صرخة من أجل السودان الشقيق
السفير ماهر لوكاشه
15-11-2025 09:06 PM
سيدي الأمين العام،
ماذا تنتظرون لتفعيل الفصل السابع؟
رسالة موجهة إلى الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، ومن خلاله إلى الدول الأعضاء في مجلس الأمن
سيدي الأمين العام،
منذ أكثر من عامين ، والسودان يغرق في بحر من الدماء والدمار، في صراع لا يرحم بين طرفين عسكريين حول السلطة. لقد تحولت مدنه إلى أطلال، وشعبه إلى نازحين ولاجئين، وكرامته الإنسانية إلى مجرد إحصائيات في تقاريركم الدورية. إن حجم الكارثة يتجاوز حدود الوصف: ملايين المشردين، وعشرات الآلاف من القتلى، ومجاعة تلوح في الأفق تهدد حياة الملايين. أمام هذه الفظائع، يطرح سؤال واحد نفسه بإلحاح على الضمير العالمي: ألا يكفي كل هذا لتفعيل الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة؟
إن ميثاق الأمم المتحدة واضح لا لبس فيه. فالمادة 39 من الفصل السابع تمنح مجلس الأمن سلطة اتخاذ الإجراءات اللازمة متى قرر وجود “تهديد للسلم أو إخلال به أو كان ما وقع عملاً من أعمال العدوان”. وبناءً على التحليل القانوني والواقع الميداني، فإن الوضع في السودان لا يهدد السلم المحلي فحسب، بل يهدد السلم والأمن الدوليين بشكل مباشر. لقد أدت الأزمة إلى زعزعة استقرار منطقة القرن الأفريقي بأكملها، وتسببت في موجات نزوح عابرة للحدود، وفتحت الباب أمام تدخلات إقليمية ودولية تزيد من تعقيد الصراع.
لقد أقر مجلس الأمن نفسه في السابق، وتحديداً في قراراته المتعلقة بدارفور، بأن الوضع في السودان يشكل تهديداً للسلم والأمن الدوليين. واليوم، مع اتساع رقعة الحرب لتشمل العاصمة ومناطق أخرى، وتصاعد الانتهاكات التي ترقى إلى مستوى جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية، فإن الشروط الموضوعية لتفعيل الفصل السابع قد اكتملت. إننا لا نطالب بتدخل عسكري بالضرورة، بل نطالب بتفعيل كامل لآليات الفصل السابع، بدءاً من المادة 41 التي تتيح فرض عقوبات اقتصادية شاملة وحظر أسلحة فعال على جميع الأطراف المتحاربة، وصولاً إلى أي تدبير قسري يوقف آلة القتل.
ماذا تنتظر الأسرة الدولية؟
إن الإجابة تكمن في دهاليز السياسة الدولية المعقدة، وتحديداً في حق النقض (الفيتو) الذي تمتلكه الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن. إن الانقسام الجيوسياسي والمصالح المتضاربة لتلك الدول هي التي تشل حركة المجلس وتجعله يقف متفرجاً على المأساة. لقد رأينا كيف تم استخدام الفيتو لعرقلة حتى القرارات الإنسانية البسيطة، مما يؤكد أن العقبة أمام تفعيل الفصل السابع ليست قانونية أو إنسانية، بل هي عقبة سياسية بامتياز.
سيدي الأمين العام، إن دوركم يتجاوز تقديم الإحاطات والتحذيرات. إن التاريخ لن يرحم صمت أو تقاعس المؤسسة الدولية في لحظة كهذه. إننا على يقين بأن الاتفاق بين الأطراف المتحاربة في السودان بات بعيد المنال، وأن الإرادة السياسية الداخلية لوقف الحرب غير موجودة. لذلك، فإن المسؤولية الأخلاقية والقانونية تقع الآن على عاتق مجلس الأمن لتجاوز خلافاته وتفعيل الأدوات التي يمنحها إياه الميثاق.
إن تفعيل الفصل السابع ليس مجرد إجراء قانوني، بل هو رسالة واضحة بأن حياة المدنيين السودانيين لها قيمة، وأن المجتمع الدولي لن يقف مكتوف الأيدي أمام الإبادة والدمار. حان الوقت لكي يتحول القلق الذي تعبرون عنه في بياناتكم إلى فعل حاسم يوقف نزيف الدم.
أوقفوا القتل في السودان، وفعلوا الفصل السابع الآن.