يُعد التخطيط لسياسة التعليم العالي ورسم السياسة العامة والتوجيه الأكاديمي من أهم أهداف مجلس التعليم العالي، بالإضافة الى وضع السياسات لدعم البحث العلمي وربطه بالاوليات الوطنية والتنمية. ولكن ورغم أهمية هذه الأهداف، ما زلنا نفتقر إلى وجود تنسيق فعّال ومنهجي بين الجامعات الحكومية، ولا سيما بين عمداء الكليات في مختلف التخصصات.

إن غياب هذا التنسيق يحول دون تبادل الخبرات، ودراسة البرامج الأكاديمية بعمق، ومراجعة مخرجات التعلّم، ومناقشة الكفايات الأساسية التي يجب أن يمتلكها خريجو جامعاتنا، وهنا نتساءل:

 أين اللقاءات الدورية بين عمداء الكليات؟
 أين الحوار والعصف الذهني وتبادل الخبرات بين البرامج الأكاديمية؟
 أين النقاشات حول مخرجات التعلم، والكفايات، والمهارات التي يجب أن يمتلكها خريجونا؟
 أين التنسيق في استحداث البرامج الجديدة، ومعرفة التوجهات العالمية، ومتطلبات الاعتماد الدولي وتوحيد جهات الإعتماد الدولي؟
 لماذا لا يوجد إطار تعاوني مشترك لتنظيم الإجازات العلمية والتفرغ العلمي بين الجامعات الحكزمية لتبادل الخبرات والتمكين وبناء القدرات؟
 لماذا نرى إختلاف في الرؤية والرسالة والأهداف للبرامج المتشابهه بين الجامعات ومجرد تلاعب بالألفاظ بدون جوهر احيانا وبعيدة عن الواقع؟

الحاجة ملحّة اليوم إلى إطلاق وتنظيم لقاءات دورية، تستضيفها كافّة الجامعات الحكومية وبشكل متناوب، وتكون مساحة لتبادل الخبرات، والتشبيك البحثي، وتطوير البرامج، ومناقشة مخرجات التعلم، والتخطيط المشترك وتنسيق الجهود بين عمداء الكليات في مختلف التخصصات للارتقاء بتعليمنا العالي.

نريد أن يكون خريج الطب والصيدلة والهندسة والحاسوب، و ... في جميع جامعاتنا يمتلك نفس الكفايات الأساسية التي تؤهله لسوق العمل، وأن يكون هناك فهم مشترك حول جودة البرامج، واستحداث التخصصات، وتطوير المناهج، والتوجه نحو الاعتماد الدولي المناسب لواقعنا وتطلعاتنا. نريد من جامعاتنا الرائدة أن تأخذ بيد الجامعات التي تحتاج الى مساندة ودعم.

إن تفعيل هذه اللقاءات ليس خيارا وليس رفاهية ولا مبادرة إضافية، بل هي ضرورة وطنية لضمان توحيد المعايير، ورفع جودة البرامج، وتطوير مخرجات التعلّم لتكون ملائمة لسوق العمل، ولتمكين الجامعات الأردنية من مواكبة التطورات العالمية، وتحقيق التميّز في التعليم والبحث العلمي.

إن مستقبل طلبتنا وجودة تعليمهم مسؤولية مشتركة، وتفعيل هذا النوع من التنسيق هو خطوة أساسية على طريق التطوير الحقيقي. نأمل أن يصل هذا النداء إلى أصحاب القرار، وأن نشهد قريبًا خطوات عملية لترسيخ التعاون بين جامعاتنا الوطنية وتعزيز دورها الريادي.