facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




حماس والطوفان في الميزان


د. محمد بزبز الحياري
22-09-2025 03:10 PM

بعد ان طلبت منظمة التحرير الفلسطينية على رأسها فتح ومعظم الفصائل الفلسطينية، ان تكون هي الممثل الشرعي والوحيد للقضية الفلسطينية، ووقوعهم بهذا الخطاء الاستراتيجي العظيم، بإسقاط البعد الاسلامي والعربي قانونيا وإداريا عن القضية ، واستجابة العرب لهم بمؤتمر الرباط عام 74، ثم تكبيل المنظمة بأوسلو عام 93 لتصبح كيانا هشا منزوع المقاومة (واقل بكثير من حكم ذاتي) ...بهذا الواقع المؤلم ،لم يبقى على ساحة المقاومة فعليا سوى حماس، وهي حركة مقاومة نبيلة، وسامية الهدف والمعنى أنشأها بنقاء النضال وصدق المرجعية الدينية الشيخ أحمد ياسين وآخرون.

وعلى مدار حوالي اربعون عاما اثبتت صلابة المقاومة وصدق فدائيتها واستبسالها، واستنزفت من العدو خسائر ثقيلة ، قتلى ومعدات، ناهيك عن الرعب الذي كانت تبثه في صفوف الاسرائيليين، وكانت تشكل لهم هاجسا، حتى ان مسؤوليهم صرحوا أكثر من مرة وعلنا ، ان ٱمنيتهم ان يبتلع البحر غزة لينتهوا من هذا الهاجس المرعب.

ان فكرة المقاومة لن تموت وهي حق من حقوق الشعوب المقهورة وتنص عليها جميع الشرائع والمواثيق الدولية والاعراف والقيم المكتوبة وغير المكتوبة، وكلنا تواقون للتحرير والنصر.

لكن هذه الفكرة وترجمتها على الارض كنضال لإزالة الظلم والعدوان، ان لم تُوجَه للطريق الصحيح ، وتكون هناك قيادة سياسية راشدة وحكيمة( كأحمد ياسين مثلا) تزن الامور بميزان الحكمة، وتنظر لموازين القوة على الارض بعين الرشد والحصافة، ثم تجد السبيل الممكن بطرق النضال المتاحة، لتسير خطوة أو خطوات على طريق التحرير الطويل...ان لم تقوم بذلك، فستكون المقاومة قد ضلت طريقها، وفي هذا السياق يقول هوشى منه محرر فيتنام وقائد ثورتها ومقاومتها ":- ان لم تجد الثورة عقلا يوجهها فستأكل نفسها " ويقصد بالعقل هنا القيادة السياسية الراشدة، لكنا نرى بحالة حماس وما قامت به من طوفان غير مخطط له بإحكام، ولم يأتي أوانه بعد، لم تأكل نفسها فقط، بل اكلت من حولها.

حماس بعد احمد ياسين اصبحت مضطربة ومتوترة، وهناك فجوة كبيرة ما بين القيادة السياسية والقيادة العسكرية او الميدانية، وتغول العسكر على الساسة، وإنفصال الساسة عن جسم المقاومة جغرافيا ووجدانيا، ولا شك ان قرار الطوفان كان بيد القيادة العسكرية ، بتمرد واضح، مما اضطر القيادة السياسية الى اللحاق بما جرى، من مبداء ( شغلة وصارت ولازم نكملها)

اقتبس من الامير بندر بن سلطان عندما قال" اسرائيل دولة ظالمة لكن محاموها بارعون، والقضية الفلسطينية قضية عادلة لكن محاموها فاشلون" انتهى الاقتباس...النتائج على الارض تثبت صدق ذلك.

من ناحية ٱخرى اسرائيل قادرة على استقطاب الحلفاء بكثرة وخصوصا القوى العظمى وعلى رأسهم امريكيا المدججين بالسلاح والتكنولوجيا والمال، والاهم السيطرة على مراكز صنع القرار العالمي، وهذا كله( اسرائيل والغرب) اصلا مشروع متكامل رأس حربته اسرائيل. بينما نجد ان حماس لم تستطيع استقطاب أي حليف، حتى ابناء جلدتهم بالضفة وكما اسلفنا فهم مكبلين باوسلو ، ناهيك عن تشتت العالم العربي والاسلامي وغياب أي مشروع يجمعهم.

ان ما قامت به حماس صحيح اذا نظرت اليه من زاوية الشكليات، ككسر هيبة اسرائيل ومرمغة سمعة الجيش الذي لا يقهر والكثير من الكلام العاطفي الذي لا يساوي شيئا بالميزان ، لكن بالحسابات السياسية ورشد الثورة، فهو خاطيء مائة بالمائة ، وفي علم السياسة، ليس هناك قرار خاطيء، وقرار صحيح الا عندما ننظر الى تبعات وخواتيم هذا القرار ، فإذا حقق القرار نتائج ايجابية على الارض فهو صحيح، والعكس بالعكس، ونتائج ما قامت به حماس بهذه الخطوة المتهورة واضح على الارض فقد عادوا بفكرة المقاومة سنين أو عقود للوراء، ودمروا ( او كانوا سببا) بتدمير وتشريد شعبا كاملا بجميع مقدراته( المحاصر والمنهك اصلا)، والادهى ان فكرة المقاومة قد خبت وأصبحت مطاردة برا وبحرا وجوا،فوق مطاردتها السابقة

ان انتقاد قرارات المقاومة حول صوابها وخطأها لم يكن بيوم من الايام انتقاص من فكرة المقاومة وقداستها الذي يلمح به البعض او يتستر خلفه فهم بالنهاية بشر يصيبوا ويخطئوا، اما تصوير عملية انتقادهم( سواء منهم او ممن تعاطفوا معهم) انه اتهام للمقاومة وخرق وطعن لقداستها ، فهذا اسلوب فج وممجوج ومكشوف حتى للعامة، أما اذا مارسه القادة والنخب فهذه مصيبة وإفلاس.

حماس حركة مقاومة وطنية اسلامية لا أحد يشك بذلك ولو للحظة، لكن عقلها الموجة اصابه انحراف وتوتر بعد الشيخ أحمد ياسين فقد كان رحمه الله عقلانيا بالتوجيه والقرارات، ويحترم موازين القوة، واقتصرت مواجهاته مع العدو على المتاح عمليا وذلك بالعمليات الفدائية والتكتيكية مما شكل قلقا دائما للعدو كما اسلفنا ....احمد ياسين كان يدرك حجم التفاوت بموازين القوى وكذلك حجم الحلفاء الاستراتيجيين الداعمين لعدوه، فلم يأمر بمواجهة شاملة كالتي حدثت من بعده( الطوفان) لانه كان يدرك ان مواجهة كهذه لا تحرر فلسطين ( بل تؤجله لأمد بعيد)ومواجهة كهذه هي اقصى اماني العدو للقضاء على المقاومة وفكرتها ولو الى حين... وقد كان.

مرة ٱخرى، ان ما قامت به حماس من طوفان، قرار خاطيء والدليل على ذلك.. النتائج ...نعم حركوا القضية الفلسطينية ( وهذه حجة البعض) لكنهم حركوها بالاتجاه الخاطئ ، مما حدا باسرائيل لاستغلال هذه الحركة واستثمارها لصالحها وإعادة ترتيب اوراقها الداخلية وأوراق المنطقة كاملة حسب هواها وإرادتها( انظر حولك) في ظل الدعم الامريكي الترامبي اللا محدود، والذي أهلهم للاعلان الصريح والجاد عن بدء تنفيذ المرحلة القادمة من اسرائيل الكبرى وتعطيل وتأخير وتجميد المقاومة وفكرتها ( الى حين).


نعم الاوطان لا تحرر من نير الاحتلال الا بالمقاومة وتقديم الشهداء وبذل الدماء لكن ليس بشكل مجاني ...الشهداء أجرهم عند الله وجزاؤهم الجنة ولا نشك بذلك، لكن هذا لا يعني بأي حال من الاحوال زجهم للتهلكة بشكل مجاني في معركة كل الدلائل تشير للهزيمة والخسارة كما هو واضح من النتائج....الرسول صلى الله عليه وسلم عندما كان لا يملك القوة ومر على آل ياسر وهم يعذبوا قال لهم صبرا فإن موعدكم الجنة لكنه عندما امتلك قوة المواجهة حارب وانتصر، الرسول عندما كان لا يملك القوة قال لعلي امحها يا علي، وعندما رفض علي محاها بٱصبعه الشريف.

للأسف العرب نزعتهم عاطفية، حتى اعدائهم غالبا ما يبنوا خططهم في المواجهة على هذه النزعة وسرعان ما تنطلي هذه الخطط عليهم، وسرعان ما يحصد العدو النتائج الوفيرة من مردود هذه النزعة... للاسف ايضا مر بالتاريخ العربي الحديث ثلاث مراحل( عاطفية) أعادت الاوطان والشعوب عقودا للوراء وما زلنا نعاني من تبعاتها لغاية تاريخه ...مرحلة عبد الناصر...مرحلة صدام حسين ، وحاليا نعيش مرحلة حماس...وكل مرحلة من هذه المراحل للأسف كان لها مروجوها ومطبلوها.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :