فارس عوض .. رحيل الصوت الشجي
د.عدنان الطوباسي
13-10-2025 08:36 AM
تأخذك أيام الزرقاء ولياليها وفضائها الجميل..هناك وفي حي جناعة الخالد كانت معرفتي بالفتى القادم من ربوع مادبا..
كنا زملاء في مدرسة معاوية بن أبي سفيان في السبعينات من القرن الماضي..وبعد الظهيرة كنا نجتمع في بقالة والدي رحمه الله، في الحي العابق بالذكريات الجميلة..
كان فارس عوض وحيدًا لوالديه اللذين سعدت بمعرفتهما بطيب أخلاقهما ورقة مشاعرهما..وعندما يحين وقت الدراسة نحمل كتبنا ونمضي إلى المناطق الخضراء التي كانت تحيط بوادي الحجر والجسور الستة وسكة الحديد.. ونتوقف عند إحدى التلال حيث الاخضرار يمتد على مرمى النظر..
كان فارس يضع كتبه على إحدى الصخور ويمضي بصوته الشجي يغني جميل أغاني المطربين: طلال مداح، ذياب مشهور، وفهد بلان، وغيرهم، كان صوته يملأ الآفاق جمالًا وحضورًا وبهاءً..
وذات يوم قلت له: عليك أن تتقدم إلى برنامج إذاعي يبحث عن الموهوبين من الشباب وأعتقد أن من كان يقدمه في ذلك الزمان الإذاعي المتألق المرحوم سالم العبادي..وفعلًا كان صوته وموهبته تشد لجنة المقابلة..وتم استقطابه، ومع الأيام أصبح مطربًا من مطربي الإذاعة والتلفزيون الأردني المشهود لهم..وكان إلى جانب ذلك طالبًا في الجامعة الأردنية وكنا نلتقي هناك حيث كنت أعمل في رحاب الجامعة..
غنى فارس عوض: "عمّان"، "حبحبني على الخدين"، "يا بو خديد منقرش"، "مرعية يا البنت مرعية"، وغير ذلك من الأغاني الباقية على مر الزمان والمكان..
وكما تتساقط أوراق الخريف في أيلول..كانت أيام عمره تمضي بسرعة فخطفه الموت..خطف الفتى صاحب الصوت الشجي الجميل..
رحل فارس عوض في ربيع العمر..رحل صاحب الصوت الفلكلوري العابق بالفرح..والسمعة الطيبة..رحل تظلله المحبة وبساطة الناس الطيبين..رحمه الله وأسكنه الفردوس الأعلى.
**
للتأمل: قال الشاعر:
قل لي إلى أين المسير
في ظلمة الدرب العسير
طالت لياليه بنا
والعمر لو تدري قصير
adnanodeh58@yahoo.com