facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




قصف الدوحة: تحوّل استراتيجي في معادلة الحرب على غزة


صالح الشرّاب العبادي
09-09-2025 11:13 PM

لم يكن استهداف مقر قيادي لحركة حماس في الدوحة مجرّد ضربة عسكرية إسرائيلية ضد شخصيات مطلوبة لديها، بل تجاوز حدود الصراع التقليدي إلى مستوى أشد خطورة: انتهاك سيادة دولة عربية خليجية، ونسف قواعد الوساطة والتفاوض الدولية ، فالمسألة هنا لا تتعلق فقط بضحايا أو ناجين، بل بخرق خط أحمر يرتبط بسلامة النظام الإقليمي وبمصداقية أي تسوية مقترحة للحرب الدائرة في غزة.

البعد السياسي: ضرب الوسيط لا الخصم

جوهر الضربة الإسرائيلية يتمثل في محاولة إفشال مسار التفاهمات الذي كانت قطر تقوم برعايته مع حماس، بغطاء أميركي غير معلن ، قبول حماس مبدئيًا بالتصور الأميركي الأخير شكّل مصدر قلق كبير لتل أبيب، التي تخشى أن يتحول الضغط الأميركي لاحقًا إلى إلزام إسرائيلي بوقف العمليات العسكرية ، ومن هنا جاء القرار الإسرائيلي بالتصعيد، لتفجير التفاوض من أساسه.

استهداف الدوحة لم يكن موجّهًا لحماس فقط، بل لقطر نفسها بصفتها وسيطًا إقليميًا ، وهو سلوك لا ينسف الأعراف الدبلوماسية فحسب، بل يكشف نية إسرائيل في إغلاق أي نافذة سياسية قد تقود إلى إنهاء الإبادة في غزة. فالمعادلة الإسرائيلية باتت واضحة: لا سلام، لا وسطاء، بل إما الاستسلام أو استمرار المجزرة.

البعد العسكري: استعراض للقوة

من الناحية التنفيذية، العملية عكست استعراضًا عسكريًا متعمدًا، مشاركة ما يقارب عشر طائرات مقاتلة في تنفيذ ضربة واحدة يشي بأن الرسالة لم تكن تكتيكية بقدر ما هي استعراضية. الحديث عن استخدام معلومات استخبارية دقيقة، وتقنيات تشويش، وقنابل ذكية يرسخ صورة “القدرة على الوصول إلى أي مكان”.

غير أن هذا الاستعراض العسكري لا يغير من الحقيقة الجوهرية: إسرائيل ليست في حالة حرب مع قطر، بل هاجمت منطقة سكانية مدنية في قلب دولة آمنة تستضيف آلاف الأجانب وتعد مركزًا اقتصاديًا وسياحيًا ، بمعنى آخر، ما جرى هو عدوان صريح خارج كل الأطر القانونية الدولية.

الانعكاسات الإقليمية والدولية

هذه الضربة تحمل تداعيات خطيرة تتجاوز اللحظة الراهنة:
1. سياسياً: صورة إسرائيل كدولة خارجة على القانون ستتعمّق في الرأي العام العالمي، خصوصًا وأنها استهدفت دولة غير معادية وغير منخرطة في الحرب.
2. اقتصادياً: أي اهتزاز أمني في الخليج ينعكس فورًا على ثقة المستثمرين وأسواق الطاقة، وهو ما يعني أن إسرائيل تغامر بزعزعة بيئة إقليمية حيوية للعالم كله.
3. إقليميًا: التطبيع أو مشاريع الاندماج الإقليمي التي روّجت لها إدارة ترامب تتعرض لضربة قاصمة؛ فلا يمكن أن يقبل الرأي العام العربي بأي شراكة مع دولة تضرب عاصمة عربية بهذا الشكل السافر.

خاسر استراتيجي

قد تحصد إسرائيل مكاسب داخلية من هذه العملية، عبر توحيد طيفها السياسي خلف خيار “اليد الطولى” ضد المقاومة ، لكنها على المستوى الاستراتيجي خسرت الكثير: فقدت ثقة الوسيط القطري، زادت من عزلتها الدبلوماسية، وعززت صورة الدولة المارقة في القانون الدولي.

إن تجاوز الخط الأحمر المتمثل في استهداف وسيط دولي داخل عاصمة عربية ، يجب أن لا يمر بلا ثمن، وإن لا يتأخر الرد ، فالتاريخ يثبت أن المكاسب التكتيكية السريعة تتحول إلى خسائر استراتيجية كبرى إذا ما تم استغلالها فوراً ، خصوصًا حين تمس شرعية الدولة ووجودها في البيئة الإقليمية والدولية ، واذا لم تدفع اسرائيل الثمن فانها ستكون جسورة على العواصم العربية الكبرى في دول الطوق وتلك التي في العمق ، غير تلك العواصم المستباحة والتي سكتت عنها الأنظمة العربية حتى وصل الأمر الى ضرب الدوحة في العمق … اليوم الدوحة.. من ستكون غد ؟





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :