عمون - ضمن سلسلة الحوارات الوطنية التي يعقدها ملتقى النخبة - Elite، استضاف الملتقى مساء الثلاثاء جلسة حوارية بعنوان: "الاقتصاد الأردني بين التعليم والعمالة والاستثمار.. مَن يُشغّل مَن؟"، في محاولة جادة لتشريح ملف البطالة في الأردن بحثاً عن حلول عملية تبنى على تشخيص مهني للواقع، وفهمٍ متكامل لسوق العمل ومخرجات التعليم وبيئة الاستثمار.
فحين تُصبح البطالة وجعاً متوارثاً لا يُحل بالخطاب ولا تُسكّنه الوعود، وحين تتكرر الأرقام كأنها صدى لعجزٍ إداريّ واقتصاديّ ممتد، فإن الحوار لم يعد لتعبئة الوقت، وليقال أننا تحدثنا فيه، بل واجباً وطنياً لا يحتمل التأجيل.
نحن اليوم لا نبحث عن كلماتٍ تُقال، بل عن مفاصل تُشخص، ولا نريد نواحاً على واقع يدركه الجميع، بل نريد مساراً مهنياً وعلمياً يُقارب الأسباب بجرأة، ويقترح الحلول بعقلانية.
إنّ الغاية من هذا الحوار الوطني أن نخرج بملف متكامل يُرفع إلى صانع القرار، لا لتتزيّن به الرفوف، بل ليكون خارطة طريق اقتصادية حقيقية، تُعالج جذور البطالة من منبعها التعليمي إلى مصبها الاستثماري، وتعيد التوازن بين العرض والطلب في سوق العمل، كما تفتح ملف العمالة الوافدة بلا مواربة، تلك الثغرة التي تستنزف خزينة الدولة وتُغلق الأبواب أمام شبابها.
غير أن ما يُثير الدهشة والأسى معاً، أنّنا في الوقت الذي نجلس فيه على طاولات الدائنين طلباً لقروضٍ لا تتجاوز 200 أو 300 مليون دولار لسد عجز الموازنة، نغض الطرف عن مئات الملايين التي تضيع سنوياً بسبب غياب الضبط في ملف العمالة الوافدة غير المرخّصة، وكأننا نطلب العون بأيدٍ مثقوبة، ونترك النزيف يتواصل دون جراحة حقيقية.
ونؤكد للجميع، مشاركين ومتابعين، بأننا هنا لنجري تشريحا وطنيا للبطالة، لا محاضرة إنشائية، ولا بكائية سياسية، بل نقف أمام الأرقام بضمير مهني وأمام الواقع بعين ناقدة مسؤولة. لذلك نريد حلولا قابلة للتطبيق، تُبنى على فهم لسوق العمل، ولمخرجات التعليم، ولبيئة الاستثمار، لا على الرغبات والشعارات.
- ما مدى مواءمة مخرجات التعليم الأكاديمي والتقني مع احتياجات سوق العمل الأردني الفعلية؟ وهل هناك آلية وطنية لربط الجامعات والمعاهد بمؤشرات الطلب في القطاعات الإنتاجية؟
- إلى أي حد تسهم البيئة التشريعية والبيروقراطية في طرد الاستثمارات المحلية والأجنبية؟ وكيف يمكن تبسيط الإجراءات دون الإضرار بالرقابة؟
- ما هو الحجم الحقيقي للعمالة الوافدة غير النظامية؟ وما أثرها المالي والاقتصادي على فرص العمل للأردنيين وعلى خزينة الدولة؟ وكيف يمكن تحويل هذا الملف من عبءٍ إلى مصدر منظم للإيراد الوطني؟
- كيف يمكن تحويل التدريب المهني من ملاذ اضطراري إلى مسار جاذب يُعيد الاعتبار لفكرة العمل المنتج؟
- ما هي السياسات المطلوبة لإعادة توزيع العمالة داخل المحافظات بما يتناسب مع الموارد المحلية والفرص التنموية؟
- هل آن الأوان لإعادة النظر في فلسفة التعليم والعمل برؤيةٍ وطنيةٍ جديدة، تجعل التشغيل هدفاً للتعليم لا نتيجةً عشوائية له؟
- والتساؤل الذي يدور في ذهن الجميع.. أليس الأجدر بنا أن نُحكم إدارة مواردنا الداخلية قبل أن نطرق أبواب الاقتراض الخارجي؟
*الخبير الاقتصادي الدكتور أحمد الرشود.. طرح مبادرة وطنية.. فكانت مداخلته كما يلي:
اشكر ملتقانا العزيز على دورة في تقديم الرأي ووجهة النظرالمحايدة والموضوعية ازاء المسائل الوطنية، وفي سياق موضوع هذا اليوم حول الاقتصاد الاردني والتعليموالبطالة.
اود أن اقدم مساهمتي بشكل مباشر لما لهذا الموضوع من أهمية قصوى في ظل مؤشرات اقتصادية ما زالت متواضعة في الاستجابة لمتطلبات التشغيل واستيعاب مخرجات التعليم الهائلة سنويا (2.7% نمو بالناتج المحلي ) واستثمارات اجنبية باقل من مليار دينار حسب 2024 ، ونسبة تضخم تعبر عن تباطىء النشاط الاقتصادي والقوة الشرائية بحوالي 1.8% ( مؤشرات البنك المركزي ) ، ذلك لن يحدث نمو يلبي متطلبات الاقتصاد الاردني واحتياجات الناس للمستقبل في ظل مديونية تلامس ال50 مليار دينار حسب نفس المصدر ،
وكي لا ندخل بتفاصيل تقنية وفنية وتحليل.. فأننا نود... إطلاق مقترح لمبادرة وطنية مبتكرة بثلاث روافع مترابطة.. بإشراف جهه تطبق معايير الحوكمة بجدية ومؤسسية مستدامة.. حيث ترتكز هذه المبادرة على:
1. مبادرة دعم رواد الاعمال في التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي ( صنّاع المستقبل) : لاستيعاب الكفاءات الشبابيه في هذا المجال.
2. مبادرة دعم رواد الاعمال في تكنلوجيا الزراعة والانتاج الزراعي لغايات التصدير ( روّاد الارض الطيبة ) : لاستيعاب الشباب الخريجين من الزراعة وغيرها .
3. مبادرات رواد الاعمال المهندسين والخريجين من التخصصات التقنية ( تمكّين ) : لاستيعاب الشباب من التخصصات الهندسية والتقنية .
4. انشاء مراكز تدريب وتوجية وطنية لدعم هولا وبمساعدة جهات دولية .
5. بناء منظومة عمل للتنسيق بين القطاعات الاقتصادية والاكاديمية والسفارات الاردنية بالخارج لتسويق المنتجات والشباب المدربين والمؤهلين .
