الأردن: هوية راسخة ورسالة ممتدة في زمن التشكيك
د. بركات النمر العبادي
14-09-2025 10:32 AM
لم يكن الأردن يوماً دولةً عابرة في الجغرافيا أو رقماً على هامش التاريخ ، بل كان مشروع نهضة متجدد وملاذاً دافئاً للأحرار ، وميدان بطولة تتوارثه الأجيال جيلاً بعد جيل ، فالأردن منذ نشأته ارتبط بالرسالة لا بالمصلحة ، وبالثوابت لا بالمتغيرات، وظل يحمل لواء العروبة بصدق وإخلاص، حتى غدا الوطن الصغير في مساحته كبيراً في حضوره ومواقفه.
في قيادة هذا الوطن ، يقف الملك عبدالله الثاني ابن الحسين وولي عهده الأمير الحسين ، استمراراً لسلسلة ممتدة من ملوك بني هاشم الذين جعلوا من العرش الأردني مرآة لقيم الوفاء والانتماء ، فقد حملوا الأمانة كما حملها الأجداد من قبلهم ، فكانوا صادقين في العهد ، قريبين من نبض شعبهم ، ثابتين في المحافل الدولية ، يؤكدون أن الأردن لا ينحني إلا لخالقه ، ولا يساوم على مبادئه ولا على ثوابته.
ولم تكن كلمات جلالة الملك في مجلس الأمن سوى انعكاس لهذه الثوابت ؛ إذ جاء صوته صريحاً ، مدوياً ، ليعلن أن فلسطين وغزة ليستا قضية إنسانية فحسب ، بل قضية حق وعدل وكرامة ، ولقد حمل الأردن بقيادته الموقف العربي الأصيل حين خفتت أصوات كثيرة ، وأثبت أن الخطاب الصادق أقوى من ضجيج المصالح ، وأن من يملك الشرعية التاريخية والأخلاقية يظل قادراً على مواجهة العالم بالحقيقة.
إلى جانب القيادة ، تقف قواتنا المسلحة وأجهزتنا الأمنية ، وعلى رأسها المخابرات العامة ، صمام أمان الوطن وحامي ثوابته ، فهؤلاء الأبطال تربوا على قيم الشرف والتضحية ، يذودون عن الحدود ويحرسون الوطن من الداخل والخارج ، ويعملون بصمت وإخلاص للحفاظ على استقرار الأردن وأمنه القومي ، إن دور المخابرات العامة لم يقتصر على جمع المعلومات ، بل امتد إلى حماية الاستقرار السياسي والاجتماعي ، وكشف المؤامرات قبل أن تتحول إلى تهديدات ، فكانوا العين الساهرة والدرع الصامد في وجه كل من يحاول العبث بأمن الوطن أو بث الشكوك في مواقفه.
أما الشعب الأردني ، فهو القلب النابض لهذه المعادلة ، شعب وفيّ يعرف معنى الكرامة ، يقف خلف قيادته وجيشه في كل الظروف ، ويثبت في كل لحظة أنه شريك أصيل في صناعة النهضة ، وأنه ابن وطن لا يعرف إلا البقاء مرفوع الرأس ، لقد أثبت الأردنيون ، في مواقفهم من فلسطين وغزة ، أنهم ليسوا مجرد متفرجين على قضايا أمتهم ، بل شركاء في حمل الهمّ العربي ، وأن صوتهم يتجاوز الحدود ليعلن انتماءهم الأصيل للأمة.
ويتخلل هذا المشهد أولئك المخلصون من أبناء الوطن ، الذين آثروا العطاء على الأخذ ، والإنجاز على الظهور، فكانوا الجنود المجهولين الذين يُشيّد بهم بنيان الدولة بعيداً عن الأضواء والضجيج. هؤلاء الأبطال يجعلون من الأردن وطناً متماسكاً في العمق ، عصياً على كل محاولات التشكيك والتشويه ، لا تهزه كلمات عابرة ولا حملات إعلامية تبحث عن شهرة مؤقتة ، بل يبقى راسخاً في الهوية ، ثابتاً في مواقفه ، حاملًا شعلة النهضة والأمانة الوطنية.
وهكذا يبقى الأردن – بفضل الله ، ثم بقيادته الهاشمية ، وجيشه العربي ، ومخابراته العامة وأجهزته الأمنية ، وشعبه الوفي – صخرة صامدة في مواجهة الرياح العاتية ، وطنٌ لا تنحني له المؤامرات ، ولا تهزه كلمات العابثين ، فمن غزة إلى القدس ، ومن عمّان إلى كل محفل دول ، يظل صوته رسالة أمل وضمير حي ، شهادة وفاء للأمة ، وصرخة حق في زمن تاهت فيه الأصوات ، الأردن هو الوطن الذي يُحب بصدق ، ويُفدى بوفاء ، ويُحرس بإخلاص ، وطنٌ لا يعرف إلا البقاء مرفوع الرأس، مستمراً في نهجه ، حاملًا شعلة العدالة والكرامة ، شامخاً كجبلٍ لا تهزه العواصف ، ومضيئاً كنجمة في سماء العرب.
حمى الله الاردن وسدد على طريق الخير خطى قيادته وشعبه.