يتساءل السيد موسى الصبيحي عبر صفحته على فيس بوك فيقول:" هل ثمة ما يمنع "الضمان" (ويقصد الضمان الاجتماعي) من الاستثمار خارج المملكة ؟.
وبين يدي سؤال العارف يجيب الصبيحي عن سؤاله بجواز ذلك، معززا إجابته بأن المادة(9 / أ) من نظام صندوق استثمار أموال الضمان...تسمح لمجلس إدارة المؤسسة بناءً على تنسيب من مجلس الاستثمار الموافقة على الاستثمار خارج المملكة شريطة موافقة مجلس الوزراء على ذلك .وفي السياق ذاته يشير الكاتب إلى توصية قدّمها منتدى الاستراتيجيات الأردني للضمان.. مفادها أن يقوم صندوق استثمار أموال الضمان بتخصيص نسبة تدرجيّة لا تزيد على ( 15%) من محفظته الكلية للاستثمار خارج المملكة.
وهنا أتساءل أنا أيضا بصفتي مواطنا أردنيا يشعر بالقلق إزاء مستقبل أموال الضمان، قلق يشبه قلق قروية تملك دجاجة، تتقبل أن يسطو اللصوص الصغار على بيضها بين حين وآخر، لكنها لا تتصور أبدا أن تفترس الثعالب الدجاجة نفسها، فخسارة البيض يمكن تعويضها، أما الدجاجة فلا؛ لذلك نجد عجائز القرى يرجمن باب القن (الخم) بما تيسر من الحجارة لحماية أم البيض ، وأنا أؤمن تماما باستراتيجية حماية (الخم)... ثم أسأل من لديه الجواب: أين سيكون مكان هذا الاستثمار إذا ما قدر له أن يكون، وهل سيتوزع البيض على قلته في سلة دولة واحدة أم في دول عدة، وهل هذه الدولة أو تلك الدول أمينة على أموالنا، وهل نحن في مأمن من التصنيف الإرهابي لأي من حكوماتنا المستقبلية أو قوانا السياسية والحزبية التي ستعمل على الساحة الوطنية، لا سيما أن منتهى برنامج الإصلاح السياسي الموعود سيؤول في نهاية المطاف إلى حكومات برلمانية بالكامل تقودها الأحزاب الفائزة بالأغلبيات.
ألا يمكن أن يكون مصير أموال الأردنيين وادخاراتهم في مؤسسة الضمان الاجتماعي وصندوقها الاستثماري عندئذ في مهب الريح، ولعلنا عاصرنا وشاهدنا تجميد مئات المليارات لكثير من الدول لأسباب سياسية غير مقنعة، هدفها الدخول في بيت الطاعة، وتنفيذ بعض الإملاءات التي قد تكون فوق السقف الذي يحفظ الحد الأدنى من السيادة الوطنية.
وإذا ما تجاوزنا كل ما سبق، وعدنا لنفتش في خياراتنا الوطنية عن سياق استثماري آمن في قطاعاتنا الاقتصادية التي لا نفتأ ليل نهار ندعو المستثمرين الأجانب للدخول إليها، وضخ أموالهم فيها، وتقديم جملة من التسهيلات الحكومية على مستوى العمالة، وخدمات البنية التحتية والإعفاءات الضريبية... هل عجزت المؤسسات المعنية بالاستثمار عن ذلك، أين وزارة الاستثمار، وقبلها هيئة الاستثمار، أين هذه المؤسسات من خلق فرص استثمارية حقيقية، وترويج هذه الفرص داخليا وخارجيا، أين هي نتائج الشراكات الاستثمارية بين القطاعين العام والخاص التي عزف عليها موسيقيونا لسنوات طويلة خلت...أين وزارة التخطيط من كل ذلك، وهل هي بمنأى عنه، وأين محركات الاستثمار، وأين الإمكانات الواعدة في كل قطاع من قطاعاتنا الوطنية...
أتساءل عطفا على التساؤلات السابقة ... إذا كنا قد عجزنا طوال السنوات الماضية عن استثمار وتنمية بضعة مليارات من الدولارات هي حصيلة عرق وتعب الفئة العاملة في الأردن لعشرات السنين، فكيف يجدر بنا أن نكون بيئة استثمارية جاذبة وناجحة، ووجهة آمنة لاستثمارات كبيرة نأمل أن تتدفق علينا من الخارج لدفع عجلة الإنتاج الاقتصادي في ميادين التنمية، وخلق فرص عمل والقضاء على مشكلتي الفقر والبطالة.
نحن أمام تحد صعب يستدعي البحث عن أدوات جديدة، وإداريين جدد، وميادين تنموية جديدة، وسياسات إدارية واقتصادية جديدة، وخلق جهاز رقابي جديد قادر على مكافحة الفساد ووقف المحسوبية والحد من التوسع في استرضاء مراكز النفوذ الداخلي والخارجي على حساب المصلحة العامة والاقتصاد الوطني، والالتزام بالعمل الجاد لتحقيق الأهداف المنشودة في مدد زمنية محسوبة، لأن الوقت ليس في صالحنا جميعا.