نداء عاجل: أنقذوا أطفالنا من مخاطر “روبلوكس”
د. هيفاء ابوغزالة
11-10-2025 06:44 PM
في خضم الانفتاح الواسع على العالم الرقمي، تتسلّل إلى أيدي أطفالنا تطبيقات وألعاب إلكترونية تُقدَّم بواجهة بريئة، لكنها تُخفي وراءها عوالم غامضة وخطرة. من أبرزها لعبة «روبلوكس» (Roblox)، التي أصبحت اليوم بين أيدي ملايين الأطفال في العالم العربي، وبعضهم لا يتجاوز العاشرة من عمره.
ما يبدو للوهلة الأولى “مجرد لعبة” هو في الحقيقة منصة مفتوحة تحتوي على آلاف العوالم والمنصات الفرعية التي يصعب ضبطها أو معرفة محتواها، حيث يجد الطفل نفسه متنقلاً بين مساحات مجهولة تُدار أحيانًا من مستخدمين كبار في السن أو من جهات مجهولة، بما في ذلك مساحات قد تحتوي على محتوى مسيء أو محرض أو حتى محاولات للتحرش الإلكتروني.
إحدى الأمهات روت لي تجربتها بقلق شديد: ابنتها أصرّت على الاشتراك في اللعبة لأن “كل صديقاتها فيها”، فاستجابت الأم بحسن نية، وسجّلت اللعبة مستخدمةً بطاقة الائتمان المخزّنة على الهاتف. ثم بدأت الكارثة: خصومات يومية تتراوح بين 150 إلى 300 دولار تُسحب تلقائيًا من البطاقة دون أي إذن أو تنبيه واضح! وحين حاولت التواصل مع الشركة، لم تجد جهة بشرية تتحدث إليها، بل ردّاً آلياً من الذكاء الاصطناعي لا يقدم حلاً ولا يوقف النزيف المالي المستمر.
هذه الواقعة ليست حالة فردية، بل جرس إنذار مدوٍّ لمئات الأسر الأردنية والعربية التي بدأت تواجه المخاطر نفسها. فالموضوع لم يعد ترفاً رقمياً، بل قضية أمن أسري ومالي واجتماعي تستدعي تدخلاً عاجلاً من الجهات الرسمية.
إنني أوجّه هذا النداء إلى الحكومة، ووزارة الاقتصاد الرقمي، وهيئة الإعلام، ووحدة الجرائم الإلكترونية، ووزارة التربية والتعليم وكل جهة تُعنى بحماية الأسرة والطفل:
أوقفوا هذه المنصة مؤقتاً لحين إخضاعها للتدقيق، وأطلقوا حملة وطنية للتوعية الرقمية تُحذّر الأسر من مخاطر هذه الألعاب، وتوضح كيفية حماية الأطفال من الابتزاز الإلكتروني والاستنزاف المالي.
كما أدعو البنوك الأردنية إلى وضع أنظمة إنذار مسبق لعمليات الخصم غير المصرّح بها من التطبيقات الإلكترونية، حتى لا تُستغل ثقة الأهالي في ما يُقدَّم على أنه “لعبة ترفيهية”.
أطفالنا ليسوا أرقاماً في حسابات شركات رقمية عابرة، بل هم مستقبل هذا الوطن، وحمايتهم مسؤولية جماعية. إن منصات مثل “روبلوكس” لم تعد مجرد تسلية، بل أصبحت بوابة مفتوحة على عوالم خطرة تتجاوز اللعب إلى التلاعب بالعقول والجيوب والمشاعر.
فلنغلق هذه الأبواب قبل أن تدفع أسرٌ أخرى ثمناً مؤلماً…
ولنضع سلامة أطفالنا فوق أي اعتبار.