غزة أمام لحظة الحقيقة: مشروع السلام أم مشروع حماس؟
م. وائل سامي السماعين
19-10-2025 09:20 PM
تعيش غزة اليوم مفترقًا حاسمًا في تاريخها، بين طريقين لا ثالث لهما: طريق السلام والبناء والانفتاح على العالم، أو طريق الانقسام والعزلة تحت سلطة حماس، التي ربطت مصير أكثر من مليوني إنسان بخياراتها الضيقة وسلاحها الذي لم يجلب سوى الدمار منذ انقلابها على السلطة الفلسطينية.
في الأيام الأخيرة، صدمت العالم مشاهد الإعدامات الميدانية التي نفذتها حماس بحق عددٍ من الفلسطينيين تحت ذريعة "تحقيق العدالة الثورية"، تلتها عمليات إعدامٍ أخرى طالت أشخاصًا اتُّهموا بالخيانة دون محاكمات عادلة، وسط أنباءٍ عن تهديداتٍ وهجماتٍ وشيكةٍ ضد بعض أهالي غزة ممن يُنظر إليهم على أنهم معارضون أو منتقدون لسلطة الحركة.غير أن ما وصفته الحركة بالعدالة، رآه العالم انتهاكًا صارخًا لأبسط قواعد المحاكمة العادلة، وفي مقدمتها حق المتهم في الدفاع عن نفسه. تلك الإعدامات لم تكن سوى دليلٍ جديدٍ على تغلّب لغة السلاح على صوت العقل، واستمرار النهج الذي جعل العنف جزءًا من هوية الحركة منذ سنوات. حتى بعض المصادر الفلسطينية اعتبرت هذه الممارسات امتدادًا طبيعيًا لدوامة الخوف والانقسام التي أنهكت غزة وأضعفت مكانتها الوطنية.
إن العالم اليوم يقف إلى جانب الشعب الفلسطيني وحقه في الحياة والكرامة وإعادة الإعمار، لكن هذا الدعم لن يتحول إلى واقع ملموس ما لم يتخذ أهل غزة قرارهم بأنفسهم.
هل يريدون أن تبقى مدينتهم رهينة لخطاب العنف والمليشيات والسلاح؟
أم أن الوقت قد حان لأن تختار غزة طريق الدولة والشرعية والوحدة الوطنية؟
في مقابلة بثتها قناة العربية، قال أحد ممثلي العشائر إن "حماس تمثل أهالي غزة"، غير أن هذا الادعاء يحتاج إلى اختبارٍ حقيقي لإرادة الناس الحرة، لا عبر الخوف ولا تحت ظل البنادق. فالشعب الذي عانى الحصار والفقر والدمار هو الأقدر على أن يقول كلمته الفصل: نعم للحياة، لا للعنف.
لقد آن الأوان لأن تتحرر غزة من قيودها الداخلية، وأن تعود إلى البيت الفلسطيني الكبير بقرارٍ شجاع من أبنائها. فالعالم يمدّ يده، لكن لن يفعل ما لم يرَ تغييرًا حقيقيًا في نهج الحكم والخطاب السياسي.
إن غزة لا تحتاج إلى مزيدٍ من الشهداء، بل إلى بداية جديدة تُعيد إليها مكانتها كرمزٍ للكرامة لا ساحةً للصراع الداخلي.
ويبقى القرار الأخير بيد أهلها:
إما اختيار طريق الدولة والسلام والبناء،
أو البقاء أسرى مشروعٍ لم يجلب سوى الانقسام والدمار.
waelsamain@gmail.com