facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




الحدود الشرقية لفلسطين كخاصرة رخوة


صالح الشرّاب العبادي
26-09-2025 10:54 AM

لطالما اعتُبرت الحدود الشرقية لفلسطين المحتلة مع الأردن من أكثر الجبهات هدوءًا واستقرارًا مقارنة بالجبهات الأخرى في غزة ولبنان وسوريا. ومع ذلك، كشفت الأحداث الأخيرة، وعلى رأسها حادثة معبر الكرامة ، عن هشاشة غير متوقعة في هذه الجبهة التي ظنّ الاحتلال أنها محمية تاريخياً ، هذه الأحداث لم تكن مجرد اختراق أمني عابر، بل صرخة تنبيه تحذر من أن الحدود الشرقية، بطول نحو 335 كيلومترًا، وبطبيعتها الزراعية المفتوحة، وبقربها من مجاري المياه الرئيسية مثل نهر الأردن (الشريعة) والمساحات المفتوحة بين الحدود الجنوبية ، قد تتحول إلى خاصرة رخوة استراتيجية في معادلة الأمن الإسرائيلي.

حادث الكرامة لم يكن حدثًا منفردًا، إنه استمرار لسلسلة من العمليات الفردية والتسللات، التي تشكل تعبيرًا عن غضب شعبي إقليمي متزايد نتيجة المجازر الإسرائيلية في غزة وانحياز الغرب القوي لإسرائيل. هذه العمليات، رغم محدوديتها الظاهرية، تحمل إشارات واضحة على وجود ثغرات في المراقبة الداخلية الاسرائيلية ، وضعف التنسيق الاستخباراتي، وإرهاق الجيش الإسرائيلي الموزع على جبهات متعددة.

الثغرات الأمنية: من التكتيك إلى الهيكلية

ما يميز الحدود الشرقية هو طبيعتها المعقدة: أراضٍ زراعية واسعة، طرق فرعية، مجاري مائية، وبنية جغرافية تسمح بحركة خفية نسبيًا. لكن ما كشفه حادث الكرامة هو أن الخطر لم يكن ناتجًا عن ضعف الرقابة الحدودية الأردنية، بل من داخل الأراضي المحتلة نفسها. قدرة الأفراد على التحرك بالقرب من المعابر الدولية وإدخال أسلحة أو معدات رغم سيطرة الجيش والشرطة والمخابرات تُظهر أن الانكشاف الأمني لا يقتصر على الحدود الخارجية، بل يمتد إلى العمق الإسرائيلي.

قد ترى إسرائيل في الحادث خللاً تكتيكيًا محدودًا عند نقطة عبور معينة، إلا أن استدعاء فرقة احتياط كاملة “جلعاد” لتعزيز المراقبة على الحدود الشرقية يكشف عن أزمة هيكلية أعمق: الجيش الإسرائيلي بات مرهقًا من تعدد الجبهات (غزة، لبنان، سوريا، الضفة)، غير قادر على الحفاظ على درجة عالية من اليقظة في كل الاتجاهات، ومستنزفًا بفعل الخسائر، والتظاهرات الداخلية، وتزايد الرغبة في الهجرة.

احتمالات التصعيد: من العمليات الفردية إلى الجبهة المنسقة
العمليات الفردية على الحدود الشرقية لفلسطين ، مهما بدت محدودة، قد تتحول إلى تهديد استراتيجي إذا تزامنت مع ضغوط على جبهات أخرى. هجوم محدود عند الكرامة، إذا ما وقع بالتوازي مع عمليات مستمرة في غزة أو جنوب لبنان، أو حتى اضطرابات داخلية، قد يحوّل هذه الحدود من نقطة هادئة إلى جبهة مفتوحة مضاعفة التعقيد على الجيش الإسرائيلي.

التاريخ العسكري يوضح أن إسرائيل تحاول عادة عزل كل جبهة عن الأخرى، لكنها اليوم تواجه معادلة صعبة: جبهات متعددة متزامنة، ضغط داخلي، واستنزاف مستمر. أي شرارة على الحدود الشرقية قد تُستغل سياسياً وإعلامياً، وتُحوّل حادثًا صغيرًا إلى أزمة استراتيجية.

