الولاية العامة لمجلس الوزراء .. بين النصوص والممارسة
الدكتور محمد المعاقبة
08-11-2025 11:13 AM
تُعد الولاية العامة لمجلس الوزراء في الأردن من أبرز المفاهيم الدستورية التي تحدد آليات إدارة الدولة وشؤونها، وتمارس من خلالها السلطة التنفيذية اختصاصاتها المحددة دستورياً. فمنذ صدور الدستور الأردني عام 1952، أُنيطت بالحكومة (مجلس الوزراء) صلاحيات واسعة تخوّلها الإشراف على شؤون الدولة الداخلية والخارجية، ضمن منظومة دستورية وقانونية تُحمّل مجلس الوزراء مسؤولية دستورية وسياسية أمام مجلس النواب.
وبحسب المادة 45 من الدستور الأردني، يتمتع مجلس الوزراء بالولاية العامة على جميع شؤون الدولة، باستثناء ما أُسند بنص خاص إلى جهة أخرى. وتشمل هذه الولاية تنفيذ السياسة العامة للدولة، إعداد الموازنة العامة، واقتراح مشاريع القوانين، إلى جانب إدارة الأجهزة التنفيذية. ولا يمتد اختصاص الحكومة إلى بعض المواقع السيادية التي باتت تُمارس من خلال صلاحيات مقيّدة بموجب التعديلات الدستورية ٢٠٢٢
ولا تقف حدود المسؤولية الوزارية عند هذا الحد؛ إذ تُحمّل المادتان 46 و47 رئيس الوزراء والوزراء مسؤوليتين مشتركة وفردية أمام مجلس النواب، في إطار علاقة رقابية تُقرّها نصوص دستورية واضحة ترسّخ مبادئ الفصل والتوازن بين السلطات. فكل وزير مسؤول عن أعمال وزارته، بينما تتحمل الحكومة مجتمعة مسؤولية تنفيذ برامجها الواردة في البيان الوزاري الذي تطلب على أساسه ثقة مجلس النواب.، وعمليا، فتفترض الممارسة السياسية أن مجلس الوزراء يلعب دوراً محورياً في رسم السياسات العامة واتخاذ القرار. ويتمتع رئيس الوزراء، بحكم موقعه، بصلاحيات واسعة تخوّله توجيه العمل الحكومي وضبط إيقاع الأداء العام للدولة. ومع ذلك، تبقى ثقة مجلس النواب شرطاً أساسياً لاستمرار الحكومة في أداء مهامها، وهو ما يعزز الطبيعة البرلمانية للنظام السياسي الأردني في المحصّلة، تعكس مسألة الولاية العامة لمجلس الوزراء في المملكة الأردنية الهاشمية توازناً دقيقاً بين النصوص الدستورية والممارسة الواقعية. إذ يحدد الدستور إطاراً واضحاً لصلاحيات الحكومة، وجوهر عمل السلطة التنفيذية المتمثل في إدارة كافة شؤون الدولة واتخاذ القرارات اليومية والإستراتيجية ، التي تمس حياة المواطنين عبر سياسات اقتصادية وتنموية وخطط مدروسة. أما التركيز على الجولات الميدانية مع أهميتها لمعالجة مشكلات عارضة، وهي بالمناسبة قضايا يمكن التعامل معها من المستويات المحلية كالمحافظين ومديري الإدارات، فلا يمكن أن تكون بديلاً عن الدور الاستراتيجي المنوط بالحكومة .