6. توفير أحد مصادر التمويل من خارج الموازنة ومن المنح والمساعدات لاحلالها كاولوية وطنية بدل صرف مثل هذه المصادر على برامج اقل بكثير من الاهمية .
من النتائج المتوقعة خلال عامين خلق اكثر من 20 الف مشروع صغير ومتوسط او متناهي الصغر ناجح ، تشغيل 200 الف خريج بمختلف التخصصات وزيادة الصادرات الوطنية الصناعية والزراعية إضافة الى تصدير 50 الف كفاءة للعمل في اسواق العمل الاقليمية والدولية بمختلفة الاشكال.
ستعالج هذه المبادرات التحديات وتخلق الفرص لابناءنا في المحافظات حيث ستبقى التنمية ناقصة ان لم تكن شمولية. الملتقى مستعد لتقديم تصور تفصيلي متكامل لهذه المبادرات المقترحة.
لا خيار لدينا اليوم الا العمل قبل استحالة الحلول.. الاردن يستحق بشبابة.
*النائب السابق الدكتور هايل ودعان الدعجة.. والذي ركز في مداخلته على العمالة الوافدة واثرها على البطالة وحجم تاثيرها على الخزينة:
اريد ان اتناول هذا الموضوع من الزاوية التي طالما ركزت عليها محاولا اثارتها اعلاميا وشعبيا لعل وعسى ان تصل الرسالة الى الجهات الحكومية والرسمية المعنية . وهي الزاوية المتعلقة بملف العمالة الوافدة الذي يعاني من الفوضى والتقاعس الرسمي في التعامل معه ، خاصة ونحن نشاهد الاغلبية من هذه العمالة المتواجدة في بلدنا بشكل مخالف وغير قانوني ولا تحمل تصاريح عمل ، لتضيع على بلدنا مئات الملايين وربما تصل الى مليار لا بل مليارات اذا ما قمنا بحسبة ذلك على مدى سنوات سابقة من الاهمال والتقاعس الرسمي في التعامل مع هذا الملف الفوضوي ، الذي يمثل سببا اخر من اسباب انتشار البطالة الذي لا يحظى بالاهتمام على الاجندات الحكومية ، حتى وهي ترى العمالة غير الاردنية تزاحم المواطن الاردني على الوظيفة في ظل اوضاع مالية واقتصادية سيئة جدا ، وما يرافقها من التزامات مالية للدولة على شكل رسوم وضرائب وفواتير مياه وكهرباء وهواتف عليه دفعها .. فهل يعقل ان يكون هناك ٨ عاملين غير اردنيين مقابل كل ١٠ عاملين اردنيين .. في ظل بطالة تتجاوز ٢٠ و ٢٢ ٪ جعلت الحكومة تلغي ديوان الخدمة المدنية الشاهد على ارقام البطالة المتصاعدة .. ثم يأتي رئيس هيئة الخدمة والادارة العامة ليعلن بطريقة غير مباشرة بانه لا توجد وظائف في الجهاز الحكومي لمن يولد اليوم ويصبح عمره ٧٣ عاما .. في الوقت الذي تفتح فيه الحكومات حدود البلد وابوابه للعمالة الوافدة للعمل وبشكل مخالف وبدون تصاريح عمل .
فهل يعقل ان يحصل هذا في بلد معظم المؤشرات الاقتصادية فيه ان لم يكن جميعها سلبية وتنذر بالخطر .. على شكل فقر وبطالة ومديونية بنسب كبيرة وغلاء فاحش وتكاليف معيشة باهظة ..
وان اللافت ان هذه الازمات والمشاكل تحدث في الوقت الذي تبشر به الحكومة المواطن بالمؤشرات والنتائج الايجابية لرؤية التحديث الاقتصادي التي لم يراها ولم يشعر بها ..
فمتى تقوم الجهات المعنية بواجبها في الحد من فوضى ملف العمالة الوافدة وتحصيل حقوق البلد المالية منها وهي بمئات الملايين وربما بالمليارات .. ؟!.
*الدكتور حسين البناء الاكاديمي والاقتصادي.. كانت وجهة نظره تحت عنوان "التوظيف والاستثمار":
بلغ عدد المواليد في الأردن عام 2024 ما يزيد عن 155000 حالة، يتوجب استثمار ما قيمته 6 بليون دولارًا بالمتوسط لتوظيف هذا العدد في قطاعات إنتاجية حقيقية، نظرًا لتباين كلفة توليد الوظيفة الواحدة بين القطاعات.
بلغ حجم الاستثمار في العام 2024 ما قيمته 1.7 بليون دولارًا، برغم ذلك ظلت معدلات البطالة حول 21% كمؤشر سلبي على عدم توازن معدل النمو السكاني مع النمو الاقتصادي، علاوةً على توجيه الاستثمار لقطاعات غير كثيفة عماليًا.
تحقيق مستوى من الاستثمار يتوازى مع معدل المواليد هو أمر غير وارد في ظل الظروف الموضوعية، حيث حروب المنطقة المستمرة، وصغر حجم السوق الوطني، وفي ظل غياب سياسة حكومية جادة شاملة ومحفزة تسعى لتطوير بيئة الأعمال المحلية وتقليل تكلفة الإنتاج، كما أن غياب الاستقرار التشريعي كان جزءًا من المشكلة.
نحن بحاجة لاستراتيجية تشغيل وتوجيه استثمار وطنية حقيقية، تكون موضوعية وجادة وبعيدة الأمد، وعابرة للحكومات، تمنح المستثمر مزايا واسعة للتصدير وخفض الكلف والمحفزات الجمركية والضريبية. وهنا عملانيًا نتحدث عن خفض كلفة الأرض، والشحن، والمواصلات، والمباني الصناعية، والأرض الزراعية، وتوفير المياه، والتوسع في بدائل توليد الكهرباء، وخفض كلفة العامل الماهر، والتخفيف عن الشركات في كلفة التأمين الصحي واقتطاعات الضمان الاجتماعي.
*رجل الأعمال المهندس محمد زكي السعودي.. كانت وجهة نظره كالآتي:
نعيش في الاردن ازمه تشغيل وبطالة نتحدث عنها ونراها بام اعيينا تتفاقم بالرغم من اتخاذ العديد من الاجراءات للحد من تفاقمها.
ولكن لدينا عرض كبير نتيجة لمجتمعنا الفتي عن الطلب المحلي للتوظيف نتيجة لضغف السوق ومحدوديته بالرغم من الجهود الكبيرة لزيادة فرص العمل وخاصة في القطاع الصناعي الذي خلال السنوات القريبة الماضية حقق نمواً مضطرداً وزاد معدل التوظيف لديه ولايزال هذا القطاع قابلاً للزيادة والاستيعاب للايدي العاملة الماهرة وهو الرافعة الحقيقية للنهوض بالاقتصاد والمساهمة في الحد من مشكلة البطالة.
ان ربط مخرجات التعليم بما يقدم دعم للقطاع الصناعي وخاصة في المجال التقني الهندسي وربطه بالذكاء الصناعي هو الرافعة الحقيقية وقد تنبهت معظم جامعاتنا لهذه النقطة فوفرت مساقات تعليمية سيكون لها اثر كبير بتحسين ظروف الايدي العاملة الماهرة، وان تعزيز هذه الرؤيا سيظهر اثراً ايجابياً على المستوى المحلي والعالمي كمصدرين لخبرات للسوق الخليجي خاصة.
ان دور الحكومه مهم جداً من التخفيف من البيروقراطية في الاجراءات الحكومية وتقديم الدعم في مجال الطاقة للقطاع الصناعي كي يساهم بشكل اكبر في حل ازمه البطالة.
*السيد عمر الشيشاني.. المهتم بالابتكار والاختراعات.. أوجز رأيه كما يلي:
الوضع الحالي يُلخَّص في: اقتصاد صعب، وطاقة شبابية معطلة، وإحباط متزايد.
الحل ليس في الانتظار، بل في تحويل الطاقة الشبابية من إحباط إلى إبداع. مفتاح هذا التحول هو: الابتكار.
الابتكار ليس رفاهية، بل ضرورة لأنه:
· لا يحتاج مالاً ضخماً بل يحتاج عقولاً.
· يخلق وظائف جديدة من لا شيء.
· يحول الأزمة إلى فرصة.
كيف نصل له؟
· الشباب: تحولوا من "باحثين عن وظيفة" إلى "صانعي وظيفة".
· الدولة: إزالة البيروقراطية، وتوفير حاضنات أفكار.
· المجتمع: احتضان ثقافة الابتكار وتقبل الفشل كخطوة للنجاح.
الخلاصة:
الدولة تفتح الأبواب،لكننا نحن من ندخلها بأفكارنا. لنبتكر لأنفسنا مستقبلاً، فنحن الأقدر على حل مشاكلنا.
*الدكتور نعيم الملكاوي.. كاتب.. باحث سياسي.. كانت مداخلته تحت عنوان "الاقتصاد الأردني بين التعليم والعمالة والاستثمار.. مَن يشغّل مَن؟":
حين تتكرر مفردة البطالة في كل حوار اقتصادي، فنحن لا نواجه رقمًا جامدًا، بل خللاً هيكليّاً في منظومة التعليم والإنتاج والتشغيل. فالسؤال لم يعد كم نُخرِّج، بل كم نُشغِّل؟ ومن يشغِّل من في هذا الاقتصاد الصغير الذي يملك طاقات كبيرة؟
أولا، لا يمكن معالجة البطالة دون إعادة هندسة العلاقة بين التعليم وسوق العمل. المطلوب ليس إنشاء جامعات جديدة، بل ربط القائم منها بالطلب الفعلي في القطاعات الإنتاجية. نحتاج إلى منصة وطنية موحّدة تحدد سنوياً ما يحتاجه السوق من مهارات، وتوجّه التمويل الجامعي والتقني بناءً على نسب التشغيل الفعلية للخريجين.
ثانيا، يجب أن نعيد الاعتبار للتدريب المهني كمسارٍ مُنتج لا كخيارٍ اضطراري. فحين يُصبح التدريب طريقا إلى دخل كريم، تتغير النظرة المجتمعية ويُعاد التوازن بين المعرفة النظرية والمهارة العملية. يمكن تحقيق ذلك عبر شراكات مع القطاع الخاص، وحوافز ضريبية للشركات التي تدرب وتوظف أردنيين.
ثالثا، بيئة الاستثمار بحاجة إلى تحرير إداري وتشريعي، لا إلى شعارات تحفيز. النافذة الواحدة يجب أن تكون رقمية وسريعة وتعزيز ما هو موجود، والرقابة ذكية لا معرقلة. فالمستثمر لا يهرب من الضريبة، بل من الغموض والبطء.
رابعا، ملف العمالة الوافدة لا بد أن يُدار بمنهج اقتصادي لا أمني فقط. لدينا عمالة وافدة غير نظامية تفوق الحاجة وتستنزف فرص العمل والإيرادات. المطلوب حملة تنظيمية تُحوّل هذا الملف من عبء إلى مصدر دخل منظم عبر تصاريح مرنة ورسوم توظيف تذهب لصندوق التشغيل.
خامسا، علينا أن نعيد توزيع العمالة على المحافظات وفق الموارد المحلية. ليس منطقياً أن تتركّز البطالة في الأطراف بينما تتكدّس فرص العمل في العاصمة. الحل بتقديم حوافز ضريبية ونقل بعض الأنشطة الإنتاجية إلى المحافظات.
سادسا، فلسفة التعليم نفسها بحاجة إلى مراجعة وطنية شجاعة. التعليم يجب أن يُخطَّط من أجل التشغيل، لا أن يبقى إنتاجاً عشوائيا للشهادات والخريجين . فحين يصبح التشغيل هدفاً للتعليم، يتحول الخريج من طالب وظيفة إلى صانع فرصة.
وأخيراً ، قبل أن نطرق أبواب الاقتراض الخارجي، علينا أن نحسن إدارة مواردنا الداخلية، فالتحدي ليس في نقص المال بل في هدر الكفاءة وسوء التوزيع وإدارة الموارد .
إن الاقتصاد الأردني لن ينهض بخطابات النوايا، بل بربطٍ عقلاني بين التعليم المنتج، والاستثمار الجاذب، والعمالة المنظمة… تلك هي المثلث الذهبي الذي إن توازن، اشتغلت الدولة كلّها.
وفي الختام أقولها بأعلى صوتي لسنا بحاجة إلى معجزات بقدر حاجتنا إلى إرادة تنفيذ تربط القول بالفعل. فإذا التقَت المعرفة بالإنتاج، وصارت الشهادة جسراً إلى العمل لا شهادة حضور في طوابير الوظائف، عندها فقط نستطيع أن نقول: بدأ الاقتصاد الأردني يشغّل نفسه بنفسه.
*الدكتور مصطفى التل.. كانت مداخلته تحت عنوان "مهندسو الاقتصاد الاردني من الثبات الى اللا استقرار":
الباحث المتمعّن في السياسات الاقتصادية المتبعة حاليا في الأردن يجد أنها لا تنتج إلا متعثرين , وزيادة التضخم ,والدخول في مرحلة انكماش اقتصادي رغم الإنكار شبه الرسمي, ورافعة لحجم الاقتراض والمديونية , مما أنشأ اقتصاد موازي ينازع الاقتصاد الرسمي لا بل يحاربه في كثير من المواقع , و أوجد ثنائية تضاد بين القطاع الخاص والقطاع العام , كان من نتائجه المباشرة رهن الاقتصاد الفردي للبنوك الربوية , و زيادة الفوارق الاجتماعية , و يزيد من تآكل المقدرة الشرائية الذي يؤدي إلى الكساد بلا ريب .
المتلمس للأسباب الحقيقية والتي هي نتائج مباشرة لهندسة الاقتصاد الأردني , يجدها متمثلة في: زيادة أعداد البطالة بشكل مرعب , وضعف واضح في الإنتاج بمختلف أنواعه - خدمي وصناعي وزراعي - يصاحبه إفراط في النمط التوسعي للإنفاق الحكومي الغير منتج متمثل في إنفاق رأسمالي متوسع على البذخ في مختلف المقار الرسمية , وخدماتها التي توفرها للموظف الذي يتمتع بميزات حكومية عليا , وتوجيه الإنفاق إلى مسارات استهلاكية ليست بمكانها في مثل هذه الظروف القاهرة , مما نتج عنه تباطؤ في التوزيع العادل للإنفاق الرشيد , عنوانه لا تكافؤ في التبادل العام للإنفاق , مما أوجد انعدام الثقة بين القطاع الخاص والعام نتيجة البيروقراطية القاتلة في الإدارة , مما استدعى القطاع الخاص إلى زيادة الاحتكار في السياسات العامة الاقتصادية بعمومها .
المشهد الأكثر وضوحا نتيجة الخصخصة الجائرة التي حدثت بسرعة تفوق الخيال في الأردن , هي احتدام الصراع بين مالكي الموارد الاقتصادية و مَن يمتلكون وسائل الإنتاج , بما في ذلك القطاعين العام والخاص , مما تسبب في عجز الاقتصاد بشكل عام عن الإنتاج , وتزايد أعداد العاطلين عن العمل , وإغلاق عدد لا يستهان به من المنشآت الاقتصادية المختلفة التي كانت عاملة وناجحة , و في النهاية التراكمية , تراجع الاقتصاد ودخوله بحلقة مفرغة عنوانها المديونية وارتفاعها , داخليا وخارجيا ....
إذن بالمجمل العاطلين عن العمل ضحايا لمهندسي الاقتصاد الوطني , وضحايا لمشروع اقتصادي لم يؤتي أكله كما كان مخطط له , وهم ضحايا عجز الاقتصاد عن جلب المصالح التي وعد بها عندما طُبّق كنظام خصخصة سريع جدا , هم ضحايا لرفع الدعم عن القطاعات الحيوية مثل الطاقة وغيره.
*الاستاذة منى الفاعوري.. كانت وجهة نظرها في هذه المداخلة:
فما يتعلق بالاقتصاد الأردني بين التعليم والعمالة والاستثمار يُعتبر قضية عالمية، لا تقتصر على الأردن فقط، علماً بأن هناك الكثير من الجوانب الأساسية التي تؤثر بشكل مباشر على الاقتصاد.
أولها الجانب التعليمي في الأردن، والذي يُعتبر من أفضل أنظمة التعليم في البلدان، ويلعب دوراً مهماً في حياة وثقافة المجتمع الأردني، ويساهم في جعل الأردن دولة متقدمة علمياً واقتصادياً، إذا تم استغلال الطاقات العلمية والفكرية التي يمثلها أبناء هذا الوطن.
أما الجانب الآخر، فهو العمالة الوافدة، التي تلعب دوراً وظيفياً في سد فجوة اقتصادية، وتوفير يد عاملة غير مكلفة نسبياً، مما يعزز التنافس بين بعض القطاعات، منها: الزراعة، والإنشاءات، والخدمات المنزلية، وبعض الصناعات الخفيفة. ويُعتبر هذا الدور إيجابياً لاستمرارية العمل والإنتاج.
لكن، الجانب السلبي لهذه العمالة يتمثل في غياب الالتزام بالقوانين، وضعف الرقابة، مما يؤدي إلى خسارة الدولة لإيرادات الضرائب والرسوم، ويؤثر سلباً على ميزان المدفوعات.
من هنا، يجب تصميم سياسات اقتصادية تكفل تنظيماً حقيقياً لسوق العمل، وتحفّز الأردنيين على دخول مختلف القطاعات، وتكون أكثر جذباً للشباب الأردني، وخاصة في المحافظات التي تعاني من البطالة.
علماً بأننا نعتمد في اقتصادنا بشكل متنوع على قطاع الخدمات (من سياحة، وتجارة، واتصالات)، والتي تُشكّل نحو 70% من الناتج المحلي، إضافة إلى القطاع الصناعي بمختلف منتجاته.
وبالرغم من التحديات التي واجهها الأردن من مختلف الجوانب، بما يتعلق بالحروب والنكبات التي حصلت للدول العربية المجاورة، والتي أثّرت بشكل كبير على اقتصاد وطننا، وأضعفت هيكل الإنتاج، وتسببت في عجز في الموازنة وارتفاع في نسب البطالة، خاصة بين الشباب والنساء...
...إلا أن قائدنا جلالة الملك عبدالله الثاني، بعمله الدؤوب المتواصل، وسعيه المستمر لرفع مستوى الاقتصاد، يعمل على تشجيع الاستثمارات الخارجية، إضافة إلى توجيهاته الجازمة للحكومة بتشكيل منظومة الأحزاب، للعمل على تطوير وتحسين التحديث الاقتصادي، لمصلحة الوطن والمواطن، ورفع اقتصاد وطننا الأردن.
فنحن جميعاً أصحاب وطن واحد، وواجب علينا الوقوف إلى جانب قائدنا جلالة الملك عبدالله الثاني، من أجل تحسين اقتصادنا ورفعة وطننا، داعين الله أن يحفظ أردننا آمناً مستقراً، إن شاء الله.
