الأردن الجديد .. الهوية الوطنية ورحلة التحديث السياسي - الاقتصادي- الإداري
د. بركات النمر العبادي
05-10-2025 10:47 AM
يمثل مشروع الأردن الجديد أكثر من كونه خطة إصلاحية أو برنامجًا حكوميًا ؛ إنه محاولة جذرية لإعادة تعريف علاقة المواطن بالدولة ( الحقوق و الواجبات ) ، وصياغة هوية وطنية معاصرة تعانق المستقبل دون أن تنفصل عن الجذور التاريخية ، في هذا المعنى ، يمكن القول إن الأردن يسعى إلى بناء عقد اجتماعي جديد (Rawls, 1971) يتجاوز منطق اللحظة الآنية إلى منطق الاستدامة التاريخية ، هذا اذا احسن تو ظيف وتطبيق المحاور التي تضمنتها الخطة بالشكل الذيي نبغي لة ان يكون .
التحديث السياسي : نحو دولة المشاركة المؤسسية
إن التوجه نحو برلمان حزبي برامجي هو بمثابة نقل السياسة من دائرة الفردية والعشائرية إلى دائرة العمل الجماعي المنظم ، بدلا من الولاءت الفردية ليحل محلها الولاء للدولة ، هذه النقلة ليست إجرائية فحسب ، بل فلسفية أيضًا ، إذ تعبّر عن الانتقال من شرعية الولاء التقليدي إلى شرعية المشاركة الوطنية (Weber, 1978). ، إن إعادة الاعتبار للحياة الحزبية ليست مجرد تحديث للأداة ، بل إعادة صياغة لـ الهوية الوطنية بحيث يتجلى الأردني كـ "مواطن–فاعل" لا "مواطن–متلقي" ، والهوية هنا ليست هوية إثنية أو جغرافية ، بل هوية سياسية تتأسس على قيم المشاركة ، المساءلة ، والانتماء الواعي.
التحديث الاقتصادي : الهوية الإنتاجية للأردن
رؤية التحديث الاقتصادي (2022–2033) تهدف إلى بناء اقتصاد منتج يعكس هوية الأردن كدولة قادرة على استثمار موقعها الجيوسياسي وعقلها البشري ، في فلسفة الاقتصاد السياسي ، يمكن اعتبار ذلك انتقالًا من "اقتصاد الريع" إلى "اقتصاد الكفاءة" (Luciani, 1990). ، إن تعزيز الطاقة المتجددة ، الاقتصاد الرقمي ، والصناعات الدوائية والغذائية ، ليس فقط من أجل النمو ، بل من أجل صياغة هوية اقتصادية تجعل الأردن معتمدًا على ذاته ، ومرنًا في مواجهة الأزمات العالمية ، هنا تلتقي الهوية الوطنية مع الهوية الإنتاجية: كلاهما يسعى إلى التحرر من التبعية وبناء الكرامة الاقتصادية.
التحديث الإداري : الدولة الشبكية والحوكمة الحديثة
الإصلاح الإداري والتحول الرقمي ليسا مجرد تحديث للبيروقراطية ، بل تأسيس لنمط جديد من علاقة الدولة بالمجتمع ، فالدولة في الرؤية الجديدة ليست سلطة عمودية تُمارس الوصاية ، بل شبكة تفاعلية تقدّم خدمة بكفاءة وشفافية (Castells, 1996). ، بهذا المعنى ، تتجسد الهوية الوطنية في مؤسسات مرنة قادرة على الاستماع للمواطن والاستجابة لحاجاته ، مما يكرس مفهوم "المواطنة الفعّالة" لا "المواطنة السلبية".
الهوية الوطنية الاردنية : من الرمز إلى العقد الاجتماعي
إن مشروع التحديث يضع الهوية الوطنية الأردنية في قلب المعادلة:
• هوية تنفتح على العصر دون أن تتخلى عن الإرث الثقافي والتاريخي.
• هوية تُعيد تعريف الانتماء بوصفه مشاركة سياسية واقتصادية ، لا مجرد ارتباط وجداني.
• هوية ترى في التنوع الاجتماعي قوة ، لا تهديدًا ، وتؤسس لوحدة قائمة على التعددية.
فلسفيًا ، يمكن القول إن الأردن يسعى إلى هوية وطنية محصنة تشبه ما طرحه "هبرماس" حول المواطنة الدستورية، حيث يصبح الدستور والقانون هما الرابط الجامع بين الأفراد (Habermas, 1998).
الاستراتيجية : بناء الأردن الجديد كرحلة تاريخية
الاستراتيجية المرسومة ليست حدثًا ظرفيًا ، بل مسارًا تاريخيًا طويل الأمد ، يمكن تلخيصه في:
• أفق زمني (2022 –2033)يتيح ترسيخ الإصلاح تدريجيًا.
• تمكين الشباب والمرأة باعتبارهم ليسوا فقط مستقبل الدولة، بل حاضرها أيضًا.
• شراكة بين القطاعين العام والخاص لتوزيع الأعباء وصناعة الفرص.
• تحويل الموقع الجيوسياسي للأردن إلى مركز إقليمي للطاقة والتعليم والصحة.
• إن مشروع الأردن الجديد هو لحظة تأسيسية تسعى لإعادة كتابة العلاقة بين الدولة والمجتمع عبر ثلاثة محاور متكاملة: سياسي، اقتصادي، إداري. لكن البُعد الأعمق فيه هو إعادة تعريف الهوية الوطنية باعتبارها هوية تشاركية، إنتاجية، ودستورية.
وبذلك، لا يعود الأردن مجرد دولة تبحث عن الاستقرار، بل يصبح فضاءً سياسيًا–فلسفيًا يتطلع إلى أن يكون نموذجًا في المنطقة : نموذج الدولة التي تتصالح مع ماضيها ، وتبني حاضرها، وتستشرف مستقبلها على قاعدة المشاركة والعدالة ، والاردن بهذا التصور هو ما يسعىى له حزب المحافظين الاردني و يتوافق مع برامجه السياسية و الاقتصادية و الادرارية التي يسعى الحزب لما سيصبح عليه وطننا الاردن باذن الله تعالى .
حمى الله الوطن وسدد على طريق الحق خطى قيادته وشعبه