facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




الأمن السيبراني: درع الأمة الرقمية ودعوة لتأسيس مجلس عربي


أ.د مخلد الطراونة
07-11-2025 01:46 AM

في عصر تحولت فيه البيانات إلى نفط جديد، والمعاملات إلى تيارات إلكترونية لا مرئية، لم يعد الأمن مجرد حدود جغرافية يحرسها جنود وحراس، بل امتد ليشمل ذلك الفضاء اللامتناهي الذي نسميه "الفضاء السيبراني". هنا، حيث تتدفق ثروات الأمم ومعلوماتها الحساسة، يبرز الأمن السيبراني ليس كخيار تقني، بل كضرورة استراتيجية وجودية، خاصة للكيانات الاقتصادية التي تمثل عصب الحياة وقلب النبض التنموي في الوطن العربي.

فتكمن أهمية الأمن السيبراني للكيانات الاقتصادية الوطنية في قدرتهم على تحقيق عدة أهداف حيوية: منها على سبيل المثال لا الحصر، حماية الأصول والبنى التحتية الحرجة فمثلا تشكل البنوك والمنشآت النفطية والغازية وشركات الاتصالات والطاقة العمود الفقري للاقتصاد العربي.

أي اختراق لهذه المنظومات يمكن أن يؤدي إلى شل حركة الاقتصاد، وتوقف الخدمات، وخسائر فادحة لا تقاس بالمال فقط، بل بثقة المستثمرين والمستهلكين. فضمان استمرارية الأعمالمن اولويات الامن السيبراني فالتهديدات مثل برامج الفدية يمكن أن توقف عمليات الشركة لأيام أو حتى أسابيع هنا يبدو الأمن السيبراني الفعال هو ضمانة لاستمرارية العمليات الحيوية وحماية سلسلة التوريد من الانهيار. والحفاظ على السيادة الاقتصادية والبيانات الوطنيةايضا من ركائز الامن السيبراني فالبيانات المالية للدولة والخطط الاقتصادية واستراتيجيات التنمية تمثل أسراراً وطنية عليا.

حمايتها من التجسس الاقتصادي أو السرقة هي مسألة سيادة بامتياز، تضمن للدولة حرية قرارها الاقتصادي. وتعزيز الثقة في الاقتصاد الرقمي: يعد هدفا رئيسا للسياسات الامنية هنا يمكننا القول بأنه لا يمكن لأي تحول رقمي أن ينجح دون بيئة آمنة موثوقة.

حماية المعاملات الإلكترونية والدفع الرقمي وبيانات العملاء هي الأساس لبناء اقتصاد رقمي عربي قوي ومنافس عالمياً.

والالتزام بالتشريعات العالمية يحتم علينا سياق تشريعات تتواكب والتشريعات والمقاييس العالمية فمع تزايد التشريعات العالمية حول حماية البيانات مثل (GDPR)، يصبح الامتثال لهذه القوانين بوابة الدخول إلى الأسواق العالمية.

الأمن السيبراني هو الوسيلة لضمان هذا الامتثال وتجنب العقوبات الدولية. فارى بان التحدي المشترك يستدعي رداً عربياً موحداً. ومن واقع خبرتي المتواضعه ارى بان بلداننا العربية تواجه تهديدات سيبرانية متطورة ومنظمة، لا تعترف بالحدود. المهاجم الذي يستهدف بنكاً في اي من المنظومة العربية قد يعمل من خادم في قارة أخرى.

هذا التداخل والتشابك في التهديدات يجعل من الدفاع المنفرد لكل دولة كبناء سور في مواجهة فيضان. إنه تحدٍ وجودي مشترك، يستدعي حلاً جماعياً.

من هنا.. اوجه نداءا لتأسيس "المجلس العربي للأمن السيبراني". فإن الحاجة الملحة تدفعنا إلى الدعوة لانطلاقة مبادرة عربية رائدة، هي تأسيس "المجلس العربي للأمن السيبراني"، ليس ككيان استشاري فحسب، بل كهيئة تنفيذية فاعلة، تكون مراكز الأمن السيبراني الوطنية في كل دولة عربية تابعة له تنظيمياً وفنياً، على أن يقوم هذا المجلس على الأسس التالية:

1. توحيد الأطر والمعايير: وضع أطر حوكمة موحدة للأمن السيبراني مستوحاة من أطر مثل NIST) أو ISO 27001 ) ولكن مصممة خصيصاً لملاءمة البيئة التشريعية والاقتصادية العربية، لضمان لغة أمنية مشتركة ومستوى حماية متجانس.
2. توحيد المقاييس والإجراءات: تطوير مقاييس وتصنيفات عربية موحدة لتقييم مستوى النضج السيبراني للكيانات الوطنية، وإجراءات موحدة للاستجابة للحوادث والتدقيق الأمني.
3. إنشاء منصة عربية لتبادل المعلومات والاستخبارات: إنشاء مركز عمليات سيبراني عربي مشترك لتلقي وتحليل ومشاركة معلومات التهديدات (Threat Intelligence) بين الدول الأعضاء فورياً، لتحذير بعضنا البعض قبل وقوع الهجمات.
4. بناء القدرات وتأهيل الكوادر: إنشاء أكاديمية عربية متخصصة للأمن السيبراني، لتخريج كوادر عربية مؤهلة وفق أعلى المعايير، وإجراء تدريبات ومحاكاة هجمات مشتركة لرفع مستوى الجاهزية.
5. التنسيق السياسي والدبلوماسي: تمثيل الموقف العربي الموحد في المحافل الدولية المتعلقة بحوكمة الفضاء السيبراني، والدفاع عن المصالح الأمنية والاقتصادية العربية بشكل جماعي.

وبناءً على ما سبق لم يعد خيار التعامل المنفرد مع التهديدات السيبرانية مجدياً. إن أمننا السيبراني الوطني جزء لا يتجزأ من أمننا القومي العربي الشامل.

إن تأسيس "المجلس العربي للأمن السيبراني" ليس رفاهية، بل هو استثمار في سيادتنا الرقمية، ودرع واقٍ لاقتصاداتنا الناهضة، وجسر أساسي نحو تحقيق التكامل والريادة الرقمية التي نطمح لها.

فلنعمل معاً، حكوماتٍ ومؤسساتٍ وقطاعاتٍ خاصة، لتحويل هذا النداء إلى واقع ملموس. فلنجعل من فضاءنا السيبراني ساحة للتعاون والابتكار والمنافسة الآمنة، لا ساحة للهجوم والضعف. معاً، نصنع درع الأمة الرقمية.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :