facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




السلم والامن الجامعي


د. بركات النمر العبادي
20-10-2025 11:21 AM

* قراءة فلسفية نقدية في جذور العنف الجامعي وأزماته الاجتماعية

مدخل فلسفي: الجامعة بين العقل والعنف

الجامعة هي بيت العقل ومنبر الحوار، لا ميدان الصراع ، فهي مشروع إنساني قوامه التنوير والنقد ، وهدفه إنتاج وعي يوازن بين الحرية والمسؤولية ، غير أن تصاعد مظاهر العنف الجامعي في عدد من الجامعات العربية عامة و الاردنية خاصة ، يشير إلى أزمة في الوعي الاجتماعي والسياسي ، وخلل في الدور القيمي للمؤسسات التعليمية،

فحين تتحول قاعات الدرس إلى ساحات توتر، فذلك يعني أن الجامعة فقدت وظيفتها الرمزية بوصفها عقل المجتمع.

العنف الجامعي كمرآة لعجز الدولة والمجتمع

إن ظاهرة العنف الجامعي لا يمكن فصلها عن أزمات الفقر والبطالة والتهميش التي يعيشها الشباب العربي ، فعجز الحكومات عن معالجة هذه القضايا الجوهرية جعل فئة الشباب تعيش في حالة من الاغتراب الوجودي والإحباط الاجتماعي ، فالطالب الذي يدخل الجامعة بأمل المستقبل ، يصطدم بواقعٍ يعجز عن استيعابه بعد التخرج ، فيفقد الثقة بالمؤسسة وبالمعنى ذاته للتعليم ، هذا الإحباط البنيوي يتحول إلى توتر داخلي يجد في العنف وسيلة للتعبير والاحتجاج على العجز الجماعي.

من القوة إلى العنف

توضح "حنة أرندت " في كتابها في العنف أن القوة تنبع من الشرعية الجماعية ، أما العنف فهو نتاج عجز هذه الشرعية ، من هذا المنطلق ، يمكن قراءة العنف الجامعي على أنه مؤشر على فقدان الشرعية الرمزية داخل المؤسسات التربوية ، حيث يغيب الإقناع ويحل محله الإكراه ، حين لا يشعر الطالب بأن صوته مسموع أو أن جهده مجدٍ ، يتحول الوعي النقدي إلى غضب عدمي ،والعقل إلى أداة للاحتجاج لا للفهم.

العنف الجامعي والعقل الأداتي

يرى " أدورنو وهوركهايمر " في جدل التنوير أن العقل حين يتحول إلى أداة للهيمنة الاقتصادية والسياسية، يفقد جوهره التحرري ، ينسحب هذا المنطق على الجامعة الحديثة التي أصبحت تُنتج الشهادات أكثر مما تُنتج الفكر، وتغرس التنافس بدل الحوار ، والطالب الذي يتعامل مع التعليم كوسيلة لا كقيمة ، يصبح أكثر عرضة للشعور باللاجدوى ، وهو ما يغذّي السلوك العنيف كآلية دفاع ضد الإقصاء الرمزي الذي يمارسه الواقع.

من الإحباط إلى العنف و أزمة الاغتراب الشبابي

يشير العديد من الباحثين إلى أن العنف بين الشباب الجامعي غالبًا ما يكون نتيجة إحباط اجتماعي واقتصادي متراكم ، وليس انحرافًا سلوكيًا فرديًا ، فالطالب الفقير أو العاطل أو المهمّش يشعر أن النظام التعليمي لم يعد يضمن له العدالة أو المستقبل ، يعيش بذلك نوعًا من الاغتراب عن الذات والمؤسسة والمجتمع ، فيتحول الغضب إلى وسيلة لإثبات الوجود في فضاء لا يسمعه ، إنه عنف رمزي ضد التهميش ، وعنف واقعي ضد الصمت.

نحو مشروع فلسفي للأمن والسلم الجامعي

تحقيق السلم الجامعي لا يتم عبر الضبط الأمني وحده، بل عبر إصلاح ثقافي وتربوي شامل يقوم على:
• إعادة الاعتبار لقيم العدالة الاجتماعية والمواطنة في السياسات التعليمية.
• دمج الدعم النفسي والاجتماعي في منظومة التعليم الجامعي.
• ترسيخ ثقافة الحوار والاختلاف عبر برامج وأنشطة طلابية.
• ربط التعليم بمشروعات التمكين الاقتصادي والتنمية المحلية، بما يمنح الشباب شعورًا بالفاعلية والمعنى.

من الأمن المادي إلى الأمن الوجودي

الأمن الجامعي الحقيقي لا يقوم على الحراس ، بل على الثقة والكرامة ، فالعنف الجامعي ليس مجرد خلل في السلوك ، بل هو صرخة وجودية في وجه واقعٍ عاجز عن منح الشباب أملاً أو أفقًا. إنّ مشروع السلم الجامعي هو في جوهره مشروع لإعادة بناء الوعي الوطني على أسس الحرية والعقل والعدالة.

حين تُستعاد الجامعة كمجالٍ للكرامة والمعرفة ، يتحول الإحباط إلى إبداع ، والعنف إلى فكرٍ نقدي منتج ، واليأس إلى مشروع حياة.

حمى الله الاردن وسدد على طريق الحق خطى شعبه وقيادة





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :