facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




مبادرة وزير الداخلية ليست مجرد توجيهات بل صمام أمان


المحامي اسامة البيطار
07-10-2025 06:20 PM

أرى أن المبادرة التي أطلقتها وزارة الداخلية الأردنية مؤخرًا، لتنظيم المظاهر الاجتماعية في الأفراح والأتراح، تستحق التقدير والثناء. فهي ليست مجرد تعليمات أو توجيهات إدارية، بل صمام أمان اجتماعي يُعيد إلى المجتمع توازنه المفقود، ويذكّرنا أن القوانين لا تكون فاعلة إلا حين تتحول إلى وعيٍ وسلوك.

لقد أصبح المجتمع الأردني في السنوات الأخيرة يُرهق نفسه بتكاليف المناسبات، حتى فقدت بعض قيمها الأصلية. في الأعراس مثلًا، لم تعد الجاهات مظهرًا للتكريم بل عبئًا اجتماعيًا؛ إذ ينشغل كثيرون بالبحث عن “شخصية سياسية مرموقة” لتشارك في الجاهة، حتى لو لم يكن بين هذه الشخصية وأهل العروسين أي معرفة سابقة.
تحوّلت المشاركة من تقديرٍ اجتماعي إلى واجبٍ شكليٍّ ممجوج، وفقدت روحها البسيطة الأصيلة التي تقوم على الاحترام والمودة، لا على المظاهر والوجاهة.

أما المهر، فقد جعله البعض ميدانًا للتفاخر والمزايدة، مع أن الرسول صلى الله عليه وسلم وجّه أحد الصحابة حين لم يجد مالًا إلى أن “يلتمس خاتمًا من حديد”، في إشارة واضحة إلى أن البساطة هي جوهر البركة، وأن المهر ليس ثمنًا يُدفع بل عهدٌ يُحترم.

هذه الروح النبوية الأصيلة هي التي تحاول مبادرة وزارة الداخلية أن تعيدها، بأن تذكّر الناس أن قيمة الزواج في استقراره لا في كلفته.

وفي المقابل، لم تسلم الأتراح من المبالغة، إذ أصبحت كلفة إقامة بيوت العزاء في بعض المناطق تُرهق أهل المتوفى أنفسهم، فيخرجون من العزاء مثقلين بالديون بدل أن يخفف عنهم المجتمع.

إنّ الكرم لا يُقاس بعدد الولائم ولا بكثرة المصروف، بل بحسن المواساة وبكلمة طيبةٍ تُواسي القلوب.

من منظور قانوني، تمثل هذه المبادرة تطبيقًا عمليًا لمفهوم النظام العام الاجتماعي، وهو المفهوم الذي يجعل من القانون أداة لحماية المجتمع من إرهاق ذاته بعاداته.
وهي في الوقت ذاته نموذج لـ العدالة الوقائية التي تتدخل لتنظيم السلوك قبل أن تتحول الظواهر إلى أزمات اقتصادية ونفسية.

إن ما قامت به وزارة الداخلية يعيد إلى الدولة دورها الطبيعي كمربيٍ اجتماعيٍ حكيمٍ، لا كسلطة رقابيةٍ فقط، ويجعلنا ندرك أن القانون لا يعيش في النصوص وحدها، بل في الوعي الذي يُجسّده الناس.

تحية تقدير لمعالي وزير الداخلية وفريقه على هذا التوجه الواعي الذي يعيد التوازن بين الفرح والواجب، وبين الكرم والاعتدال، ويذكّرنا أن الأردن لا يحتاج إلى مزيد من القوانين بقدر ما يحتاج إلى ثقافة قانونية مجتمعية تحترم البساطة وتقدّس التوازن





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :