لماذا لا نزال نلقي النفايات في شوارعنا وطبيعتنا؟
نادر المناصير
17-09-2025 10:00 AM
لا يمر يوم دون أن أرى هذا المشهد: سائق يتخلص من زجاجة بلاستيكية عبر نافذة سيارته، أو طالب مدرسة يُلقي علبة عصير من الحافلة، أو شخص يترك كوب قهوته بلا مبالاة عند إشارة المرور الحمراء قبل أن يعبر إلى الجهة الأخرى. هذه الأفعال التي تكاد لا تُرى تحدث يوميا في العاصمة عمّان وكذلك الحال يتكرر في المحافظات. ومع ذلك، عندما تتضاعف بالآلاف، فإنها تترك أثرا على شوارعنا وأوديتنا ومناظرنا الطبيعية.
أصبح إلقاء النفايات مرآة لعلاقتنا غير المسؤولة بالبيئة. إنها ليست مجرد مسألة نظافة أو واجب مدني، بل هي مسألة قانون وثقافة. لدى العديد من الدول قوانين صارمة لردع هذا السلوك، ولكن في أجزاء كثيرة من العالم، بما في ذلك هنا، لا يزال تطبيق القانون ضعيفا.
في المملكة المتحدة، على سبيل المثال، قد يُكلفك إلقاء النفايات حتى لو كانت صغيرة كالعلكة غرامة قدرها 150 جنيها إسترلينيا، مع عقوبات تصل إلى 2500 جنيه إسترليني إذا وصلت القضية إلى المحكمة. في ولاية واشنطن الأمريكية، قد يُعرّض رمي النفايات من المركبات لغرامات باهظة، إذا كانت النفايات خطرة أو تكررت. وكذلك الأمر في أوروبا.
الرسالة في هذه الدول واضحة: لا يُسمح بإلقاء النفايات، سواء كنت سيرا على الأقدام أو في سيارتك أو في محمية طبيعية. للأسف، في العديد من شوارعنا وودياننا ومناطقنا السياحية، تسود رسالة معاكسة. يرمي الناس نفاياتهم وهم يعلمون أن لا أحد سيوقفهم، ولن تُفرض عليهم أي غرامة، ولن يُطبق عليهم أي قانون.
هذا يطرح سؤالين مُلحّين: لماذا لا نزال نُطبق هذا السلوك، ولماذا نادرا ما تُفعل قوانيننا؟
الحل يتطلب أكثر من مجرد قوانين مكتوبة على الورق، بل نحتاج إلى تطبيق صارم لهذه القوانين وتحول ثقافي. وعلى السلطات أن تضمن أن من يُلقي النفايات يواجه عواقب واضحة وملموسة. وفي الوقت ذاته، ينبغي للمدارس والمجتمعات ووسائل الإعلام أن تسهم في إعادة تشكيل المواقف، بحيث يصبح احترام الطبيعة مدعاة للفخر لا استثناء.
كل زجاجة تُرمى من نافذة سيارة، وكل سيجارة تُطفأ في الشوارع والأماكن العامة، هو اختيار .. اختيارٌ بين إهمال الأرض التي نعيش عليها أو حمايتها للأجيال القادمة. لقد أثبت العالم أن التوعوية والغرامات الصارمة والتطبيق الحازم تؤتي نتائجها.
والسؤال الذي يحتاج إلى اجابة هو متى سنقرر أن نتعامل مع بيئتنا بجدية؟