facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




القلق النبيل .. في خطاب العرش الهاشمي الأمين


د. بركات النمر العبادي
29-10-2025 10:56 AM

حين يُصبح الخوف من الله مصدرًا للقوة

في زمنٍ امتلأت فيه صفحات التاريخ بخطاباتٍ مشبعةٍ بالبطش والفوقية و التعالي ، حين قال لويس الرابع عشر "أنا الدولة والدولة أنا"، وادّعى القذافي لنفسه المجد والتاريخ والثورة ، خرج علينا ملك من طينةٍ أخرى وبثوب و طنه ، لا يُشبه إلا ذاته المتجذّرة في عمق التاريخ الهاشمي والوجدان الشعبي الأردني.

الملك عبد الله الثاني ، لا يصنع من ذاته صنمًا ، ولا يرفع من مقامه مقامًا فوق البشر، بل يقف بصدق القادة الكبار ليقول جملة بسيطة ، لكنها تهزّ أركان الفهم التقليدي للقوة:

"الملك يقلق ، لكنه لا يخاف إلا الله ، ولا يهاب شيئًا ، وفي ظهره أردني ، وليست هذه الكلمات مجرد خطابٍ عابر، بل هي فلسفة حكم، ورؤية قيادة تؤمن أن الإنسان أقوى حين يقرّ بضعفه أمام الله ، وأعظم حين يرى في شعبه سندًا لا ديكورًا في مشهد السلطة.

القلق كفضيلة سياسية

في عالم السياسة ، نادرًا ما يُربط القلق بالحكمة ، لكن الملك عبد الله يعيد تعريف هذا الشعور، فهو لا يقلق لأنه يخاف ، بل لأنه يُدرك ثقل الأمانة ، لا يقلق لأنه يشك ، بل لأنه يُبصر بعمق ، هنا، يصبح القلق فعلًا أخلاقيًا ، دليلًا على حضور الضمير لا غيابه.

كم من زعيمٍ عبر العصور بَنَى سلطته على الخوف من الناس ، وكم من قائدٍ استمدّ عظمته من تسلّطه عليهم ! أما عبد الله الثاني ، فقد اختار طريقًا مُغايرًا : أن يستمدّ هيبته من إنسانيته ، وأن يجعل من التواضع جسرًا بينه وبين شعبه ، لا سورًا يُعلي به شأنه.

في ظهره أردني

العبارة التي قالها الملك "وفي ظهره أردني" ليست مجرد بلاغة خطابية ، بل بناء فلسفي لفهم العلاقة بين الحاكم والمحكوم ، لم يقل "شعبي خلفي" ، بل قال "في ظهري" ، وكأن الأردنيين هم الجدار الذي يتكئ عليه ، والدرع الذي يقيه ، والنبض الذي يمدّه بالقوة كلّما أنهكته المسؤولية.

هذه الجملة تفتح بابًا لفهم جديد للشرعية السياسية ؛ شرعية لا تقوم على الدستور فقط ، بل على الحب المتبادل ، وعلى عهد غير مكتوب ، لكنه محفور في دم الأردنيين وذاكرتهم الحية .

حين يكون الحكم عبادة والعرش كمسؤولية روحية

الملك لا يخاف إلا الله في هذا المعنى تتجلّى أعمق جذور العرش الهاشمي ، الذي لا يستمد سلطته من القوة المادية ، بل من إرثٍ روحيٍّ عريق، يرى في الحكم أمانة وعبادة ، لا استعراضًا ولا امتيازًا ، فسلالةُ النبوة ليست ترفًا وراثيًا ، بل اختبارٌ دائم في التواضع والعدالة، ومقياسٌ أخلاقي لما تعنيه السلطة حين تقترن بالقيم لا بالمكاسب.

الخاتمة: ما بين القائد والوجدان الشعبي

حين يقلق الملك، لا نراه في موضع الضعف ، بل في ذروة قوته الأخلاقية ، فالقلق هنا ليس اضطرابًا ، بل إحساسٌ عميق بحجم الأمانة الملقاة على كتفيه ، وهو لا يقلق بمعزلٍ عن شعبه ، بل يشعر بما يشعرون به ، وينبض كما ينبض قلب الأردني حين تشتد التحديات.

في عبارة الملك: "ولا يهاب شيئًا وفي ظهره أردني" تتجلى علاقة تتجاوز السياسة ، إنها رابطة وجدانية ، تاريخية ، وأخلاقية ، بين ملكٍ يعرف حجم الثقة التي أودعها شعبه فيه ، وبين شعبٍ يُدرك أن هذا العرش لم يُبنَ فقط على شرعية الدم ، بل على شرعية القلب.

ولذلك ، فكما قال الملك ، نقول نحن أيضًا:

نعم ، نقلق كما يقلق ، لأن القلق علامة الحريصين ، وإشارة الواعين ، لكننا لا نخاف ، لأننا نثق.

لا نهاب شيئًا ، لأننا لا نحمل الراية وحدنا ، ففوق رؤوسنا ملك هاشمي ، لا يتكئ على سلطته ، بل علينا . يحملنا في قلب ، ونحمله في قلوبنا ، ونقف في ظهره كما يقف هو في وجه العواصف.

نحميه بدمائنا ، وأحلامنا ، وبكل ما فينا من وفاء ، لأن بيننا وبين الهاشميين عهدًا لم يُكتب بالحبر، بل خُطّ في شرايين الوطن ، وسُطّر في ذاكرة الوفاء الوطني الأردني.

ولأننا نعرفه كما يعرفنا ، نردّ عليه اليوم بلسان كل أردني وأردنية:

سِرْ يا سيد البلاد ، فكلنا في ظهرك.
حمى الله الاردن ومليكنا وشعبه .





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :