شكّل العدوان الإسرائيلي على العاصمة القطرية تطوراً خطيراً في مسار الصراع في المنطقة، ورسالة مفادها أن حكومة اليمين المتطرف ماضية في غطرستها وترى اللحظة الراهنة فرصة ذهبية لفرض سطوتها واستكمال مخططاتها دون رادع حقيقي. هذا الهجوم يكرّس قناعة الاحتلال بأن أقصى ما سيواجهه هو بيانات استنكار وشجب، وهو ما يشجّعه على استهداف دول أخرى في الإقليم حتى تلك التي تحاول تجنّب الاشتباك.

تنفيذ هجوم بهذا الحجم وفي ظل وجود قواعد أمريكية كبرى في قطر يكشف عن حجم التنسيق الدولي، ويطرح أسئلة حول دور تلك القواعد: هل هي لحماية الدول المستضيفة أم تحولت إلى مصدر خطر إضافي عليها؟

على الصعيد الدبلوماسي، ورغم عقد مجلس الأمن اجتماعاً طارئاً، إلا أن القرار الصادر لم يذكر إسرائيل بالاسم، ما أفقده أي أثر رادع. في المقابل، جاءت كلمة وزير الخارجية الأردني قوية ومتوازنة، مؤكدة على سيادة الدول وحرمة أراضيها، وداعية المجتمع الدولي لتحمّل مسؤولياته ومنع تكرار الاعتداءات. الوزير شدد على أن استمرار التصعيد يهدد الأمن الإقليمي والدولي، وأن الحل يتطلب تحركاً جماعياً يوقف دوامة العنف ويعيد الاعتبار للقانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية.

المطلوب اليوم يتجاوز حدود الإدانة الدبلوماسية؛ إذ يجب أن يتحول الموقف العربي إلى خطط عملية تشمل عقد قمة لرؤساء أركان الجيوش العربية لوضع استراتيجية دفاعية مشتركة، وتفعيل أدوات الضغط الدبلوماسي والاقتصادي على الدول الداعمة للاحتلال، ودعم صمود الفلسطينيين ومنع تنفيذ مخطط التهجير القسري في غزة.

إن قصف الدوحة جرس إنذار يستدعي موقفاً عربياً موحّداً يردع تغوّل الاحتلال ويعيد التوازن إلى المنطقة. ويبقى الرهان على الأردن ومصر والخليج لتوحيد الجهود وتحويل هذا الموقف السياسي إلى قوة تأثير حقيقية تحفظ الأمن والاستقرار.