذا الدرس بنفسي عام 2009، عندما كنتُ متدربا وبعدها موظفا في مكتب العربية في عمّان، إلى جانب متدربين آخرين لاحظنا وقتها أن الفجوة بين النظرية الصفية والعمل الميداني هائلة. لهذا السبب سعى الكثير منا إلى أن يجد مؤسسة صحفية ليتدرب فيها قبل التخرج، لأننا كنا نعلم أن الصحافة الحقيقية لا تُدرس في المحاضرات فقط، بل تُعاش في الميدان.

كان المكتب آنذاك غامرا، عاصفة من الأصوات، وضغوطات، ومواعيد نهائية. ومع ذلك، وسط كل هذا الضجيج، برزت شخصية سعد السيلاوي الذي كان يتجهز وقتها لمباشر (لايف) على شاشة قناة العربية. لم يكتفِ بملاحظة وجودنا، بل خلق لنا مساحة. فتح لنا أبواب الفرص، مهما كانت صغيرة، ومنحنا فرصة أن نكون جزءا من حدث حقيقي.

أتذكر بوضوح موقفا فيما بعد، أشعل خبرا عاجلا حماس المكتب. الكل غارق في جمع المعلومات، وكنت واحدا منهم، نظر إلي سعد، وبهدوء وحكمة، قال جملة أصبحت بوصلتي:

"تذكر دائما .. وطنك ليس خبرا."

حددت هذه الجملة نوع الصحفي الذي أطمح أن أكونه. لم تكن الصحافة استغلالا لمعاناة الأمة من أجل الإثارة، بل كانت احتراما للسياق و بأمانة، وحماية للكرامة، وتحملا للمسؤولية.

في ذلك الوقت، تلاشى أولئك الذين افتقروا للصبر. لكن أولئك الذين صمدوا، أولئك الذين انتظروا، وتعلموا، وثابروا، وجدوا مكانهم في النهاية. وكثيرا ما فعلوا ذلك بفضل مرشدين مثل سعد السيلاوي، الذي آمن بأهمية منح الصحفيين الشباب فرصة.

تبذل الجامعة جهودا أكبر لسد الفجوة بين قاعة الدراسة والميدان، هذا ما تطرق إليه عميد كلية الإعلام خلال الملتقى.. توفر الجامعة وجامعات أخرى التي تدرس الصحافة والإعلام الاستوديوهات وتقوم بالتنسيق لطلابها لخوض التدرب في وسائل اعلام محلية مختلفة، وهي فرص لم تُتح لنا في عصرنا.

ومع ذلك، نصيحتي لطلاب صحافة والإعلام أن ما يميزك حقا هو الصبر والتواضع وشجاعة المثابرة عندما تشعر غرفة الأخبار بالإرهاق. الصحافة ليست امتيازا، بل مسؤولية. إنها قوة، قوة الإعلام، والتساؤل، والبحث عن الحقيقة، وإعطاء صوت لمن لا صوت لهم. استخدم هذه القوة بنزاهة، لأن المصداقية ستظل دائما أعظم نقاط قوتك.

يشهد المشهد الإعلامي اليوم ازدحاما غير مسبوق بالخريجين المتحمسين. المنافسة شديدة، والفرص نادرة لاسيما في ظل السوشال ميديا. لكن الدرس يبقى كما هو، الصحافة ليست سباقا نحو الإشباع الفوري، بل هي اختبار للصبر والمرونة والنزاهة والصدق. والأهم من ذلك كله، أنها تذكير بأن وراء كل عنوان رئيسي وطنا، وهذا ليس "مجرد خبر".





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :