اعتراف العالم بفلسطين .. وعزلة إسرائيل تحت رئاسة ترامب
صالح الشرّاب العبادي
22-09-2025 10:51 AM
بعد عامين داميين من الحرب الإسرائيلية على غزة، وما رافقهما من حصار ومجازر أدمت الضمير الإنساني، جاء الاعتراف الرسمي من بريطانيا وأستراليا وكندا والبرتغال بدولة فلسطين، ليؤكد أن العالم بدأ يضيق ذرعاً بالتعنت الإسرائيلي. هذا الاعتراف ليس مجرد خطوة رمزية، بل تحول سياسي سيترك أثره العميق على مسار القضية الفلسطينية.
لقد اعترفت حتى الآن أكثر من 147 دولة بفلسطين، ومع انضمام هذه القوى الغربية، يقترب المشهد من عزل إسرائيل دولياً. فكلما أصرّت تل أبيب على إنكار حق الفلسطينيين، كلما ازداد عدد العواصم التي تعترف بهم كدولة كاملة السيادة.
بريطانيا تحديداً تحمل دلالة خاصة؛ فهي صاحبة وعد بلفور الذي مهّد لقيام إسرائيل، واليوم تعترف – بعد قرن تقريباً – بالدولة التي أنكرت وجودها.
لكن، في مقابل هذا التوجه الدولي، يبرز مشهد آخر تقوده الولايات المتحدة بزعامة الرئيس دونالد ترامب ، الذي ينظر إلى الشرق الأوسط بعين ضيقة؛ لا يرى فيه سوى محطة وقود لخدمة الاقتصاد الأميركي. ومن المتوقع أن يسعى لعقد اجتماع مع قادة الدول العربية قريباً، في محاولة للالتفاف على الاعترافات الجديدة، وإعادة طرح رؤية تقوم على ضمان مصالح واشنطن وتل أبيب دون أي التزام حقيقي بحقوق الفلسطينيين.
وهنا، تبرز المسؤولية التاريخية على عاتق القادة العرب: عليهم أن يكونوا حازمين وواضحين مع ترامب. لم يعد مقبولاً مجاملته على حساب الدم الفلسطيني والحق العربي. المطلوب أن يُقال له بوضوح إن فلسطين دولة معترف بها، وأن أي محاولة لتهميشها أو تحويلها إلى ورقة تفاوض رخيصة لن تمر.
إن خطورة الموقف تكمن في أن ترامب لا يفهم عمق السياسة الإقليمية، ولا يتعامل مع العرب كشعوب لها تاريخ وحقوق، بل كأدوات ضمن معادلة النفط والمال. وهذا ما يجعل الاعتراف الأوروبي الأخير أكثر أهمية: لأنه يضعف احتكار واشنطن لمسار التسوية، ويفتح ثغرة في جدار الانحياز الأميركي.
بالمحصلة، يمكن القول إن الاعترافات الجديدة تمثل نقلة استراتيجية في المشهد الدولي: إسرائيل تتجه إلى مزيد من العزلة، فيما القضية الفلسطينية تترسخ كقضية دولة وشعب لا كملف إنساني فقط. غير أن المستقبل سيظل رهناً بقدرة العرب أنفسهم على استثمار هذه اللحظة، والتمسك بحقوقهم بعيداً عن ضغوط واشنطن ونظرة ترامب الاختزالية للعالم العربي.