من هو الأردني؟
المحامي الدكتور هيثم عريفج
19-11-2025 12:25 PM
في خضمّ النقاشات المتصاعدة حول الهوية والانتماء في وطن يشرق فينا قبل ان تشرق الشمس فيه ، يبرز سؤال جوهري يحتاج إلى إجابة واضحة: من هو الأردني حقًا؟ هل هو ابن العشائر ، ابن المدن ابن القرى؟.
هل تُحدَّد الصفة بعمق الجذور أم برقم وطني يُثبت المواطنة أم بانتماء حقيقي ؟
الحقيقة أبعد وأعمق من كل هذه التصنيفات.
فالأردني ليس أصله ولا لونه ولا دينه، ولا يُقاس بثقافة البادية وحدها ولا الفلاحين وحدهم ولا أهل المدن. الأردني منظومة قيم قبل أن يكون انتماءً بيولوجيًا أو جغرافيًا. هو هوية وطنية تجمع الاردنيين تتشكّل من تنوّع المجتمع لا من تقسيماته.
الأردني ليس صاحب الصوت العالي الذي يرفع شعار الوطن نهارًا ثم يخونه ساعة الحقيقة. وليس من يشتم المختلف، أو يحرّض، أو ينشر الفتن، أو يصنع الأزمات. فالوطن لا يُبنى على الصراخ ولا على الكراهية، بل على الأخلاق والعمل والمسؤولية. كما ان الاردني بالتأكيد ليس من يشتم الوطن او يحرض عليه وليس من يدعي الولاء لغيره او يضع مصالح الاردن في درجة ليست الاولى في سلم مصالحه وتراتبها
الأردني الحقيقي هو من يحافظ على الوطن ويجمع طاقاته، من يترجم حبّه إلى أفعال:
يدفع الضرائب ولا يمدّ يده إلى الخزينة،
يلتزم بالقانون ولا يعتدي على الطريق أو البيئة ، لا يخالف السير ولا يرمى النفايات ولا يسرق مياه الوطن او كهربائه لا حتى طرقه وممتلكاته. الاردني هو من يكشف الفساد لا يتستّر عليه.
هو المواطن الذي تظهر وطنيته في السلوك قبل الشعارات، وفي العمل قبل الخطاب، وفي الالتزام قبل الادعاء.
الأردني هو من يقول عند الحاجة: "ها أنا ذا"؛
الذي يقف إلى جانب وطنه ومؤسساته،
يدافع عنه، ينهض به، يبني، ويساهم في أمنه واستقراره.
هو الذي يفرح لفوز منتخب بلده لأن قلبه مرتبط بالأرض،
ويحزن على شهدائه لأنه يعرف معنى التضحية والانتماء.
الأردني هو الذي لا يقبل إساءة لوطنه، ويضع مصلحة الأردن فوق كل اعتبار،
لأن الأردن بالنسبة له ليس مكانًا يعيش فيه فقط،
بل وطنًا يعيش في داخله، وعشقًا راسخًا في روحه
عشق الاردن بلا رياء ولا تردد.