facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




الاعتراف بدولة فلسطين ورائحة أوسلو العفِنة


الدكتورة شهد حموري
21-09-2025 05:35 PM

تتسابق بعض الدول الأوروبية اليوم إلى الاعتراف بدولة فلسطين. وبرغم أن هذه الخطوة قد تبدو مكسبًا استراتيجيًا، فإنها في حقيقتها فصل جديد من مسرحية المهزلة الدولية. فهذه المبادرة لا تخرج عن كونها أداة من أدوات الاستعمار، تُرضي النخب الحاكمة في فلسطين، وتُكرّس تقصير أوروبا المتعمد في الوفاء بالقانون الدولي ومسؤولياتها عن حق تقرير المصير الفلسطيني.

يجري تسويق هذا الاعتراف وكأنه تحقق لحق تقرير المصير، لكن هذا طرح خادع يتجاهل عمدًا دروس التاريخ الكفاحي لما بعد الاستعمار.

فالحقوق الجوهرية للشعب الفلسطيني غير قابلة للتصرف أو التنازل: حق العودة، والتعويضات، والمحاسبة، والسيادة على الموارد الطبيعية، وإطلاق سراح المعتقلين السياسيين، وعدم تدخل القوى الأجنبية. الخطوة الأولى لأي تقرير مصير حقيقي هي إنهاء الاحتلال غير القانوني. ما لم يتحقق ذلك، يبقى الحق في المقاومة مشروعًا، لأن المفاوضات مع قوة استعمارية استيطانية لا تكون أبدًا متكافئة أو بريئة من الإكراه.

لم يحظَ حلّ الدولتين يومًا بقبول فلسطيني واسع، لأسباب واضحة:

1. إنكاره لحقوق ملايين اللاجئين منذ 1948 في العودة والتعويض.

2. إعفاؤه إسرائيل من التزاماتها القانونية.

3. تجاهله حقوق أكثر من مليون فلسطيني يعيشون تحت نظام فصل عنصري.

هذه ليست مجرد مظالم، بل حقوق صريحة في القانون الدولي، لا يحق لأحد التصرف بها أو اختزالها في مفاوضات.

القانون الدولي يُلزم الدول بمنع الاحتلال والإبادة وجعلها غير مربحة اقتصاديًا. ويعني ذلك فرض عقوبات وعزل إسرائيل عن الأسواق والمنافع الدولية. لكن منذ عامين، ورغم الإبادة الجماعية المباشرة على الشاشات، امتنعت القوى الكبرى عن اتخاذ أي خطوات حقيقية، وواصلت تزويد إسرائيل بالسلاح والطاقة، بل ضيّقت على الملايين المتضامنين حول العالم.

بدل استثمار اللحظة في بناء جبهة دولية لفرض العقوبات، انشغلت السلطة الفلسطينية بالمطالبة بالاعتراف بالدولة كهدف وحيد، متجاهلة ركائز تقرير المصير الأخرى. وهي بذلك تؤكد طبيعتها كنموذجٍ مكرَّر من حكومات ما بعد الاستعمار المصمَّمة لخداع الشعوب بوهم الحكم الذاتي. وقد ساهمت دول خليجية في تعطيل مسارات دبلوماسية كان يمكن أن تُحرّك العقوبات أو تعيد تعريف الموقف الدولي.

تُوّجت هذه المسرحية بـمؤتمر نيويورك وإعلان حل الدولتين؛ وثيقة طويلة اختزلت الاحتلال إلى “نزاع” مع “إرهابيين”، وتحدثت باستعلاء استعماري عن “تحديث المناهج الفلسطينية”، وحوّلت التعويضات إلى مساعدات إنسانية، ومجّدت السلطة الفلسطينية في سبع فقرات باعتبارها مؤهلة لحكم دولة بوليسية إلى جوار كيان استيطاني.

بلغت السخرية أقصاها مع إعلان رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر الاعتراف المشروط بفلسطين قبل المؤتمر بيوم. بريطانيا التي رسّمت سايكس–بيكو وأصدرت وعد بلفور وحمت المشروع الإسرائيلي قرنًا كاملًا، تشترط اليوم أن يواصل الفلسطينيون نزيفهم حتى سبتمبر ليُمنحوا صفة “دولة”. ثمن الاعتراف: آلاف القتلى، ملايين تحت المجاعة، وتمديد متعمد لهذه النسخة البشعة من “ألعاب الجوع” — نزوة إمبراطورية جديدة بلا أدنى شعور بالمسؤولية التاريخية.

إن الاعتراف الأوروبي والبريطاني بالدولة الفلسطينية ليس انتصارًا للعدالة ولا اعترافًا حقيقيًا بحق تقرير المصير، بل استمرار لاستراتيجية استعمارية تُبقي الفلسطينيين تحت سقف “أوسلو العفنة” وتغسل أيدي القوى الكبرى من جرائمها التاريخية.

فالحقوق الفلسطينية — العودة، التعويض، السيادة، الحرية من الاحتلال — ليست موضوع مساومة أو تفاوض، بل واجب قانوني وأخلاقي على المجتمع الدولي، وحقٌّ لن يُنتزع إلا بنضال سياسي وشعبي حقيقي يتجاوز أوهام “حلّ الدولتين” واعترافات المجاملة. لا جدل أن الاعتراف يعد خطوة للأمام لكنه لا يستحق التسقيف أو الهلهلة - هو فقط تذكير باهمية استكمال النضال وحتمية انتهاء المشروع الإسرائيلي.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :