تُعيد هذه الإجراءات، التي بدأ تنفيذها بالفعل، هيكلة مسارات الشحن العالمية بصورةٍ جذرية، وهو الأمر الذي يُجبر الشركات الدولية على إعادة تنظيم عملياتها التجارية وفقا لخطوط الصدع الجيوسياسية. ولا تزال النزاعات التجارية بين الولايات المتحدة والصين دون حلّ، بينما يهدد اتساع نطاقها بإلحاق أضرار في مجالات استراتيجية أخرى.
ثلاث نتائج محتملة.. لا توجد نتائج وردية
من المرجّح أن تنبثق من سيول في نهاية أكتوبر ثلاثة سيناريوهات محتملة، يحمل كلٌّ منها تداعيات عميقة على المشهدين الاقتصادي والجيوسياسي العالمي.
في حال سعى الرئيسان ترمب وشي جين بينغ إلى تسويةٍ محدودة للتعريفات الجمركية فحسب، مع ترك القضايا الجوهرية مثل المعادن النادرة والتكنولوجيا وضوابط التصدير دون حل، لن يكون أي اتفاق محتمل سوى هدنة عابرة في مواجهة استمرار التنافس الاستراتيجي، إذ يواصل الطرفان سعيهما لتعزيز مواقعه. أما إذا توصّل الطرفان إلى هدنة تجارية أشمل، فمن المتوقع أن تعلن الصين عن شراء كميات كبيرة من المنتجات الأميركية، تتراوح من طائرات "بوينغ" إلى فول الصويا. وعلى غرار المفاوضات التجارية السابقة بين الولايات المتحدة وكل من اليابان وكوريا الجنوبية، قد تتعهد الصين أيضا باستثمارات كبيرة داخل الولايات المتحدة. وفي المقابل، قد تتراجع واشنطن عن بعض القيود المفروضة في جامعاتها على الطلاب الصينيين في مجالات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات.
في حال فشل الطرفان في التوصل إلى اتفاق، ودخلت الرسوم الجمركية الإضافية البالغة 100 في المئة على البضائع الصينية حيز التنفيذ في الأول من نوفمبر/تشرين الثاني، فسيواجه الاقتصاد العالمي موجة اضطرابات شاملة. ستشهد سلاسل التوريد إعادة هيكلة فوضوية، وسترتفع تكاليف الشحن على نحو حاد، مصحوبة بارتفاع أسعار المستهلكين وتراجع حاد في أسواق الأسهم العالمية. ومن المرجح أن ترد الصين بفرض رسوم جمركية متبادلة بنسبة 100 في المئة على الصادرات الأميركية، وهو الأمر الذي قد يمهد الطريق لانفصال تجاري كامل بين الولايات المتحدة والصين. كما يُحتمل أن يشل تطبيق الصين لقيود على المعادن الأرضية النادرة إنتاج أسلحة حلف شمال الأطلسي وقدراته الدفاعية، وهو الأمر الذي سيكون له تأثير مباشر على مسار الحرب في أوكرانيا، ويرفع من احتمالية تحول التنافس الاقتصادي إلى مواجهة عسكرية أوسع نطاقا.
إذا أمكن التوصل إلى إطار عمل أكثر شمولا، يجمد مستويات التعريفات الجمركية الحالية لما بعد تمديد مصطنع لمدة 90 يوما، مع توفير مساحة أكبر للولايات المتحدة والصين لوضع حدود واضحة لضوابط التصدير، والوصول إلى التكنولوجيا، وقيود المعادن الأرضية النادرة، فسيشير ذلك إلى أن المنافسة بين القوى العظمى لا تزال تحت السيطرة، وأن العلاقات الأميركية–الصينية أكثر قابلية للإدارة مقارنة بمنافسات الحرب الباردة السابقة. هذه النتيجة، وإن كانت غير مؤكدة، ستتطلّب من كل من الرئيس ترمب والرئيس شي جين بينغ إعطاء الأولوية للاستقرار الاستراتيجي على حساب المصالح السياسية قصيرة المدى.