مؤتمر شرم الشيخ .. ماذا بعد؟
سامي شريم
01-11-2025 10:01 AM
اتفاق وقف اطلاق النار في غزة ليس نهاية الحرب بل منعطف جديد في مسار الصراع الاكثر تعقيدا في تاريخ المنطقة فهو انتقال من مواجهة عسكرية شرسة الى معركة سياسية واعلامية ودبلوماسية لا تقل خطورة فيها تحاول واشنطن وتل ابيب اعادة صياغة مفهوم الصراع وتجميله بمسميات السلام والانسانية بينما الهدف الحقيقي هو نزع سلاح المقاومة وتفكيك بنيتها وتحويلها الى ملف امني بعد ان فشلت كل محاولات الاقتحام العسكري والابادة الجماعية في كسر ارادة الفلسطينيين
ان ما يسمى خطة ترامب للسلام يعاد تسويقها اليوم في ثوب انساني يتحدث عن الاسرى والمساعدات والاعمار لكنه في الحقيقة خطة لتصفية القضية وتحويلها الى ازمة انسانية تدار بتمويل مشروط لا مشروع وطني تحرري
زيارة ترامب للقدس وخطابه في الكنيست كشفا سقوط القناع عن الادعاء الامريكي بالوساطة والنزاهة فهو يتحدث بلغة المحتل ويدافع عن جرائمه ويمنح الكيان شرعية زائفة تحت عنوان مكافحة الارهاب متجاهلا ان الاحتلال ذاته هو الارهاب بعينه
كيف ترعى الولايات المتحدة السلام وهي شريكا مباشرا في الحرب سياسيا وعسكريا واعلاميا؟ لقد شاركت في المعركة بالرجال والمال والسلاح وهي التي وفرت الغطاء والحماية وحق النقض لكل الجرائم التي ارتكبها الكيان في غزة وبهذا المعنى فان وقف اطلاق النار ليس سوى استراحة لاعادة ترتيب المشهد ومحاولة فرض وقائع جديدة على الارض
المقاومة الفلسطينية رغم الجراح اثبتت ان الارادة اقوى من الحديد وانها لا تسقط بالسلاح لانها فكرة متجذرة في وعي شعب مؤمن بعدالة قضيته
غزة التي صمدت تحت القصف لسنوات لن تنكسر امام الاغراءات السياسية ولا الاغاثة المشروطة فاعمار غزة الحقيقي يبدأ بتحريرها لا بشراء صمتها ومن يريد السلام عليه ان يعترف بحقوق الفلسطينيين كاملة غير منقوصة في ارضهم ومقدساتهم ودولتهم وعاصمتها القدس لا شرقية ولا غربية بل كل القدس
لا يمكن بناء سلام على جماجم الضحايا ولا على انقاض المدن فالسلام الذي لا يقوم على العدالة زائل مهما طال الزمن كما ان من يراهن على ارهاق الفلسطينيين عبر الحصار سيكتشف ان هذه الامة لا تتعب وان جذوة المقاومة تتجدد مع كل جرح ومع كل طفل يولد تحت الانقاض لانها مقاومة حياة وكرامة وليست مشروعا سياسيا عابرا
ان ما جرى في شرم الشيخ وما تلاه من احتفاء امريكي وغربي ليس نصرا دبلوماسيا بل مشهد استسلام اخلاقي وانحياز للباطل فالعالم اليوم امام اختبار ضمير حقيقي اما ان ينحاز للعدالة او يستمر في التواطؤ مع الاحتلال الذي فقد كل شرعية الطريق الى السلام الحقيقي يمر من القدس ومن الاعتراف الكامل بحق تقرير المصير وعودة اللاجئين وانهاء الاحتلال لا بتجميد الصراع ولا بصفقات تخديرية تبيع الاوطان مقابل اعمار مؤقت الشعوب لا تموت والحق لا يسقط بالتقادم ومن يظن ان الحرب انتهت فقد اخطأ التقدير لان ما انتهى هو فصل واحد من معركة طويلة عنوانها الوعي والكرامة والارادة