*السيد جميل خالد القماز.. كانت مداخلته تحت عنوان "البطالة والاستثمار والعمالة الوافدة كيف نوفق بينهم؟":
ترتفع نسبة البطالة في الاردن وقد نُخفي احياناً نسبتها الحقيقية لعظم المها،
وذلك بسبب سياسات خاطئة يجب معالجتها منذ البدايات عن طريق،،،
توجيه الطلبة في الجامعات وذلك بربط التخصصات المتاحة بسوق العمل وهذه نقطة مهمة جدا،،،
وتشجيع دراسة التخصصات التقنية والمهنية لما لها من مساحة كبيرة في سوق العمل،،،
واخيرا تشجيع الطلبة على الابتكار والاعداد ليجد امامه وظيفة هو من اوجدها لا ان ينتظرتحقق حلم لن يتحقق ابدا،،،
نحن نبحث عن نهوض الاردن اقتصاديا وذلك من خلال القضاء على البطالة بايجاد فرص جديدة غير تقليدية لاستيعاب اعداد كبيرة من العاطلين عن العمل،،، وجذب الاستثمار الخارجي بتوفير الارضية الخصبة وعدم فرض قوانين وتشريعات طاردة،،
فالتأخر بالتوقيع على ورقة هو تأخر للمشروع ،والقاء ورقة المشروع بسلة المهملات هو انهاء للمشروع قبل ولادته،
ولا يعني هذا الانفتاح التخلي عن الجانب الامني لبعض الاستثمارات الاجنبية المشبوهة،،،
ان تواجد فرص العمل في اي دولة يفتح شهية العمالة الوافدة ويجعلها مقصدا لتلك العمالة،
وهذا موجود في كل دول العالم ولكن بنسب ويحكمه عدة عوامل منها العامل الامني ،
وحتى لا يتأثر سوق العمل بالعمالة الوافدة فيجب تنظيمها بحيث تكون محصورة بقطاع البناء والزراعة،وان كنت شخصيا اتمنى من ابناءنا العودة للارض،
فالاستثمار الزراعي بالطرق الحديثة منجم لمن يحسن الاستثمار،،،
*المحامي أمجد خريسات.. كانت مداخلته تحت عنوان "الاقتصاد الأردني بين التعليم والعمالة والاستثمار.. مَن يشغّل مَن؟":
ان الاقتصاد الاردني يمر بضائقه منذ سنوات عديده نتيجه الضروف المحيطة بناء من حروب وثورات وتغيير الحكم بالبلاد المجاوره وحرب غزه وغيرها من الضروف عدا عن الضغوطات التي تمارسها بعض الدول على الاردن نتيجه مواقفه من القضية الفلسطينية وصفقه القرن وغيرها من القضايا المصيرية التي مرت وتمر على الاردن ومواقف جلاله الملك المعظم من هذه القضايا ورفضه المساومه على حقوق الفلسطينين كل هذا ادى الى الضائقه الاقتصادية الخانقه نوعا التي نمر بها .
-اما السؤال ما مدى مواءمة مخرجات التعليم الأكاديمي والتقني مع احتياجات سوق العمل الأردني الفعلية؟ وهل هناك آلية وطنية لربط الجامعات والمعاهد بمؤشرات الطلب في القطاعات الإنتاجية؟ ان مخرجات التعليم لدينا كبيره جدا تساهم بالضائقه لمالية في الاردن من حيث وجود بطاله بين افراد المجتمع نتيجه العدد الكبير من ابنائنا الذين تخرجوا من الجامعات ويبحثون عن عمل دون جدوى بسبب العدد الكبير من الخريجين بالمقابل عدد الوظائف المتاحه قليل جدا بالمقارنه بعدد طالبي الوظائف.
ان البيئة التشريعية والبيروقراطية في الاردن متوازنه من حيث جلب الاستثمارات الا انها بحاجة الى تعديلات حتى تتماشى مع الظروف المتغيرة التي يمر بها العالم فل ابد من العمل على جلب الاستثمارات من خلال العمل على تقديم مغريات للمستثمر من حيث الجمارك والضرائب وخلافها مع بقاء المراقبة الصارمه على هذه الاستثمارات واصولها ومصادرها حتى لانتحول الى بلد لغسل الاموال ولابد من العمل على التشجيع على التعليم المهني والتقني لانه لدينا نقص ببعض المهن التقنية وهي كذلك مطلوبة لغايات العمل بالخارج.
*السيد فيصل تايه.. كاتب وخبير تربوي وناشط اجتماعي وسياسي.. كانت مداخلته كما يلي:
يجب ان نعي تماما ان الاقتصاد ليس معادلة معقدة بقدر ما هو انعكاس لتراكم قرارات لم تبنى على رؤية متوازنة ، فنحن اليوم أمام بطالة متنامية، واستثمار متردد، وتعليم ما زال بعيداً عن احتياجات السوق ، كما وان المشكلة لا تكمن في الشباب، بل في منظومة تعليمية ما زالت تراوح مكانها ولم تتطور بما يتناسب مع التحولات الاقتصادية الحقيقية ، رغم محاولات الحكومة التركيز على التعليم التقني والمهني لكن التجربه ما زالت جديده وجاءت ببرامج طبقت بشكل فجائي دون تجربه ميدانية مسبقة ولا ندري مدى فعاليتها .
اعتقد ان الأوان قد آن لأن نعيد النظر في فلسفة التعليم، فلا يمكن أن يبقى المسار الأكاديمي هو الخيار الوحيد عند الطلبه ، فيما السوق بحاجة إلى الكفاءات والمهارات التطبيقية ، لذلك يجب أن يستعيد التعليم التقني والمهني مكانته الحقيقية ، بوصفه مسارا منتجا وموازيا للتعليم الجامعي.
وفي المقابل، فإن بيئة الاستثمار تحتاج إلى إصلاح إداري حقيقي يخفف من البيروقراطية، ويضع ضوابط واضحة وفعالة، تسهل الإجراءات دون الإضرار بالرقابة ، كما أن التنسيق بين الجامعات والقطاع الخاص بات ضرورة وطنية ملحة لمعرفة التخصصات التي يحتاجها السوق قبل أن نخرج المزيد من العاطلين .
أما بخصوص ملف العمالة الوافدة، فانا اعتقد جازما انه أحد أكثر الملفات استنزافا للموارد وفرص العمل ، اذ لا يمكن معالجة البطالة في ظل وجود ايد عاملة غير منظمة تستهلك موارد الدولة وتغلق الأبواب أمام شبابها ، لكن المطلوب تنظيم هذا الملف بعقلية اقتصادية لا بردود أفعال مؤقتة كما هو حاصل .
اننا بحاجة إلى رؤية وطنية متكاملة تربط بين التعليم والعمالة والاستثمار، تجعل التشغيل هدفا غائيا للتعليم لا نتيجة عشوائية له ، لذلك فلا يمكن إصلاح الاقتصاد دون أن نصلح مدخلاته التعليمية وننظم مخرجاته العملية.
*السيد محمود الملكاوي.. كانت مداخلته في هذه النقاط:
- هناك فجوة بين مخرجات التعليم الأكاديمي والتقني واحتياجات سوق العمل الأردني ، إذْ يعاني سوق العمل من مشكلة عدم مواءَمة بعض التَّخصُصات مع متطلباته الفعلية ، وهنا تبرز الحاجة لتطوير المناهج لتُواكب التطورات التكنولوجية ، وتوفر مهارات يدوية وتقنية.
