المتحف المصري الكبير .. بوابة التاريخ في عهد السيسي
م. وائل سامي السماعين
02-11-2025 04:27 PM
تشهد مصر في عهد الرئيس عبد الفتاح السيسي نهضةً عمرانية وتنموية غير مسبوقة، تجسّدت في مشاريع عملاقة أعادت رسم خريطة الوطن، ووضعت مصر على طريق المستقبل بثقة واقتدار.
من العاصمة الإدارية الجديدة التي أصبحت رمزاً لمصر الحديثة، إلى شبكة الطرق القومية التي غيّرت خريطة التنمية، إلى مشروعات المدن الذكية ومحطات الكهرباء واستصلاح الأراضي، وصولاً إلى مبادرة “حياة كريمة” التي أعادت الكرامة لملايين الأسر في الريف المصري والمحافظات — كلها إنجازات تؤكد أن الإرادة حين تتوحد، يصبح الحلم واقعاً.
غير أن ذروة هذه النهضة تجسّدت في المشروع الذي أصبح فخراً للعالم أجمع: المتحف المصري الكبير... حضارة تشرق من جديد.
في الأول من نوفمبر 2025، افتُتح رسميًّا المتحف المصري الكبير ليكون أضخم متحف في العالم مكرّساً لحضارة واحدة، شُيّد على مشارف أهرامات الجيزة ليشكّل بوابةً حضارية تربط الماضي بالمستقبل، ويغدو بحق صرحاً عالمياً بحجم التاريخ المصري الممتد لآلاف السنين.
يضم المتحف أكثر من خمسين ألف قطعة أثرية، بينها المجموعة الكاملة للملك توت عنخ آمون، مقدَّمة بتقنيات عرض تفاعلية غير مسبوقة، تجعل الزائر يعيش تجربة تجمع بين العلم والمتعة والإبهار.
شارك في تنفيذ المتحف المصري الكبير نخبة من كبرى الشركات المصرية، من بينها فريق الإدارة الهندسية للمشروع (TGM) الذي يضم تحالفاً مصرياً–دولياً بقيادة وزارة السياحة والآثار المصرية وبالتعاون مع الهيئة الهندسية للقوات المسلحة، وبالتنسيق مع التحالف الياباني–المصري (JICA + Orascom + BESIX).
وقد تولّت شركة أوراسكوم للإنشاءات تنفيذ الأعمال الإنشائية الرئيسية للمتحف، بينما ساهمت مجموعة حسن علام القابضة في تنفيذ أعمال البنية التحتية وتشغيل مرافق الزائرين. كما قامت شركة المقاولون العرب بتنفيذ الطرق والمداخل الرئيسية وأعمال البنية التحتية المساندة، وشاركت شركتا كونكورد للهندسة والمقاولات وبتروجيت في أعمال المرافق والأنظمة الميكانيكية والكهربائية.
من جهة أخرى، قدّمت شركة حديد عز (Ezz Steel) كميات كبيرة من مواد الإنشاء والحديد المسلّح، وساهمت شركة إيجيبت جلاس (Egypt Glass) في تصنيع وتنفيذ الواجهات الزجاجية المميّزة للمتحف. كما شاركت شركة لافارج مصر (Lafarge Egypt) في توريد أنواع خاصة من الخرسانة والأسمنت عالية الجودة، وأسهمت شركة سبيكو (SPECO Egypt) في أعمال الأساسات والخرسانة المتخصصة، في حين تولّت شركة المقاولات المصرية – مختار إبراهيم تنفيذ أعمال توصيل المرافق الخارجية من مياه وصرف وطرق.
وجاء التصميم المعماري من إبداع شركة Heneghan Peng الأيرلندية التي فازت بالمسابقة الدولية ، ليجسد تزاوجاً مبهراً بين الأصالة والمعاصرة وشركة Arup من إنجلترا – الاستشاري الهندسي الدولي المسؤول عن التصميمات الهيكلية والإنشائية.
أما التمويل فجاء نموذجاً ملهِماً للتعاون بين القطاعين العام والخاص، مدعوماً بمساهمة سخية من الحكومة اليابانية بلغت نحو مليار دولار أمريكي لتجهيز المتحف بأحدث تقنيات العرض والإدارة المتحفية.
شهد حفل الافتتاح مشهداً أسطورياً أبهر العالم، حيث اجتمع الفن بالتاريخ تحت ظلال الأهرامات.
أضاءت الألعاب النارية سماء الجيزة، وامتزجت أنغام الأوركسترا العالمية بعروض الضوء والصوت التي جسدت رحلة الحضارة المصرية من الفراعنة إلى الحاضر.
وشارك في الحفل قادة وسفراء وشخصيات ثقافية من مختلف دول العالم، في عرضٍ فني راقٍ حمل رسالة مصر إلى الإنسانية جمعاء: أن السلام هو الطريق إلى الحضارة. وفي تلك الليلة المهيبة، صدحت العبارة التي ستبقى خالدة في ذاكرة التاريخ:
السلام اليوم هو حضارة المستقبل — كلمات تلخّص فلسفة الرئيس السيسي في القيادة، وتعبّر عن رؤيته بأن التنمية لا تنفصل عن السلام، وأن الحضارة الحديثة تُبنى على قيم التعايش والاحترام المتبادل.
كان لي الشرف أن أتعرف عن قرب على عددٍ من الضباط المهندسين بالقوات المسلحة المصرية خلال فترات عمل سابقة، فوجدت فيهم عقيدة وطنية راسخة، يؤمنون بأن “مصر أولاً وأخيراً”، وأن واجبهم المقدس هو حماية الوطن وبناء مستقبله. ومن خلالهم، يمكن إدراك جوهر شخصية الرئيس عبد الفتاح السيسي — قائد يجمع بين الانضباط العسكري والإنسانية والإيمان العميق بالوطن.
ويتوقع الخبراء أن يسهم المتحف المصري الكبير في مضاعفة عدد السياح إلى مصر من نحو 15 مليوناً عام 2024 إلى قرابة 30 مليون زائر بحلول عام 2030، ما سيُحدث نقلة نوعية في إيرادات السياحة والاقتصاد الوطني.
ومع أن تكلفة المشروع تجاوزت مليار دولار أمريكي، فإن التقديرات تشير إلى إمكانية استردادها خلال 8 إلى 12 عاماً من التشغيل الكامل، بفضل الإقبال العالمي غير المسبوق على زيارة هذا الصرح الثقافي. لكن العائد الأكبر ليس مالياً فحسب، بل حضارياً وإنسانياً؛ فهو يعيد لمصر مكانتها كقلبٍ نابضٍ للحضارة الإنسانية، ومركز إشعاع ثقافي وإنساني للعالم أجمع.
مصر اليوم لا تبني متحفاً أو مدينةً فحسب، بل تبني حضارة جديدة للأجيال القادمة.
هي مصر التي علّمت العالم معنى الخلود، وتعلّم اليوم معنى البناء والسلام.
وكما قال الرئيس السيسي يوماً: “نحن لا نحلم فقط... بل نحقق ما نحلم به.”
فكان الحلم مصرياً، والإنجاز مصرياً وبمشاركة عالمية ً، والعبرة للأبد: من يعرف تاريخه، يستطيع أن يصنع مستقبله.
تحية تقدير للشعب المصري العظيم الذي يعشق وطنه، ويصون قيادته الحكيمة، وجيشه العظيم، الذي كان ولا يزال درعاً للوطن وبُناة نهضته، في ملحمةٍ من العمل والإيمان جعلت من مصر بوابة التاريخ ومستقبل الإنسانية
waelsamain@gmail.com