"لن أعيش في جلباب ابي" هذا العنوان الذي اختاره الروائي إحسان عبد القدوس، وجسده الفنان الراحل نور الشريف في عمل درامي خالد يصلح ليكون تعبيراً عن حالة جيل كامل من الشباب الأردني اليوم. جيل يرى نفسه قادراً على خدمة وطنه، لكنه يرفض أن يبقى أسير وصاية سياسية عمرها عقود، وصاية أوصلتنا إلى واقع مثقل بالبطالة وجيوب الفقر، وترهل الجهاز الحكومي وهجرة العقول الشابة إلى دول بني جزء من نهضتها بعقول أردنية، ثم عدنا لنتحسر على ما أنجزوه هناك.
من هنا جاءت مبادرة جلالة الملك عبر لجنة التحديث السياسي، والتي منحت الشباب مساحة لعرض رؤيتهم الوطنية وقدمت لجنة الشباب تصورات واضحة كان من المفترض أن تبنى عليها استراتيجيات الدولة في مختلف القطاعات، وذلك لضمان مشاركة شبابية حقيقية في التنمية وصناعة القرار.
لكن ما حدث على أرض الواقع أعاد المشهد إلى نقطة الصفر. حيث عادت النخب السياسية ذاتها من “الشباك” بعد أن خرجت من “الباب” واستخدم الشباب كديكور انتخابي ضمن أحزاب صيغت بعقلية الماضي، فقد تصدر الشيوخ القوائم، ووقف الشباب خلفهم يمنحونهم أصواتهم وشرعيتهم، فكان الناتج إعادة تدوير الرموز نفسها بذات الخطاب والوجوه.
وزادت الحكومة المشهد التباساً بإعادة بعض الشخصيات السياسية نفسها عبر مواقع وزارية أو ما يعادلها وكأن الرسالة الضمنية تقول: “التجديد ممكن… لكن بالأسماء القديمة”.
اليوم ونحن أمام استحقاق انتخاب المكتب الدائم لمجلس النواب يبقى السؤال: هل سنشاهد مشهداً مختلفاً؟
هل سيظهر جيل سياسي جديد يعبر عن روح التحديث؟ أم أن العنوان سيبقى كما هو "محبوساً في جلباب قديم؟"