- علينا أنْ ندرك أنّ توجه الأبناء للتعليم المهني مُواكَبةً لمتطالبات السوق ، تُحتِّم على المسؤولين التوجه كخطوة أولى إلى التعليم المهني ، ومعالجة مشاكله وتحدياته ، ليكون بيئةً جاذبةً يسعى الشباب إليها ، ولا يُدْفَعون اليها دَفْعاً.
'إنَّ طبيعة العلاقة بين كل مِن التنمية ومخرجات التعليم العالي تبادلية ، بمعنى أنَّ التنمية الشاملة هي تحول في البناء الإقتصادي والاجتماعي والثقافي والمعرفة والتي تؤدي بدورها إلى زيادة الإنتاجية وزيادة متوسط دخل الفرد ورفاهيته.
- ولكي نستفيد عملياً من المخرجات الجامعية في التنمية يتحتَّم على المؤسسات التعليمية أنْ تعمل على تسويق خِرِّيجيها من خلال عملية التشبيك مع القطاع الخاص ، وعمل الدورات التدريبية التأهيلية للطلبة من أجل دخول سوق العمل بكفاءة.
- من المهم أنْ يكون التعليم مَرِناً وقابلاً للتكيُّف ، وذلك من خلال التواصل المباشر والمستمر بين الجامعات ومختلف القطاعات الإقتصادية.
- أَمّا فيما يتعلق بالقروض والاستدانة من الخارج ، والأثر السلبي على الإقتصاد الوطني ، فإنّ الديون الدولية تُشكِّلُ تحديًا للاقتصادات الضعيفة ، إذْ تؤدي إلى تأثيرات معقدة ومتعددة الجوانب تَطوُل التنمية الإقتصادية والاستقرار الاجتماعي والسياسي ، خاصةً عندما يُدارُ هذا الملف بشكلٍ سيءٍ ، ومن قِبَل مسؤولين لا يخافون الله في وطنهم وفي الأجيال القادمة ، وعدم وجود تنسيق لدى ألاجهزة المختصة في الدولة الواحدة ، مما يتمخَّض عنه تخبُّط فى كيفية توجيه الأموال المُقترضَة ، وزيادة القروض بما يفوق احتياجاتها الخاصّة ، فضْلًا عن عدم وجود استراتيجية طويلة الأجل للاقتراض من الخارج ، وعدم وجود جدول زمني مناسب لسداد أقساط هذه الديون ، فإنّ الدولة تصبح أسيرة تجاذبات سياسية تصل إلى حدّ الإملاءات الخارجية وشراء المواقف !.
*الشيخ عبدالله المناجعه.. شيخ عشائر المناجعه الحويطات.. أوجز رأيه بالتركيز على التدريب الهني.. كما يلي:
التدريب المهني عامل مساعد لصاحب العمل والعامل، إذا أخذنا بعين الاعتبار حاجة السوق من المهن المطلوبة، والتي تسهم في رفع دخل الأسرة والاقتصاد الوطني بالمفهوم الأشمل.
عندما تستعرض مسيرة التدريب المهني، تجد أنه منذ تأسيسه لليوم يؤدي نفس الخدمة بروتين محبط للطالب أو المتدرب، لأنه لم تفكر هذه المؤسسة إلى ما بعد التدريب. لم يكن لديها متخصصين في المشاريع الصغيرة، ولا في حاجة السوق، ولا حتى في تمويل المبدعين من المتدربين. فقط درّب وأخرج من الباب، ليس لنا علاقة بك.
وهذا ما جعلها عبئًا أصلًا بدل ما تكون عامل مساعد أو ركن من أركان الاقتصاد. لأنها لو نجحت، ترفد الاقتصاد بكوادر مدربة تنجز أعمالها بكل حرفية.
ولم تفكر أيضًا في تبنّي مشاريع تقوم هي على إنشائها، واستغلال الطاقات الموجودة لديها في رافد إنتاجي للاقتصاد الوطني.
لكن مما يجعلها تتقوقع، ومع الأيام تتآكل، ارتكاؤها على الدولة. فحتى المدرب قانع أن هناك راتب آخر الشهر، وليس بحاجة للتفكير أصلًا بمورد مادي جديد.
وهذه معضلة هذه المؤسسة. كان أولى بها أن توفّر تمويلها عن طريق مشاريعها، وليس من الحكومة.
وإلى أن يمنّ الله عليها بمفكرين ومبدعين، ينتشلوها من هذا الخمول الجامد.
*السيد ابراهيم ابو حويله.. كانت مداخلته تحت عنوان "التشغيل والعمالة بين الواقع والمطلوب":
ترتفع معدلات البطالة إلى معدلات قياسية، ويبدو أن العقلية التي تدير هذا الملف قد علقت، وهنا أستذكر كيف يواجه الغرب اليوم تحديات العالم الجديد بعقليته القديمة. هل كانت المشكلة في أن الذين وضعوا الأنظمة في الغرب، وحتى الأنظمة الدولية، هم من خلفية محاسبية، بنوك وشركات مالية، بينما الذين وضعوا النظام في الصين مثلًا من خلفية هندسية؟ حتى تدرك الفرق، فهو تمامًا كحال شخص يبدع في اختراع وظائف لا تُحدث أثرًا في الزراعة ولا الصناعة ولا التجارة، ولكنه يستغلها جميعًا في تحقيق أرباحه وخلق وظائف هي في الحقيقة عالة على هؤلاء، ومع ذلك هم أكثر الناس ربحًا.
وهنا نحن نعلق في عقلية بيروقراطية تريد إحداث نقلات ضخمة في أسواق مختلفة، ولكنها عاجزة جزئيًا أو كليًا عن إدراك مكامن القوة. ولذلك تقف، عقبة في طريق الكثير من هذه المجالات. وهنا تقف الورشات والندوات والأوراق الحكومية، وحتى الملكية، موقفًا صعبًا في عكس مخرجاتها وتطبيقها على أرض الواقع، وتعاني قطاعات عريضة من مشاكل مزمنة تنعكس على قدرتها على الاستمرار والتطور.
لذلك لا بد من وجود آلية تغذية راجعة فاعلة بين القطاعات والحكومة، ولا بد من وجود حوكمة حكومية أو عقل جمعي حكومي في رئاسة الوزراء، يمتلك القدرة على تحديد نقاط القوة والضعف، والخروج بقرارات لدعم وتحفيز ومعالجة القضايا العالقة في مجالات الاستثمار المختلفة، والعمل على حلها وتسخير العقبات في سبيل خلق مجالات استثمار فاعلة قادرة على استقطاب رؤوس الأموال الداخلية وفق عائدٍ مقنع.
