facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




ذكرى المولد النبوي الشريف .. نفحة نور وتجديد عهد


د. بركات النمر العبادي
03-09-2025 10:43 AM

في كل عام، يهلّ علينا الثاني عشر من ربيع الأول ، لا كذكرى زمنية عابرة ، بل كنفحة نور تتنزّل على القلوب ، تعيد إليها صفاء الفطرة ، وتذكّرها بميلاد الرحمة المهداة ، محمدٍ ﷺ ، الذي أشرقت به الأرض بعد أن لامستها حُجب الظلام قال تعالى: ﴿وما أرسلناك إلا رحمةً للعالمين﴾ [الأنبياء: 107].

إنها لحظة تستدعي من الأمة أن تقف خاشعة أمام سرّ الرسالة ، مستحضرةً أن ميلاد الحبيب المصطفى كان ولادةً جديدة للإنسانية جمعاء ، وفي الأردن ، كما في كل أرض أحبّت رسول الله ، يتجلّى هذا الحضور في المساجد العامرة بالذكر ، والمجالس التي تنبض بالقرآن والمدائح ، حيث تلتقي القلوب على ميثاق المحبة والوفاء.

ليس المولد الشريف مجرد مدائح تُقال ، أو أنوار تُضاء ، بل هو تجديد للعهد مع السيرة الطاهرة ، وتذكير أن طريق النجاة يبدأ من استلهام مكارم الأخلاق التي بعث النبي ﷺ لإتمامها، كما قال: «إنما بُعثت لأتمم مكارم الأخلاق» (رواه مالك) ، فالأمة التي تُحيي هذه الأخلاق إنما تُحيي روح الرسالة ، وتبني مجتمعات قوامها العدل ، ومحرابها الرحمة ، وغايتها عمارة الأرض بما يُرضي الله.

وليس أعظم شاهد على صدق الحب من مواقف الصحابة الأجلاء ، فهذا الصديق رضي الله عنه ، يوم وفاة النبي ﷺ ، يُعلن للعالم كله: «من كان يعبد محمدًا فإن محمدًا قد مات ، ومن كان يعبد الله فإن الله حي لا يموت» ، ليثبت أن الرسالة خالدة ، وأنها باقية ما بقي الزمان ، أما الفاروق رضي الله عنه ، فكان قلبه يخفق بمحبة لا يضاهيها حب ، حتى قال: «لَأنتَ يا رسول الله أحبُّ إليَّ من نفسي التي بين جنبي». فهكذا يكون الحب الصادق، وهكذا يكون الوفاء.

وإذا كان الأردن يحتفي اليوم بمولد النبي ﷺ ، فإنما يحتفي بروح الوحدة التي تجمع أبناءه ، وبقيم الوسطية والتسامح التي هي عماد أمنه واستقراره. فالمولد الشريف هنا ليس حدثًا شكليًا، بل هو دعوة لارتقاء النفوس ، وتذكير بأن بناء الوطن لا ينفصل عن السير على خطى الحبيب المصطفى ﷺ؛ طريق الرحمة والعدل والصفاء.قال تعالى:

﴿لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيرًا﴾ [الأحزاب: 21].

إنها ذكرى تتجدّد لتقول لنا : إن محبة الرسول ﷺ ليست كلمة على اللسان ، بل هي نهج حياة ، وعهد صدق ، وميثاق وفاء ، إنها دعوة لأن يظلّ الأردن ، وسائر أوطان المسلمين ، منارات نور، تحيا بالرحمة التي جاء بها النبي الكريم ، وتبقى وفيّةً لرسالته العطرة ما دامت السماوات والأرض.

وهكذا، يبقى المولد النبوي الشريف ليس مجرد حدث في تقويم التاريخ ، بل سرًّا متجدّدًا في تقويم الأرواح ، ففي كل ميلاد نتذكر أن النور المحمدي لم يُولد في مكة فحسب ، بل يولد في كل قلبٍ يصفو، وفي كل عقلٍ يطلب الهداية ، وفي كل روحٍ تتيقن أن الوجود بلا رحمة باهتٌ مظلم ، إن معنى المولد أعمق من لحظة زمنية ؛ إنه ميلاد متواصل فينا ، يذكّرنا أن الإنسان يولد حقًا حين يستنير بنور الرسالة، ويصير قلبه موضعًا للرحمة التي وسعت السماوات والأرض.

إنه مولدٌ يتجاوز الحجارة والأبنية ، ليمسّ جوهر الكينونة نفسها ؛ فالنبي ﷺ لم يكن فردًا في التاريخ ، بل كان المعنى الذي به يستقيم التاريخ ، والميزان الذي تُوزن به خطى البشرية ، ومن يدرك هذه الحقيقة يعلم أن السير على نهجه ليس واجبًا تعبديًا فحسب ، بل هو تجلٍّ للبحث الأزلي عن الحق والجمال ، عن المحبة التي هي أصل كل وجود ، وعن النور الذي لا ينطفئ.

فالمولد إذن ليس عودةً إلى الماضي ، بل عبورٌ إلى المستقبل بنورٍ خالد ، و هو لحظةٌ يصغي فيها الإنسان إلى همس الأبدية في داخله ، فيجد أن الرسول ﷺ لم يأتِ ليعلّمنا كيف نعيش فحسب ، بل ليعلّمنا كيف نحيا بنور الله ، وكيف نصير بأنفسنا آياتٍ شاهدة على أن الرحمة هي قدر الوجود وغايته.

حمى اللة وطننا الاردن وحفظ قيادته وشعبه.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :