تشهد الولايات المتحدة تحولا متزايدا في المزاج الشعبي والسياسي تجاه العلاقة مع الكيان الصهيوني فما كان في السابق خطا احمر لا يقبل النقاش اصبح اليوم موضع جدل واسع في الجامعات ووسائل الاعلام الحرة وحتى في اروقة الكونغرس اصوات المعارضين لم تعد تقتصر على الشارع الامريكي بل امتدت الى شخصيات بارزة في مجلس الشيوخ والنواب ترفض استمرار الدعم غير المشروط وتطالب بمراجعة المساعدات العسكرية والمالية التي تقدر بمليارات الدولارات سنويا

السيناتور بيرني ساندرز اكد في اكثر من مناسبة ان المساعدات العسكرية يجب ان تتوقف لانها تستخدم في قتل الابرياء في غزة والضفة وليس في الدفاع عن امن امريكا بريان شاتز وصف تجويع المدنيين وقطع المساعدات الغذائية بانه عمل غير انساني وانتقد طريقة ادارة اسرائيل للحرب اما جيف ميركلي وايدو ماركي وكريس ميرفي فقد وقعوا مشاريع قوانين تسعى الى وقف مبيعات الاسلحة لاسرائيل مؤكدين ان امريكا لا يمكن ان تدعي الدفاع عن حقوق الانسان وهي تمول في الوقت ذاته القصف والتدمير كما ان كريس فان هولن ذهب ابعد حين قال ان السياسات الاسرائيلية ليست فقط ظالمة بل استراتيجية واخلاقية خاطئة

هذه المواقف لم تأت من فراغ بل من ضغوط شعبية هائلة تمثلت في موجات احتجاج واعتقالات طلابية في كبرى الجامعات الامريكية حيث خرج الاف الشباب يهتفون ضد تمويل الاحتلال ويربطون بين اموال الضرائب وحروب الابادة صور الاطفال تحت الانقاض واصوات الامهات في غزة قلبت معادلة الرأي العام ودفعت جيلا كاملا الى طرح سؤال كان ممنوعا لعقود وهو لماذا ندفع نحن ثمن جرائم غيرنا

ادارة ترمب لعبت دورا محوريا في كشف الانحياز الاعمى حيث اعلن دعمه المطلق لاسرائيل وتباهى بنقل السفارة الى القدس ضاربا عرض الحائط بكل قرارات الشرعية الدولية هذا الموقف الوحشي لم يسكت المعارضة بل اشعلها فترمب بخطابه القاسي قدم الدليل على ان السياسة الامريكية مختطفة من لوبيات اولاد شالوم الامر الذي جعل حتى بعض الديمقراطيين والجمهوريين المعتدلين يرفعون اصواتهم بالرفض

اليوم لم يعد من الممكن اخفاء الحقيقة النقاش حول وقف المساعدات تحول من فكرة هامشية الى موضوع اساسي على الطاولة السياسية ومع استمرار الضغط الشعبي وتوسع دائرة الرافضين من الشباب والاكاديميين والساسة فإن المستقبل يحمل مؤشرا واضحا ان الدعم غير المشروط للكيان لم يعد قدرا محتوما بل خيارا سياسيا يزداد رفضه يوما بعد يوم الاصوات المعارضة تتقدم والهيمنة المطلقة تتراجع وهذه بداية مرحلة جديدة في تاريخ العلاقة الامريكية الاسرائيلية