الأردنيون يمتلكون أموالًا قادرة على تشغيل وإطلاق خطة تحفيز للاقتصاد الوطني، لو اقتنعوا بجدوى الاستثمار . وهنا نعود إلى كينز، وكيف يصبح الادخار لعنة على الاقتصاد الوطني، وكيف يصبح عجز الحكومة في تأمين الاستثمار سببًا رئيسيًا في تراجع سوق العمل والاقتصاد وعائدات الخزينة، وعدم قدرتها على تلبية احتياجاتها.
وبين أن ندعم السوق لينتعش، أو نقترض ، أو نعطي بعض السماحية في تحصيل الضرائب والرسوم المختلفة — تقف قدرة الفريق الحكومي على خلق خطة تحفيز قوية لسوق العمل. في المقابل، لا أحد ينكر أن هناك خللًا كبيرًا وتشوهًا في سوق العمل الأردني، وهذا الخلل يظهر من خلال سوق العمالة الوافدة والعاملات في المنازل، وقدرة السوق على فتح مجالات ووظائف لطالبي العمل من الجنسين، وضعف التوظيف، وحتى التشوه في قطاعات كثيرة .
هل من الصعب انشاء مجلس وطني شامل للتشغيل وتحفيز الإستثمار، للإنعتاق من البيروقراطية برعاية ملكية؟
*السيد علي القطاونه.. تحدث من مدريد.. وكانت مداخلته كما يلي:
الأردن لا يمتلك موارد طبيعية كبيرة مكتسفة كباقي الدول العربية المحيطة مع العلم ان هناك دراسات كثيرة تسير ان الاردنيين غني كباقي الدول المحيطة بمواد طبيعية سهل التنقيب عنها إضافة للموارد الأخرى الموجوده و تستغل اليوم.
لكن المشكلة الأكبر التي تواجه الأردن هي البطالة و التي تعود أسبابها الى قلة المشاريع الإنتاجية سواءالزراعة منها او/ و الصناعة، و اعتماد الاردنيبن الكبير على العمل في الدواير الحكومية و الجيش، يعني الغير منتجه اقتصاديا و تعمد على الخزينة.
ومع التقدم العالمي الكبير في الاستثمارات الخارجية الا ان الاىدن لم يستقطب استثمارات كبيرة مقارنة مع موقعه الاستراتيجي و فئة الشباب المؤهلين للعمل و الإنتاج في مجالات عدة و هناك مشاريع استثمارية تقوم على توظيف عمالة غير اردنية بمرتبات قد لا تفي لحاجة الاردني كمواطن و لديه التزامات اجتماعية وعائلية .. الخ أكبر من ما لدى المغترب لذا لا يقبل بمرتب لا يكفيه.
كذلك هناك اخفاق في عدم استغلال الأراضي الزراعية و خصوصا في المنطقه الشرقيه والتي تعتبر ارض بكر صالحة لزراعة الحبوب و الأشجار المثمرة لو استغل بشكل مقنن بالطرق الحديثة للمياه الجوفية لري الأشجار المثيرة.
اختصر و اذكر موضوع الاهتمام بالسياحة الداخلية و الخارجية، فقد لا بكون هناك بقعة على الأرض تحوي مواقع اثرية و تاريخية مكتشفة وغير مكتشفة مقارنة بمساحتها أكثر من الاردن، مواقع سياحية لجميع الأذواق و الخيارات.
هذا دون أن نتطرق للاستثمار في الطاقة البديلة الشمسية منها و طاقه الرياح لتقليل الاعتماد على استيراد النفط.
فالمشكلة ليست في قلة الموارد، بل في ضعف استثمارها بشكل فعّال.
*المهندس خالد خليفات.. اختصر مداخلته تحت عنوان "التعليم والاستثمار ودورة الإقتصاد":
أعتقد أن الحلول تكمن بطرح إستراتيجية متوازية ومتوازنة تنطلق من إعادة هيكلة التعليم بكافة مراحله بحيث يتم موائمة مدخلات التعليم ونتائجه مع إحتياجات السوق وعدم الإعتماد على التوظيف بقدر التركيز على التشغيل، وهذا لا يتأتى إلا بإعداد خريجين لديهم مهارات وخبرات وليس فقط شهادات أكاديمية . ثم وضع البرامج للنهوض بالاقتصاد من خلال التركيز على عدد محدد من القطاعات ذات التشغيل الكثيف، مثل الصناعات التحويلية ، كما أن العمل على توفير الأساليب الحديثة في الزراعة من شأنه رفع سوية هذا القطاع الحيوي والاستراتيجي بحيث يشكل عامل مهم في التخفيف من البطالة.
ومن الأهمية بمكان التركيز على قطاع الإتصالات وتكنولوجيا المعلومات والذكاء الاصطناعي الذي بات يشكل بوابة الولوج إلى عالم الابتكار والإبداع وخلق فرص عمل ذات مردود عالي وقيمة مضافة.
الحلول ليست صعبة ، ولا هي مستحيلة، بل قابلة للتطبيق إن وجدت الإرادة الصادقة والعزيمة والتصميم، فنماذج النهوض للكثير من الدول ماثلة للعيان ويمكن الاستفادة منها ، أما الاستمرار بالدوران حول نفس المحور، فهو مضيعة للوقت والجهد وإستنزاف للموارد ويقود إلى مزيد من الانزلاق والتيه والخذلان.
*الدكتور عيد ابو دلبوح.. كانت مداخلته تحت عنوان "البطالة وتوزيع العمالة في المحافظات":
هذا الموضوع اجزم وانا ممارس في المحافظات بانه عمل مقصود من الحكومات بان لا يتم اي تغيير ويتحججون بانه مطلب بنك دولي ولا يجوز التمييز في الإعفاءات ما بين عمان والمحافظات.فاذا هم قالوا بنك دولي ولكن (جماعة عمان) لماذا تطالب بان يكون الأردن منطقة تنموية واحدة. ولماذا انطلقتم في ذلك من بعد ان تم تحديد ثلاث مناطق تنموية وهي معان والمفرق واربد التنموية واعطت امتيازات للمواطن من اجل ان يذهب المستثمر هناك ويستفي ويفيد، فكانت ادارة المناطق التنموية ولا اروع ولا ارقى في اعوام 2010 ولغاية 2012 ومن بعد ذلك تدنت الامور من سيء إلى أسوأ، ومن حكومة إلى حكومة حتى اصبحت الامتيازات في عمان مثلها كما هي في المفرق او معان،ومن هنا من هو المجنون الذي سيذهب هناك.
والمؤسف حقيقة ان وجوه او نواب او اعيان امن يمثل المحافظات لا يعلم بالبعد الاقتصادي لمنطقته لان معظمهم قابعون في عمان وحتى وصل الأمر بان اصبحت دواوين عشائر المحافظات تعطى ارض لبناء ديوانها في عمان والتي لا تحوي احد من ابناء العشيرة ومثال ذلك (ديوان بني حسن في الجبيهة) ولم أكن أنا في لحظة من مؤيديه.