الإجراءات الدفاعية المتوقعة

في مواجهة هذه التحديات، من المتوقع أن تتخذ إسرائيل مجموعة من الإجراءات الدفاعية، تشمل:
1. تعزيز المراقبة التكنولوجية: استخدام الكاميرات الحرارية، الطائرات المسيّرة، وأجهزة الاستشعار لتغطية نقاط ضعف القوات البشرية ، لسد النقص العددي للقوى البشرية.
2. رفع مستوى التنسيق الاستخباراتي: تبادل المعلومات بين الجيش، الشرطة، والمخابرات لضمان سرعة الاستجابة لأي تحرك مشبوه.
3. تدوير وحدات الاحتياط: تقليل إرهاق الجنود من خلال تبديل القوات ونقلها بين الجبهات المختلفة، وعمليات التنقل والانفتاح العديد من شأنه إرهاق العسكر واستنزاف الموارد وضعف المعدات ..
4. تشديد الرقابة على المعابر: زيادة التفتيش الأمني وتحقيق أقصى قدر من السيطرة على نقاط العبور الدولية.
5. تعزيز الأمن الداخلي: متابعة أي تواطؤ محلي أو عمليات منظمة من الضفة المحتلة.
6. نشر قوات إضافية: فرقة احتياطية كاملة على الحدود الشرقية، رغم أن هذا يحمل تكلفة بشرية ومادية عالية.
7. المحافظة من قبل اسرائيل على علاقة وثيقة وقوية مع الأردن او المحافطة لأبعد حد أن لا تنهار بالكلية هذه العلاقة التي إذا انهارت فستكون وبالاً على اسرائيل ، وعدم وضع هذه الجبهة ضمن مغامرات نتنياهو هو وزمرته هي الضمانة الوحيدة لهدوء هذه الجبهة .

لكن هذه الإجراءات، رغم أهميتها، ليست حلاً جذريًا. فهي قد تزيد التوتر مع الشارع العربي والغضب الشعبي الذي يرى في هذه التعزيزات محاولة لفرض السيطرة، بدل معالجة الأسباب الجذرية للغضب الشعبي ، والجلوس على طاولة المفاوضات، ووقف الابادة والاعتراف بحل الدولتين والاعتراف بفلسطين كدولة .. وعدم دس الرأس بالرمال لعدم سماع صوت العالم ..

لماذا الحدود الأردنية؟

لا بد من التذكير هنا أن الأردن، على خلاف بيئات إقليمية مضطربة، هو دولة ذات سيادة راسخة، جيشها موحّد، وأمنها موحّد، وشعبها موحّد خلف قيادته. وهي قيادة تتمتع بمكانة دولية عالية، وتحظى باحترام العالم، بحكم سياستها المتوازنة وعلاقاتها العميقة شرقًا وغربًا. الأردن لم يُبنَ على الدم ولا على الطائفية ولا على الجماعات المسلحة أو الولاءات الفرعية، بل هو دولة مهابة تُشكّل قبائلها ركائز صلبة للوطن، ويمثل تماسكها الداخلي خط الدفاع الأول في مواجهة أي محاولات لزعزعة استقراره أو العبث بجبهته الشرقية، وهذا كله سر ثباتها وقدرتها على مواجهة الأزمات السياسية والتحديات..

الحدود الأردنية، التي اعتبرت هادئة لعقود، تتميز بعدة عوامل تجعلها نقطة ضعف محتملة:

• الطبيعة الجغرافية: أراضٍ مفتوحة، طرق فرعية، ووجود نهر الأردن، يجعل السيطرة صعبة.
• الرمزية الدولية: أي حادث عند معبر دولي له أثر إعلامي ودبلوماسي أكبر من أي خرق داخل الضفة.
• الانكشاف الداخلي: الجيش الإسرائيلي مُشتت، والمواطنون في الداخل يشعرون بالإرهاق والاستنزاف، ما يضعف جاهزية القوات ، وهشاشة الجبهة الداخلية ..
• تعدد الجبهات: تركيز إسرائيل على غزة ولبنان وسوريا يجعل أي تحرك شرقاً محفوفًا بالمخاطر.

مؤشرات مبكرة على تحوّل الجبهة

يمكن رصد تحوّل الحدود الشرقية من عمليات فردية إلى جبهة منسقة عبر عدة مؤشرات:
1. تكرار العمليات المتزامنة خلال فترة قصيرة فيما بينها .
2. تصاعد التحريض الرقمي والإعلامي على مستوى واسع.
3. رصد أنماط تهريب غير اعتيادية في الجنوب.
4. بلاغات محلية عن تحركات مشبوهة في المناطق الزراعية.

أي تحرك في هذا السياق قد يُستغل لإشعال جبهة بديلة وتخفيف الضغط عن غزة أو لبنان، أو لإحداث حالة سياسية وإعلامية مضاعفة. ،

تعدد الجبهات: تركيز إسرائيل على غزة ولبنان وسوريا يجعل أي تحرك شرقاً محفوفًا بالمخاطر.

وفي هذا السياق وبناءا عليه ، تبرز أهمية الحاجة من قبل اسرائيل على علاقة وثيقة وقوية مع الأردن كضمانة أساسية لهدوء هذه الجبهة ، فإسرائيل هي التي بأمس الحاجة إلى استقرار هذه العلاقة وعلى الأردن استغلال هذه الحاجة في ابقاء شريان الحياة إلى غزة متدفق دون انقطاع ..

أي مغامرة سياسية أو محاولات استرضاء تطرف نتنياهو وزمرته على حساب التعاون ، قد تفتح الباب أمام توتر غير محتمل. كذلك، أي محاولات للتهجير أو إجبار فلسطينيي الداخل على الانتقال نحو الغور الأردني أو الأردن تُعد الشرارة الأولى التي قد تشعل الجبهة الشرقية، وتحوّلها من هدوء نسبي إلى أزمة استراتيجية مباشرة.

حادث معبر الكرامة لم يكن مجرد ثغرة أمنية عابرة، بل جرس إنذار يوضح هشاشة الحدود الشرقية لإسرائيل، ليس بسبب ضعف او محدودية المراقبة والسيطرة من الجانب الاردني ، بل بسبب الإرهاق والخلل الداخلي في الجيش الإسرائيلي، وضغط الجبهات الأخرى، والانقسام الداخلي.

موقف الأردن وصوته يجب أن يعلو على صوت نتنياهو وزمرته والخطاب الإعلامي الاسرائيل يجب أن يواجه بمنظومة إعلامية عربية منظمة وموحدة وقوية وقادرة على دحض كل الافتراضات الأعلامية المعاكسة من الجانب الإسرائيلي..

الحدود الشرقية، بطولها، وانفتاحها الجغرافي، وانكشاف الجيش الإسرائيلي، قد تتحول من جبهة هادئة إلى خاصرة رخوة استراتيجية ضد اسرائيل ، أي شرارة هناك، مهما كانت محدودة، قد تتفاقم وتحوّل المعادلة الأمنية والسياسية في إسرائيل. ومع استمرار استنزاف الجيش الإسرائيلي على الجبهات الأخرى، فإن أي عملية فردية هنا قد تتحول إلى اختبار حقيقي لقدرة تل أبيب على ضبط أمنها الداخلي والخارجي ، الضعيف والمتهالك والمرهق أصلاً ،

حادث معبر الكرامة لم يكن مجرد ثغرة أمنية عابرة، بل جرس إنذار يوضح هشاشة الحدود الشرقية لإسرائيل، ليس بسبب ضعف او محدودية المراقبة والسيطرة من الجانب الاردني ، بل بسبب الإرهاق والخلل الداخلي في الجيش الإسرائيلي، وضغط الجبهات الأخرى، والانقسام الداخلي.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :