في عالم الرياضة حيث تهيمن عليه الإمكانيات المادية غالبًا على الموهبة ، ولكن في الأردن تبرز قصصٌ استثنائية تُثبت أن العزيمة الصادقة يمكنها أن تتحدى كل الصعوبات ، إن الاتحاد الأردني للبلياردو والسنوكر نموذج ملهم يثبت أن الإرادة البشرية قادرة على صنع المعجزات عندما تتسلح برؤية واضحة وإيمان راسخ ، فمن بين الصعوبات وتحديات شح الموارد ، يكتب الاتحاد فصلًا من فصول التفوق الرياضي الأردني ، محققًا إنجازاتٍ تضع المملكة على خريطة الرياضات العالمية .

بجهود استثنائية ، وروحية الفريق والعمل الجماعي وتنظيم عالي المستوى ، اختتمت في السادس من سبتمبر 2025، في فندق تايكي بالعاصمة عمّان فعاليات بطولة المملكة للبلياردو والسنوكر ، وحيث تميز الحفل الختامي بمشهدية أسرية وتجسيدا لروح رياضية عالية والذي شهد توزيع الكؤوس والميداليات على الأبطال الفائزين، وتكريمًا لطاقم الحكام الذين أسهموا في نجاح المنافسات .

وفي كلمته خلال الاحتفالية ، سلّط السيد ناصر الحديد ، رئيس الاتحاد، الضوء على رحلة الاتحاد الملهمة ، موضحًا أنها رحلة شقت طريقها في ظل شحّ الموارد، بل وانعدامها في كثير من الأحيان ، إلاّ أن هذا التحدي لم يكن حاجزًا ، بل تحول إلى دافع قوي بفضل إرادة لا تلين ، وعزيمة صلبة ، وعمل متواصل ، وإيمان راسخ بواجب رفع اسم الأردن عاليًا في كل المحافل .

هذا الإيمان هو الذي قاد الاتحاد إلى تحقيق إنجازين تاريخيين متتاليين ، وهما الفوز بحق استضافة بطولة آسيا المقررة بين 4 و7 أكتوبر 2025، وبطولة العالم التي ستُقام بين 8 و11 من الشهر ذاته ، إن تحقيق هذا الإنجاز المزدوج مباشرة بعد انتهاء بطولة المملكة ليس سوى دليل على كفاءة تنظيمية وتصميم على تحقيق المستحيل ، وهو إنجاز تُرفع له القبعات احترامًا وإعجابًا .

وتتعمق أهمية هذه الإنجازات لتتجاوز البعد الرياضي ، حيث يمكن ملامسةً دور الرياضة كرسالة إنسانية سامية ، ففي الرياضة والتي تجمع لاعبين وإداريين ومشجعين في مكان واحد عابر للحدود والأعراق والأديان ، تتحول الرياضة إلى لغة عالمية للتفاهم والاحترام المتبادل ، من هذا المنطلق يمكن للأردن ، ومن خلال استضافته لهذه المحافل العالمية ، أو المشاركة بها أن يعزز حضوره كشريك أساسي في بناء الحضارة الإنسانية ، وجسر للتواصل بين الثقافات ، ومنبر لإعلاء قيم التنافس الشريف والتعاون الإنساني التي تُمثل جوهر الرياضة الحقيقية .

قصة نجاح الاتحاد الأردني للبلياردو والسنوكر رسالة وطنية واضحة بأن شح الإمكانيات ليس عذرًا للتقاعس أو الإنكفاء والتراجع ، بل هو حافز لإثبات الذات والإبداع والتميز ، إن هذا الإنجاز وهذا النجاح ليس دعوة لاستمرار عمل الاتحاد بمفرده ، بل هو نداءٌ صريح للمؤسسات الصناعية والمالية والتجارية الوطنية لتبني هذه النماذج الناجحة ، ودعمها ماديًا ومعنويًا ، والمشاركة في دفع عجلة الرياضة الأردنية إلى مصافّ العالمية .

فالرياضة في جوهرها ، هي قوة ناعمة وسفيرٌ مشرِّف ، ومرآة تعكس صورة تقدم الأمم وأصالة شعوبها ، إن الرياضة الأردنية بهذه الإنجازات والنجاحات ، هي ترجمة حية للإرادة والتصميم على تعريف العالم بالأردن إنجازًا وثقافة وأصالة ، وإن عظمة هذه الإنجازات في ظل التحديات تفرض علينا جميعًا واجبًا وطنيًا ومقدسا وهو أن نحتفي بصناع هذه النجاحات الرياضية ، ونقدر جهودهم ، ونتكاتف لتوفير كل مقوّمات الاستمرارية لهم ، ليبقى نجم الأردن متألقًا في سماء الرياضة العالمية، وعلمه شامخًا على منصات التتويج .