البطالة ليست قدراً محتوماً، بل فرصة لإعادة بناء الاقتصاد الوطني
كل عام نقرأ تقريراً جديداً عن نسب البطالة يعلو الجدل وتكثر التحليلات… ثم ينطفئ كل شيء الضجة تتلاشى بينما الأرقام تبقى شاهدة على مئات الآلاف من الشباب العالقين في طابور انتظار لوظائف قد لا تأتي أبداً .
وسط هذا المشهد يبرز السؤال الأهم هل يتحمل الشباب وحدهم مسؤولية هذا الواقع ؟ أليس الأجدى أن يسأل أصحاب القرار كيف نحول البطالة من عبء إلى فرصة ومن أزمة إلى مشروع وطني ؟
الحقيقة أن البطالة ليست مجرد رقم اقتصادي بل انعكاس لأزمة بنيوية في فهمنا لمنظومة العمل والتنمية سنوات طويلة استنزفتها السياسات العامة في دوامة وظائف حكومية مؤقتة وتمويل مشاريع ريادية بلا تدريب حقيقي ومنصات إلكترونية لا تصل إلى المحافظات كانت النتيجة تمكيناً هشاً لا يغير واقعاً .
التمكين الحقيقي لا يُقاس بعدد ورشات العمل بل ببرامج مستدامة ترافق الشاب من الفكرة حتى الإنجاز لكن معظم المبادرات ما زالت محصورة في العاصمة بينما بقية المحافظات غائبة عن المشهد أما التعليم فقصته فجوة مؤلمة آلاف الخريجين يحملون شهادات جامعية لا تصلح لمهنة …
إذا أردنا حقاً أن نضع حداً للبطالة فعلينا أن نغير زاوية النظر من مشكلة تُرهقنا إلى فرصة تبني اقتصاداً جديداً .
مرتكزات مشروع وطني لتمكين الشباب
اولاً تعليم مهاري لا ورقي بما يعني إعادة بناء المناهج لتخدم السوق المحلي والإقليمي بدل إنتاج مزيد من العاطلين .
ثانياً :صندوق سيادي شفاف يمول المشاريع القابلة للنمو وفق معايير الكفاءة لا المحسوبية ليصبح صندوقاً للأجيال القادمة مستفيداً من تجربة ناجحة في إحدى الدول الشقيقة .
ثالثاً : إعادة توجيه الإنفاق العام عبر تخصيص جزء من موازنات الوزارات لدعم مشاريع شبابية قادرة على إنعاش المجتمعات المحلية .
رابعاً : نحن بحاجة إلى برنامج وطني قصير المدى (3–5 سنوات) يضع التدريب والتمويل والدعم التقني في مسار واحد ويمنح الشباب ثقة بأن نسبة البطالة ستتراجع بما لا يقل عن 5% خلال ثلاث سنوات فقط .
اليوم لم يعد تمكين الشباب ترفاً سياسياً بل ضرورة وطنية وأمناً اقتصادياً واجتماعياً كل شاب عاطل عن العمل هو فرصة ضائعة للنمو وكل مشروع لم يولد هو فراغ يملؤه الإحباط والتطرف .
تحويل البطالة إلى مشروع وطني ليس أمنية… بل قرار سيادي لا يحتمل التأجيل.