عندما يطالب رجال الاعمال ووزراء سابقين بان يكون الأردن منطقة تنموية وهم قد اخذوا من الامتيازات لاكثر من خمسين عاما في عمان وهذا مطلوب ولم يقم اي منهم بان يذهب إلى المحافظات وهو حقه (ولكن ليس لاي منهم الحق بان يطالب بامتيازات المحافظات) ولكن وللأسف حققوا مرادهم والى ان وصل قانون الاسثمار إلى الذي نراه الان وهو الاسوأ للمحافظات.
وللعلم الجميع وفي كافة مؤسسات الدولة وتعلم جيدا بالغاء المناطق التنموية للمحافظات ولكن وللأسف لم يهتم احد. بل ونشعر بانها مقصودة ان تكون كذلك.
المشكلة ليست بالاستثمار وانما المشكله ان تتغير استراتيجيات الدولة وبالإصرار على ابقاء الفقر لان الايام هذه تغيرت ردة فعل الجوع فهو سيتحول مثل ما حدث في سوريا عندما استغلت دول العالم فقر الريف السوري واذا بهذا الريف نهش الدولة وأسقطها.
لدينا فشل اقتصادي في المحافظات وهو اقتصاد لطيم لا اب ولا ام له. وبالتالي اساسيات الاستثمار معدومة فكيف سنتكلم عن بطالة وعن عمالة من دون استراتيجيات؟.
*الكاتب مهنا نافع.. أوجز رأيه كما يلي:
الكثير من الوظائف تترك للعمالة الوافدة كون هذه الوظائف لا يوجد لها ذلك الجدوى المقبول لتحقيق مردود مادي لشاغلها، وخاصة إن لم يتجاوز هذا المردود الحد الأدنى للأجور بل أحيانا يقل عنه، فقد تم تثبيت هذا الحد منذ عدة سنوات على الرقم 260 دينارا شهريا ودون أي مراعاة لأي زيادة بنسبة التضخم، إلا أن تم التوافق على رفعه ليصبح 290 دينارا منذ بداية العام الحالي.
إضافة لتدني هذا الرقم الحالي والسابق للحد الأدنى للأجور فهناك عوامل أخرى أدت إلى عدم إقبال الشباب على هذه الوظائف والتي أجد أهمها عدم توفر المواصلات العامة لأماكنها أو ارتفاع تكلفتها إن توفرت، وكذلك عدم وجود أي مظلة للتأمين الصحي للعاملين بها، لذلك عدم الإقبال لم يكن يتعلق أبدا بنوعية المهن ومسمياتها، ومن هنا كنا نقع دائما بطرح السؤال الخطأ ونذيله بخطأ أكبر، وندعي أن عدم الإقبال كان نتيجة لثقافة العيب وغير ذلك من مصطلحات مكررة، ولكن الحقيقة أن هذه الوظائف لم يكن لها ذلك المردود الذي يشجع أبناءنا للإقبال عليها لذلك استحوذ عليها من قبل العمالة الوافدة، وبالتالي خسرنا العامل الأهم وهو مرور الوقت دون اكتساب أبنائنا أي من المهارات والخبرات، وبالمقابل اكتسبت العمالة الوافدة هذه الخبرات وبقينا ندور بنفس الحلقة التي لا أجد حلا لكسرها إلا رفع الحد الأدنى للرقم الذي يناسب الأوضاع المعيشية الحالية وهو حتما أعلى قليلا من الرقم الحالي.
*الدكتور خالد الجايح.. وضع وجهة نظره على شكل نقاط كما يلي:
اطرح اقتراحاتي من خلال نقاط سريعة:
-بالنسبة للتعليم المدرسي؛ جميعنا يتذكر ان الذين يدرسون ويتابعون وبالتالي عندهم آفاق مستقبلية للتعليم الجامعي وما بعده، بغض النظر عن مدى معرفتهم بالتحديد لتلك الآفاق، هم قلة قليلة لا تزيد عن ٣٠%، ولنقل ان هناك من يقلدهم غيرة او بسبب ضغوط الاهل ليصلوا جميعا إلى ٥٠%، اما الباقي فهو ينجح بالتلقائي، فهو غير مهتم بعلمكم وتدريسكم هذا.
اذن لابد من الاهتمام بالجوانب المهنية بالتعليم، ومدحها باحترام، والتشجيع عليها، وهنا تبدأ تلك المجموعة الإستعداد لمستقبلها ورسم مستقبلها.
والقضية الأخرى التي لابد من تدريسها وهي الأخلاق وإتقان العمل والمهنة وقيمة ذلك عند الله وخلق الله.
التعليم الجامعي؛ اقترح ما يلي:
١.. ان يتم تعليم تخصصين، تخصص رئيس وتخصص مساند.
٢.. ان يتم إعطاء دورات ضرورية مساندة بأسعار ميسرة، مثل البرمجة، وال AI، وإعطاء مادة الثقافة العامة لكل التخصصات، ويتم تحديثها سنويا، يكون فيها استشراف المستقبل وعلومه، واهتماماته،
واخيرا؛ لابد للحكومة من دور مساند ماليا وترخيصيا لكل الأفكار الإبداعية والتي راس مالها منطقي ومقبول بالنسبة للموازنة،
ويا ريت كمان يتم إنشاء بنك التمكين؛ يعطي قروض حسنة لصاحب اي فكرة، ويعطى تسهيلات بالدفع مع فترة سماح يحتاجها المشروع.
*الدكتور بلال السكارنه.. اختتم الحوار بهذا الايجاز تحت عنوان "الاقتصاد الوطني .. الى اين؟":
كما نعلم بان الاقتصاد الاردني من حيث كمية الاستثمار فيه هو خدمي اي يعمل في قطاع الخدمات كفنادق ومسشفيات وكهرباء وبنوك ومياه وغيرها بينما القطاع الانتاجي مساحته متدنية ولا تساهم في تغطية العماله الاردنية المؤهله والمدربه لهذا القطاع مما يساهم في اضطرار الشباب للهجره العربية والدول الاجنبية.
بينما قطاع الخدمات ايضا لا يحتاج الى مهارات تدريبيه عاليه وبعتمد على الشباب بما يتمتع من مهارات فردية تساهم في تغطيه هذا القطاع والذي به بطاله مرتفعه حتى لو اضطر للسفر خارج الاردن فالتنافس به كبيرا جدا والرواتب متدنية لا تكفي لتغطية نفقات الهجرة وعمل ادخارات من العمل بهذا القطاع.
بالتالي على وزارة التعليم العالي والنقابات المهنية وغرف الصناعة ان تساهم في تنمية وتطوير هذه القطاعات وتاهيل وتدريب العاملين بها للاستفادة منهم محليا وخارجيا.