facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




قراءة في منطلقات حزب المحافظين الاردني


د. بركات النمر العبادي
21-09-2025 03:08 PM

الجزء الاول:

قراءة فلسفية-أدبية في "بيان البلقاء":

بين الهوية والسيادة… من السياسة إلى المعنى
في لحظة تُوصف بـ"الظروف الدقيقة" التي يمر بها الأردن والمنطقة ، يطلّ علينا "بيان البلقاء" لحزب المحافظين الأردني لا بوصفه إعلانًا حزبيًا محدود الأفق ، بل كوثيقةٍ تحمل في طيّاتها روح التأمل والالتزام ، وتُحاول أن تمنح السياسة معنى أوسع من الحسابات اللحظية ، و البيان في جوهره ، ليس مجرد ردّ على سياسات عابرة أو تهديدات طارئة، بل محاولة لترسيخ أسس وجودية وأخلاقية : الهوية ، السيادة ، الولاء ، والوعي التاريخي.

الهوية: من وثيقة إلى مصير

حين يضع البيان "الهوية الوطنية الأردنية" في طليعة ثوابته ، فهو يعيدنا إلى معنى أعمق من مجرد بطاقة تعريف جماعية ، الهوية هنا هي ذاكرة جمعية ، نهرٌ من التجارب والتضحيات ، يربط الحاضر بالماضي والمستقبل ، في زمن تتنازع فيه الهويات ، يقدّم النصّ الهوية الأردنية كجدارٍ يحمي الذات من الذوبان ، وكشرطٍ وجودي لأي فعل سياسي رشيد.

السيادة: أخلاق الدولة وكرامة المواطن

"سيادة الدولة" في نص (البيان) لا تأتي كإجراء إداري أو حدّ سياسي ، بل كقيمة أخلاقية وسياسية ، السيادة ، بمعناها العميق ، هي الضمانة التي تحفظ العلاقة بين المواطن والدولة من الارتهان للخارج ، البيان يضعها في مقام الكرامة الوطنية ، كأنها مرآةٌ تعكس وعي الجماعة بذاتها. هنا يتحول الدفاع عن السيادة إلى واجبٍ أخلاقي لا يقل قداسة عن أي شعيرة أو التزام روحي.

العقد التاريخي : الأردنيون والهاشميون

حين يتحدث البيان عن "المصير الخالد بين الأردنيين والهاشميين" ، فهو لا يصف علاقة سياسية عابرة ، بل يقدّمها كعقدٍ اجتماعي خاص ، قائم على الوجدان والتاريخ ، ليس عقدًا براغماتيًا مؤقتًا ، بل عقدٌ وجدانيّ جسّد مفهوم "الأسرة الواحدة" ، بهذا يصبح الولاء للعرش الهاشمي ولاءً للاستمرارية ، وضمانةً ضد الفوضى والتمزّق ، وصورةً من صور الثقة بين القيادة والشعب.

رفض التهجير والتوطين: دفاع عن كرامة المكان

يأتي موقف البيان الرافض للتهجير والتوطين كصرخة وجودية : الإنسان ليس رقمًا يُنقل من جغرافيا إلى أخرى ، والأرض ليست سلعة قابلة للتبادل ، بهذا المعنى ، يصبح الموقف أكثر من سياسة ؛ إنه دفاع عن حقّ الإنسان في ذاكرته المكانية ، وعن قدسية العلاقة بين المواطن وأرضه.

الموالاة الراشدة: بين الولاء والعقل

من أبرز ما يطرحه البيان دعوته إلى "تيار موالاة راشد" ، وهي فكرة جديرة بالتأمل ، فالولاء ، في صيغته التقليدية ، قد يُختزل في شعارات أو طقوس ، أما الموالاة الراشدة ، فهي ولاءٌ عقلاني ، يضع مصلحة الوطن فوق أي اعتبار ضيق ، ويُوازن بين الإخلاص والانفتاح ، إنّها دعوة لتحويل الولاء من عاطفة إلى وعي ، ومن انفعال إلى مشروع.
الوعي التاريخي والحذر الاستراتيجي.

اللغة التي يصف بها البيان "كيد الأعداء وغدر الغادرين وصلف المتآمرين" تحمل بعدًا نبوئيًا ، إنها ليست مجرد بلاغة تعبويّة ، بل تنبيهٌ إلى أن التهديدات جزءٌ من معادلة وجودية مستمرة ، في الفلسفة السياسية ، هذا النوع من الخطاب يُعيد صياغة مفهوم الدولة كحالة يقظة دائمة : الدولة هنا ليست جسدًا إداريًا جامدًا ، بل وعيٌ حيّ يستجيب للتحديات باستمرار.

وفي الختام ، إن قراءة "بيان البلقاء" تكشف عن وثيقةٍ تحاول أن تعيد تعريف السياسة من جديد : من براغماتية ضيقة إلى التزام وجودي يربط بين الهوية والسيادة ، وبين التاريخ والراهن. إنها ليست مجرد شعارات ، بل نصّ يسعى إلى تأسيس وعي سياسي أخلاقي ، يُدرك أن الوطن ليس ملكًا لأحد بل أمانة في عنق الجميع.

وفي النهاية، يبدو البيان كصرخةٍ مزدوجة : صرخة حذرٍ من تهديدات الخارج، وصرخة أملٍ بأن الموالاة الراشدة والهوية الراسخة قادرتان على حفظ الوطن من الانكسار، وصياغة مستقبلٍ يتجاوز اللحظة إلى الخلود.


حمى الله الاردن وسددعلى طريق الخير خطى قيادته وشعبه





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :