facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




فلسطين بين وعد بلفور وحل الدولتين


د. بركات النمر العبادي
23-09-2025 11:39 AM

الاعتراف المشروط بحل الدولتين : هو إعادة إنتاج لوعد بلفور بأقنعة جديدة ، لم يكن الاعتراف البريطاني والأوروبي بـ"الدولة الفلسطينية" خطوةً نحو العدالة بقدر ما كان إعادةً تجميلية لوجه قديم من وجوه الاستعمار ، فالدول التي رسمت حدود سايكس–بيكو، وشرعنت وعد بلفور، واحتضنت قيام المشروع الاستيطاني على أرض فلسطين ، هي نفسها اليوم من تقدّم لتوزيع شهادات الاعتراف ، أيُّ اعتراف هذا الذي يُمنح بدم بارد بعد أن تحوّل الشعب الفلسطيني إلى رهينة مجاعة وحصار ومجازر يومية؟

كأردني ، لا أستطيع أن أنظر إلى فلسطين كقضية بعيدة أو نزاع خارجي يُدار في مؤتمرات نيويورك أو بروكسل ، فلسطين تعيش في وجداننا ، في مخيمات اللجوء الممتدة منذ النكبة ، وفي ذاكرة كل بيت أردني اختلطت دماؤه وأحلامه بأحلام الفلسطينيين في العودة والتحرر.

وعندما نسمع اليوم عن "اعتراف بريطاني أو أوروبي" بالدولة الفلسطينية ، فإننا لا نُخدع بهذه الواجهة الدبلوماسية ، فالدول ذاتها التي صنعت وعد بلفور، وشرعنت المشروع الاستيطاني لليهود ، ورسمت خرائط سايكس - بيكو ، هي التي تحاول الآن إعادة إنتاج المشهد بوجه جديد ، اعتراف مشروط ، محكوم بميزان القوى ، يختزل القضية إلى "نزاع حدودي" ويغضّ النظر عن الحقوق الجوهرية للفلسطينيين : العودة ، التعويض ، السيادة الكاملة ، والتحرر من الاستعمار.

في قلب هذا المشهد يقف الأردن — بقيادة جلالة الملك عبد الله الثاني — حاملاً عبء الدفاع عن القدس والمقدسات ، ومؤكدًا في كل المحافل أن الحقوق الفلسطينية ليست موضع تنازل أو مقايضة ، فالأردن لم يتاجر بالقضية ، ولم يسعَ إلى مكاسب آنية على حسابها ، بل دفع ثمنًا إنسانيًا واقتصاديًا هائلًا نتيجة احتضان ملايين اللاجئين الفلسطينيين ، دون أن يحوّل هذا العبء إلى ورقة ابتزاز ، بل ظل يعتبره التزامًا تاريخيًا وأخلاقيًا لا ينفصل عن هوية الأردن ووجوده.

لكن الاعترافات الغربية اليوم تكشف جوهر المفارقة : أوروبا وبريطانيا تسعيان لإبراء ذمتهما من جريمة تاريخية عبر منحة سياسية مشروطة ، بينما الأردن والعرب هم من يتحمّلون التبعات الحقيقية ، فهل يمكن لاعتراف شكلي أن يمحو مئة عام من الاستعمار ؟ وهل يكفي ليعيد للفلسطيني بيته وأرضه وحقه في الحرية؟

الحقيقة أن الاعتراف الأوروبي ليس انتصارًا ، بل استمرار لإدارة الصراع ، أما الانتصار الحقيقي فلن يأتي إلا عبر نضال سياسي وشعبي يتجاوز أوهام "حل الدولتين"، ويستند إلى ثوابت لا تتجزأ : العودة، التحرر، والسيادة الكاملة.

الأردن ، بحكم التاريخ والجغرافيا والهوية ، سيظل في قلب هذه المعركة ، ليس كوسيط محايد بل كشريك أصيل في النضال من أجل فلسطين ، وما الاعترافات الغربية سوى أصوات باهتة أمام صوت الحقيقة : أن فلسطين حقٌّ كامل لا يُختصر ، وأن الأمة ، مهما طال الزمن، لن تقبل بأقل من الحرية الكاملة.

وختامًا، فإن ذاكرة الشعوب المحبة للحرية لا تموت ، قد تتلاعب السياسات وتُكتب الوثائق ، لكن الحق يبقى عصيًّا على النسيان ، والوعي الجمعي للأردنيين والفلسطينيين والعرب جميعًا سيظل شاهدًا على أن الاستعمار يزول ، بينما الشعوب التي تتشبث بحقها في الحرية هي وحدها التي تبقى وتنتصر.

حمى الله الاردن وسدد على طريق الخير خطى قيادته وشعبه





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :