التنين المقيّد: هل ستتحوّل الصين إلى قوة عظمى في عالم متعدد الأقطاب؟
د. بركات النمر العبادي
10-11-2025 11:53 AM
في زحمة العولمة، حيث تتسارع الدول نحو صراعات النفوذ والسيطرة، يقف التنين الصيني – المثقل بقيود داخلية وإقليمية – يتأمل العالم بحذر، هو بيقظة إمبراطورية قديمة، توئن تحت الحاجة للتوازن بين الانفتاح والهيمنة، بين القوة والاعتراف.
صحيح أن الصين لم تكتفِ بالبناء الاقتصادي، بل سعَت إلى نسيج جديد من العلاقات ، يربط بين البُنى التحتية والقيم ، وبين الأوردة والطرق والسياسات.
لكن ما يميز هذا التحول هو واقعية القوة والاعتراف ، وتعامل الدولة مع قيودها كما لو كانت رقصة استراتيجية : توقيت صحيح ، وخطوات محسوبة ، ونشاط دائم في الظل ، فهل تُصبح هذه الواقعية بصمة التنين المقيّد ، فتُنشئ قوة عظمى في نظام عالمي جديد؟
وهنا يكمن السؤال : كيف يُدير صانعو السياسات الأمريكية والروسية والإقليمية هذا التنين ؟ وكيف يُواكبون رؤيته ؟ ، وما دور القوى الأخرى — كالاتحاد الأوروبي ، والهند ، والبرازيل — في رقعة الشطرنج الكبرى؟ , ويؤكد خبراء السياسة في هذا الشأن على مايلي :
أولًا: رؤية الصين لنظام عالمي متعدد الأقطاب
تبنّت بكين مبادرات كـ"المبادرة العالمية للحضارة" (GCI) و"مبادرة التنمية" ، للترويج لنظام عالمي يُحترم السيادة ويُراجع المؤسسات الدولية تحت شعار التعددية والمساواة بين الحضارات Wikipedia. هدفها : تعليم العالم أن الصين ليست «انقسامًا» بل احتمالية للنظام الجديد.وتحاول بكين أن تسوّق نظرتها لعالم لا تُهيمن فيه قواعد الغرب على الجميع ، بل يُشارك الجميع في صياغة القواعد ، كن نُقّاد يرون أن هذا الخطاب ما هو إلا واجهة شرعية لمنافسة استراتيجية حادة مع الولايات المتحدة Security ConferenceSecurity Conference.
ثانيًا: مصادر القوة الصينية – ماذا تملك وما تخطط؟
الاقتصاد والربط المواصلاتي: 1- مبادرة "الحزام والطريق" تربط الصين بأكثر من 140 دولة في مشاريع إنشائية واستثمارية، تُعزّز نفوذها الاقتصادي والسياسي دون إنشاء قواعد عسكرية واضحة Eurasia ReviewWikipedia. 2- تعمل على تعميم استخدام اليوان كعملة احتياط عالمية بديلة للدولار ، رغم أن نصيبه حاليًا أقل من 3 ٪ من الاحتياطات الدولية Eurasia Review. .
التكنولوجيا والعلوم : تتصدر الصين السباق العلمي في مجالات المحاكاة الذكية ، والذكاء الاصطناعي ، والكمّ المتقدّم ، مع تقدم نحو مساواة الولايات المتحدة بحلول 2027–2028 في عدد القادة التحقيقيين arxiv.org.
القوة العسكرية والكوكبية : تقوم بتحديث متسارع لقدراتها الدفاعية والنووية ، وتوسع نفوذها في بحر الصين مع بناء قواعد اصطناعية، وتطوير صواريخ تفوق سرعة الصوت وأنظمة فضاء قادرة على تحدي التفوق الأمريكي scotstimes.co.ukSecurity Conference. .
المؤسسات متعددة الأطراف : توسعت الصين في مؤسسات كتكتّل BRICS وSCO، لتؤسس لبنية دولية بديلة للنظام الغربي التقليدي ، وتقدم نفسها كزعيم للعالم النامي Le Monde.fr. .
ثالثًا: الديناميات الثنائية والثلاثية بين القوى
• الولايات المتحدة تسعى للحفاظ على هيمنتها عبر تقوية التحالفات في آسيا والمحيط الهادئ، وفرض قيود تصدير للقطاعات التكنولوجية الحيوية نحو الصين theotherkevin.zoneregionalintegration.org. .
• روسيا رغم ضعفها الاقتصادي النسبي ، تستخدم الحرب في أوكرانيا والموارد الطاقوية لمعادلة النفوذ ، وتنسّق مع الصين تحالفًا مضادًّا للغرب iarpublisher.comWikipedia.
• بناء نظام متعدد الأقطاب ليس مجرد عدد من القوى ، بل يتطلب توزيع نفوذ ديناميكي—والصين تحاول تقديم نموذج جديد لقيادة اقتصادية – ثقافية بدلاً من الهيمنة التقليدية globarex.comSecurity Conference. .
رابعًا: هل الثورة الصينية نموذج إمبراطوري جديد أم "تنين مقيّد" فقط؟
التفسير
الصين كبيرة لكنها تواجه قيودًا داخلية: بطالة الشباب، الشيخوخة، الديون.
لديها المقومات الاقتصادية والتكنولوجية والعسكرية لتكون قطبًا عالميًا مستقلًا.
تحاول تقديم نفسها بوصفها قوة معتدلة ومؤسسة، ليس غازية، تظهر عبر مؤسسات بِيَرية.
الخيار
تنين مقيّد (مقيد داخليًا)
قوة عظمى متعددة الأقطاب
تسویه استراتيجية وثابتة
وبؤكد الخبراء ان الصين قريبة من أن تُصبح قوة عظمى لها حضور عالمي مؤسسي ، لكنها ليست مستعدة بعد أن تتخذ الطرق الصدامية المباشرة مع الولايات المتحدة مثل روسيا ، هي تمضغ قوتها بوعي ، و تتجنب صدامًا غير محسوب ، إنها التنين المحتفظ بقوته ، لكن بمحدودية الحركة.والصين في 2025 ليست فقط قوة صاعدة ، بل نموذجٌ لاستراتيجية تعتمد على التفكير المؤسسي الطويل ، انها تريد أن تتحول من "التنين المقيّد" إلى قوة عظمى متعددة الأقطاب، عبر: 1 - بناء بدائل إقتصادية مؤسسية كـBRI وIBI، 2- تعزيز دور اليوان العالمي، 3- تطوير قدرات تكنولوجية وعلمية تنافس الغرب، 4 - قيادة رؤية دولية جديدة قوامها السيادة والقِيَم الجماعية. ولكن عامل الاختبار الحاسم سيكون هو : هل تستطيع الصين الحفاظ على قوتها دون دخول حرب مع الولايات المتحدة ، ودون التضحية بتوازناتها الداخلية ؟ إذا أجابت بنعم ، فقد تصبح نموذجًا لاستراتيجية قوة جديدة في عالم يتعلم كيف تُدار الإمبراطوريات بالابتكار، لا بالترسانة وحدها.
حمى الله الاردن وسدد على طريق الخير خطى قيادته وشعبه