facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




في ظلّ الظروف .. وصناعة الظل


د. ثابت النابلسي
24-09-2025 09:50 AM

كيف نصنع واقعنا ونتحرر من أسر شماعة الآخرين
 
في كل مرة نردد عبارة «في ظلّ الظروف» نمنح الظروف سلطة لا تستحقها. فالظل لا يظهر إلا إذا وُجد جسد حقيقي يحجب الضوء، وكذلك الظروف لا تنشأ من عدم، بل هي نتاج أفعال وأفكار وخيارات تشكلت مع مرور الوقت وألقت بظلالها على حياتنا.
يقول الحقّ سبحانه: ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى رَبِّكَ كَيْفَ مَدَّ الظِّلَّ وَلَوْ شَاءَ لَجَعَلَهُ سَاكِنًا ثُمَّ جَعَلْنَا الشَّمْسَ عَلَيْهِ دَلِيلًا﴾ (الفرقان:45)، في آية بليغة تذكّرنا أن لكل ظل سبباً، ولكل ظرف صانعاً، وأن امتداد الظل ليس صدفة بل نتيجة حتمية لوجود كتلة تعترض الضوء.

كذلك ظروفنا هي ثمرة قراراتنا وأحلامنا، حتى لو حاولنا إقناع أنفسنا بأنها فرضت علينا.

 كيف تتكوّن الظروف؟
نحن نبدأ دائماً بحلم أو فكرة، نرسم ملامح الحياة التي نتطلع إليها، ثم نسعى بخطوات واعية أو عفوية لتحويل ذلك الخيال إلى فعل.

وما إن يتحول الفعل إلى واقع، حتى نفاجأ أحياناً بأن النتيجة تختلف عمّا تخيلناه. هنا يتشكل «الظرف» الذي نعيشه، ثم يمتد أثره النفسي والفكري في حياتنا ليظهر ما يمكن تسميته بـ«ظل الظروف»؛ وهو ذلك الانعكاس العميق لما اخترناه أو سمحنا بحدوثه، حتى لو لم نكن راضين عنه.
 ظل الظروف… ذلك الامتداد الخفي
ظل الظروف هو المنطقة التي تتشابك فيها المشاعر مع النتائج: خيبة، دهشة، أو حتى رضا ممزوج بالتردد.

إنه ليس الظرف نفسه، بل أثره الذي يرافقنا ويؤثر في خياراتنا المقبلة.

كثيراً ما نجد أنفسنا نلوم المجتمع أو الزمن أو الأشخاص المحيطين بنا، لكن الحقيقة التي تؤكدها نظرية مركز التحكم (Locus of Control) في علم النفس، هي أن البشر يختلفون بين من يعتقد أن حياته يحددها «عوامل خارجية» (الحظ، الناس، الظروف)، ومن يؤمن بأن قراراته الداخلية هي التي تصنع مصيره.
 فلسفة الشماعة …..
عندما يختار الإنسان أن يعيش في ظل ظروف فرضها غيره، فإنه يسلم مفتاح حياته للآخرين. يعلّق إخفاقاته على شماعة الزمان والمكان، فيفقد زمام المبادرة، ويعيش في دوامة ردّ الفعل بدل الفعل. غير أن قوة الإنسان الحقيقية تكمن في إدراكه أنه يستطيع الرفض، يستطيع تعديل المسار، يستطيع أن يخلق واقعه الخاص، حتى وإن احتاج ذلك إلى صبر طويل أو مواجهة صعبة.

من الظل إلى النور …
التحرر من أسر الظروف يبدأ من إعادة تعريف الذات ، وهنا تلهمنا دراسات علم النفس الإيجابي بأن المعنى والهدف هما حجر الأساس لحياة متوازنة.

حين يكتشف الإنسان هدفه العميق، يصبح قادراً على تحويل التجارب المؤلمة منها إلى وقود للتقدم.

ولنا في سير الناجحين عبر التاريخ شواهد كثيرة؛ فتوماس إديسون فشل مئات المرات قبل أن يخترع المصباح، ولم يقل يوماً إنه «أسير الظروف»، بل اعتبر كل محاولة خطوة نحو النور.
خطوة نحو صناعة الظرف …
إن بناء ظروفنا الخاصة يتطلب:
1. الوعي: إدراك أن ما نعيشه اليوم هو نتيجة أفكار وأفعال الأمس.
2. القرار: اختيار الخروج من دور الضحية إلى دور الفاعل.
3. العمل: اتخاذ خطوات واقعية، صغيرة كانت أو كبيرة، لصناعة واقع جديد.
أختم بقول يعرفه الجميع،
لسنا مجبرين على العيش في ظل ظروف يفرضها الآخرون أو تصنعها الصدفة.

نحن قادرون على أن نكون «الكتلة» التي تصنع ظلها، لا مجرد انعكاس عابر لأحلام غيرنا. وعندما نعي هذه الحقيقة، ننتقل من مقولة «في ظل الظروف» إلى فعل «رغم الظروف» أو «بفضل ما صنعناه من ظروف»، فنكتب فصول حياتنا بأيدينا، ونمضي بثقة نحو مستقبل نصنعه نحن لا سوانا.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :