يواجه الفرد الأردني اليوم تحديًا متزايدًا يتمثل في اتساع الفجوة بين الدخل والمصروف الشهري نتيجة ارتفاع تكاليف المعيشة وثبات الأجور، إضافة إلى أنماط استهلاك غير مدروسة تستنزف الموارد المحدودة.

ويأتي هذا التقرير لتسليط الضوء على أهمية تغيير نمط الحياة والسلوك المالي والصحي كمدخل عملي لمعالجة هذه الفجوة، من خلال تعزيز ثقافة الادخار، وضبط الإنفاق، والتخلي عن الممارسات الاستهلاكية المرهقة مثل التدخين والإنفاق غير الضروري.

مستوى الدخل الفردي في الأردن

يتراوح متوسط الدخل الشهري للفرد الأردني العامل بين 550 و650 ديناراً أردنياً، مع فروقات واضحة بين القطاعات:
• القطاع العام: نحو 580 ديناراً.
• القطاع الخاص: نحو 480 ديناراً.
• الحد الأدنى للأجور: 290 ديناراً أردنياً شهرياً.

في المقابل، شهدت كلفة المعيشة بين عامي 2022 و2025 ارتفاعاً نسبته 25% إلى 40% في مجالات السكن، والغذاء، والطاقة، والنقل، والتعليم، مما أدى إلى تراجع القوة الشرائية الحقيقية للفرد.

الفجوة بين الدخل والمصروف الشهري

تشير التقديرات إلى أن الأسرة الأردنية المكونة من أربعة أفراد تحتاج إلى 850–950 ديناراً شهرياً لتغطية النفقات الأساسية، مما يخلق عجزاً شهرياً يتراوح بين 200 و400 دينار.

ويتم تغطية هذا العجز عادة عبر:
• الاستدانة من البنوك أو الأصدقاء.
• العمل الإضافي أو المشروعات الصغيرة.
• تقليص النفقات الأساسية أو الترفيهية.


العوامل المؤثرة في زيادة المصروفات
1. ارتفاع الأسعار بشكل متواصل دون رفع موازٍ للأجور.
2. غياب ثقافة الموازنة المالية لدى الأفراد والأسر.
3. أنماط استهلاك مفرطة تشمل التدخين والوجبات الجاهزة والوقود الخاص.
4. ضعف الاعتماد على النقل العام وارتفاع كلفة التنقل الفردي.
5. التوسع في القروض الاستهلاكية قصيرة الأجل.

التغيير في نمط الحياة كحل عملي

التغيير السلوكي هو وسيلة مباشرة لتحسين الوضع المالي والمعيشي للفرد.

ويشمل ذلك:
• وضع ميزانية شهرية واقعية.
• تحديد أولويات الإنفاق.
• الاستفادة من العروض الشرائية والتطبيقات الذكية.
• ترشيد استهلاك الطاقة والنقل.
• اعتماد أسلوب حياة صحي خالٍ من التدخين والعادات المكلفة.

أثر التدخين على الدخل الفردي

إن متوسط إنفاق المدخن الأردني بين 75 و100 دينار شهرياً، أي ما يعادل 15% إلى 20% من دخله.
• الإقلاع عن التدخين يوفر سنوياً نحو 900 إلى 1200 دينار، وهو مبلغ يمكن استثماره في الادخار أو التعليم أو مشروع صغير.
• التدخين لا يؤثر فقط على المال، بل يؤدي إلى تكاليف علاجية غير مباشرة تضعف قدرة الأسرة على الاستقرار المالي.

الحملة الوطنية للتوعية في أعباء التدخين المالية والصحية

تهدف الحملة إلى تعزيز الوعي الصحي والاقتصادي عبر تشجيع المواطنين على الإقلاع عن التدخين، وإبراز أثر القرار على الصحة والدخل معاً.

أهداف الحملة:
1. خفض نسبة المدخنين بنسبة 10–15% خلال عامين.
2. توعية الأفراد بالعائد المالي الناتج عن الإقلاع.
3. تقديم الدعم النفسي والطبي عبر عيادات مختصة وخدمات إلكترونية.
4. إطلاق تطبيق ذكي لحساب الوفورات المالية وعدد الأيام بلا تدخين.
5. إشراك البنوك والاتصالات في حوافز رمزية للملتزمين بالإقلاع.


مشروع Park & Ride ودوره في التوفير

يمثل مشروع “Park & Ride – اركن واركب” نموذجاً عملياً لتغيير نمط التنقل اليومي وخفض الإنفاق الشهري.
• يقلل كلفة الوقود والمواقف بنسبة 40–60% شهرياً.
• يخفف الازدحام ويحد من استهلاك المركبات الخاصة.
• يعزز النقل العام الحديث مثل Amman Bus وBRT.
• يساهم في تحسين البيئة الحضرية وتقليل الانبعاثات.


التوصيات العملية

1. تبني سياسات تحفيزية لتشجيع السلوكيات الموفّرة مثل الإقلاع عن التدخين واستخدام النقل العام.
2. إدراج التوعية المالية والصحية ضمن البرامج المدرسية والإعلامية.
3. إطلاق منصات رقمية لتثقيف المواطنين بطرق إدارة الدخل والمصروف.
4. تعزيز الشراكات المجتمعية بين الحكومة والقطاع الخاص في الحملات التوعوية.
5. تحفيز الادخار الصغير كوسيلة لبناء الأمان المالي للأسر ذات الدخل المحدود.


إن معالجة الفجوة بين الدخل والمصروف يتحقق من خلال تغيير نمط الحياة ليصبح أكثر وعياً وتنظيماً.

قرارات بسيطة مثل الإقلاع عن التدخين، ترشيد الطاقة، والتخطيط المالي الواعي يمكن أن تُحدث تحولاً حقيقياً في حياة المواطن الأردني.

وللحديث بقية ..